الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كابوس لم ينسه السعوديون على مدى 40 عاما.. بن سلمان يقضى على شبح حصار مكة.. تفاصيل وأسرار واقعة هزت العالم | صور

الحرم المكي
الحرم المكي

- العقيد مهدي الزواوي طيار عملية فك الحصار يروي التفاصيل
- السعودية استعانت بخبراء فرنسيين لإنهاء 14 يوما في حصار مكة
- سر ونص الفتوى التي طلبها الملك خالد من علماء السعودية
- كيف قضى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على شبح حصار مكة


تعمل قيادة المملكة العربية السعودية اليوم على عكس سنوات الركود الاجتماعي التي نشأت جزئيا عن حصار المسجد الحرام في مكة في نوفمبر 1979، ووفقا لما قاله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في مؤتمر «مبادرة الاستثمار في المستقبل» في العاصمة الرياض منذ عامين: «لقد عدنا إلى ما كنا عليه من قبل - دولة الإسلام المعتدل المنفتح على جميع الأديان والعالم».

وفي مقابلة أجريت العام الماضي، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، «قبل الثورة الإيرانية وحصار مكة هزت العالم الإسلامي، كنا مجرد أشخاص عاديين يتطورون مثل أي بلد آخر في العالم حتى أحداث عام 1979، وإذا كان هناك تاريخ محدد سيعيش في حالة سيئة، فهو يوم 20 نوفمبر»

اقرأ ايضا

في ذلك اليوم ، كان طيار مروحية تابعة للقوات الجوية الملكية السعودية العقيد مهدي الزواوي في الرياض عندما تم استدعائه إلى قاعدته في الطائف، على بعد حوالي 90 كم من مكة؛ حيث استولى أكثر من 200 مسلح على الحرم المكي وهو من مقدسات المسلمين، مدعين ظهور المهدي المنتظر، وذلك إبان عهد الملك خالد بن عبد العزيز، هزت العملية العالم الإسلامي برمته، فمن حيث موعدها فقد وقعت مع فجر أول يوم في القرن الهجري الجديد.

كانت جريمة القتل والفوضى قد اندلعت في قلب حرم الإسلام الطاهر في العاصمة المقدسة مكة المكرمة، ارتكبتها طائفة رجعية يقودها جهيمان العتيبي، عازمة على الإطاحة بالحكومة السعودية حينئذ؛ اقتناعا منها بأن محمد القحطاني كان من بين عددهم، وكان مظهره، وفقا للأحاديث المزعومة، يبشر بيوم القيامة.

وقف جهيمان العتيبي وبجانبه محمد عبد الله القحطاني، ليعلن أمام المصلين خروج المهدي، وطلب منهم مبايعة محمد القحطاني باعتباره المهدي الواجب اتباعه، وفي هذه الأثناء، قام مجموعة من الرجال التابعين له والذين تبين فيما بعد أنهم من 12 دولة مختلفة بينهم أمريكان وقاموا باستخراج أسلحة خفيفة من توابيت أدخلت قبل الصلاة باعتبارها تحوي على جثامين لموتى للصلاة عليهم في المسجد، ولكنها كانت معبأة بالأسلحة والذخيرة بدل من ذلك.

اقرأ ايضا 

تمكن المسلحون من إغلاق الأبواب وسد المنافذ الحرم والتحصن بداخله، فيما حوصر المصلين الذين كانوا داخل الحرم لتأدية صلاة الفجر بداخله الى ان تمكنت فئة منهم من الفرار، أما الباقون وكان يقدر عددهم بمائة ألف، فعلى ما يبدو أن الكثير منهم اضطروا بشكل أو بآخر إلى مبايعة محمد عبد الله القحطاني باعتباره المهدي المنتظر.

وعلى الجانب الآخر، أمرت السلطات، التي تتدافع للحصول على معلومات استخبارية حتى يتسنى لها الرد على الحادث، وحدة طائرات الهليكوبتر التابعة له بطيران رحلات استطلاع متواصلة خلال ساعات النهار فوق المسجد.

وكان الطيار الزواوي، والذي كان يطير على ارتفاع حوالي 300 متر فوق المسجد لأول مرة، قد صُدم بسبب الغياب غير المسبوق للمصلين في الفناء الكبير، وفقا للرواية التي عرضتها صحيفة «آراب نيوز» على لسانه.

وفي وقت لاحق، حلق على ارتفاع منخفض، رأى الزواوي أشخاصًا في المآذن يحاولون إطلاق النار صوبه لاستهدافه

وعلى الرغم من التخطيط المحكم للعملية، إلا أنها استهلت بمقتل أحد الحراس على يد أحد المسلحين المنفعلين، وهو أمر يمثل خرقًا واضحًا وعظيمًا لحرمة البيت الحرام. حيث يحرم سفك الدماء.

