الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دعاء علي تكتب: ولا يزالون مختلفين

صدى البلد

الاختلاف حقيقة من الحقائق التى خلقها الله عز وجل اذ قال فى محكم آياته (ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين).. خلقنا الله مختلفين ليبحث كل منا عن ما ينقصه فى الاخر، فالاختلاف هنا يكمن فى ان تجد الذى ينقصك فى صديقك او زوجك او اخاك فلا يوجد انسان على وجه الارض يشبه الاخر لا فى اللون فلو شاء لجعل الناس لونا واحدا او جنسا واحدا او ديانة واحدة ولكنه عز وجل جعلنا مختلفين حتى يكمل كل منا الاخر.

فالله عز وجل خلق البشر فى المنظومة الكونية مختلفين فى الاشكال والالوان والعقائد والالسن واللغات فقال فى كتابه الحكيم (ومن اياته خلق السموات والارض واختلاف ألسنتكم وألوانكم) واختلافهم فى عقائدهم وايمانهم بالله فمنهم المؤمن ومنهم الكافر وكذلك سخر من البشر من يخدم الاخر لاجل مصلحته الخاصة وليس غريبا ان يختلف البشر فى الافكار والمعتقدات والعادات والتقاليد والتصورات ولكن الغريب هو محاولات البعض جعل الناس يؤمنون بفكر واحد وثقافة واحدة ونية واحدة وقيادة واحدة.

فمن الطبيعى ان يتمايز الناس عن بعضهم ويختلفون فى قدرة تحملهم للمسئوليات فكل انسان له قدرة تحمل تختلف عن الاخر ووسع وجهد بقدر الطاقة التى اعطاها الله لكل منهم فالاختلاف دليل على صحة المجتمع ليعود عليه بالنفع والاستفادة والتكامل. فقد اشارت اليه بعض المؤتمرات العلمية مثل مؤتمر لاهاى للقانون المقارن عام1936 ومؤتمر باريس عام 1951.

فهل يقبل كل منا اختلاف الاخر؟ وأقصد هنا ادب الاختلاف ومدى تقبله من شخص لاخر فهى مشكلة يعانى منها الكثير من البشر وهى اصل فكرة التنمر السائد فى الاونة الاخيرة، فالمتنمر هنا لا يقبل فكرة وثقافة اختلاف الاخر عنه وانها شيء طبيعى خلقه الله وله فيه حكمة قد نعلمها وقد لا نعلمها، فما ذنب انسان بشرته سوداء فهل خلق نفسه؟ وما ذنب آخر طويل او قصير او عربى او اعجمى او فقير او غنى او من عائلة بسيطة او عائلة كبيرة ؟ فذلك يرجع الى البيئة التى نشأ فيها والى الثقافة التى تربى عليها لان التربية لها اثر كبير فى تقبل فكرة الاختلاف بيننا، فانتشار هذا النوع من الثقافة وما نراه فى تدنى المستوى الفكرى للبعض يؤدى الى اغفال دور العقل وتعطيل قدراته ويؤدى الى ظهور جيل لا يعتمد على الحجة والدليل فى حكمه على القضايا الحياتية وانما يعتمد على سطحية الافكار التى نشأ عليها.

فاحترام الاخر من اخلاقيات التعامل فهى ليست مرتبطة بالاختلاف وحسب ولكنها مرتبطة بحقوق الانسان على اخيه فعند الخلاف تظهر الاخلاق فأحيانا الاختلاف ياخذ البعض الى سوء الظن وغيبة الاخرين وتصيد الاخطاء اثناء الحديث وعدم الموضوعية فى الحكم على الامور وانصاف الاخر فثقافة الاختلاف غائبة عنا ويجب علينا ان نعمل على عودتها وذلك بتنشئة الاجيال القادمة على تقبل اختلاف الاخر.