اقرأ ايضا
 
فيديو لرجل وفتاة في جدة يثير جدلا بالسعودية.. والسلطات تتحرك | شاهد

وألقى جهيمان خطبة عبر مآذن الحرم أثناء الحصار، وبثتها إذاعات مختلفة وجه فيها كذبا الاتهامات للأسرة الحاكمة، والاعتراضات على نمط الحياة العامة للناس، كما وجه دعوات إلى أهل مكة والقوات السعودية الخاصة التي تحاصر الحرم داعيا اياهم وفقا لزعمه الى التوبة والانضمام إلى المسلحين ومبايعة المهدي المزعوم.

في يوم 22 نوفمبر.. وفي الساعة الثالثة والنصف من صباحه، بدأت المدفعية السعودية في استهداف من احتلوا المسجد، ليس بالمتفجرات العالية بل بقذائف «الانفجار المفاجئ» المصممة لإحباط عمليات المتشددين الارهابية.

وتحت غطاء القصف، تمكنت القوات السعودية من الوصول إلى الجانب الشرقي من الصفا والمروة، وكانوا يأملون في اختراق بوابة السلام، في منتصف الطريق على طول المطوف، لكن فقد العديد أرواحهم

وبحلول نهاية 23 نوفمبر، أصدر علماء الدين السعوديون في نهاية المطاف نص الفتوى التي طلبها الملك خالد، حتى أصبحت يد المملكة غير مقيدة والقوة الكاملة بيدها، بعد إصدار فتوى تبيح اقتحام المسجد الحرام بالأسلحة تم الهجوم وتمكنت المملكة من إطلاق اللواء فالح الظاهري المدرع، أولًا، للامتثال للفتوى، وتم إعلان دعوة من قبل السلطات موجهة الى منفذي عملية اقتحام الحرم المكي للاستسلام، عبر مكبرات الصوت.

وعندما تم تجاهلها، أطلقت الصواريخ على المآذن، ما أدى إلى تحييد القناصة، وقصفت المدفعية فتحة في جانب الصفا المروة، وتوغلت ناقلات الجنود المدرعة من طراز M113 من خلال الفتحة ومن خلال بوابة مروة المدمرة بالفعل.

لم يتم إنهاء الهجوم حتى نهاية يوم 24 نوفمبر، بعد ساعات من القتال والخسائر الكثيرة في الارواح، لكن المعركة كانت من أجل المسجد الحرام ولم تنته وقتها

قام جهيمان والمتمردون الناجون، إلى جانب بعض الرهائن والسجناء الذين أسروا، بالتراجع إلى القبو، لأكثر من 225 غرفة متصلة تحت المسجد.

في الثاني من ديسمبر، طار ثلاثة مستشارين من النخبة الفرنسية GIGN إلى الطائف، حيث أحضروا معهم إمدادات من مادة كيميائية تعرف بـ CB، كانت عبارة عن غاز مصمم لتضييق عملية التنفس على مستنشقه بشكل خطير، وكان قاتلًا إذا تم تنفسه لفترة طويلة.

درب العملاء الفرنسيون أعضاء من الإدارة العامة للمخابرات السعودية على كيفية استخدام تلك المادة الكيميائية، وزودوهم بأقنعة غاز وبدلات كيميائية حتى يتمكنوا من حماية انفسهم أثناء إطلاق الغاز.

اقرأ ايضا 

كان التكتيك فعالًا جزئيًا واستغرق أكثر من 18 ساعة من القتال المرير الدامي قبل أن يتم اختراق المعقل الأخير في يوم الثلاثاء، 4 ديسمبر 1979م، 14 من شهر محرم 1400 هجريا - في العاشرة صباحًا - بدأ الهجوم واستمر حتى حلول المساء؛ وتمكنت قوة سعودية من الاستيلاء على الموقع المحتل من قبل المتمردين وتمكنوا من تحرير الرهائن في معركة خلفت نحو 28 قتيلًا من الإرهابيين، وقرابة 17 جريحا من قوات الأمن والمصلين، وتم إخراج الباقيين أحياء ومنهم الإرهابي جهيمان العتيبي منفذ الحادث.

اما القحطاني، الذي أعلن نفسه بأنه المهدي المنتظر، يُفترض أنه قُتل في اليوم الثالث أو الرابع من القتال، وعثرت القوات على آخر المتمردين الذين تجمعوا مع بعضهم البعض، محاطين بالتمر والماء التي هربوها إلى المسجد مع أسلحتهم.

في مساء يوم 5 ديسمبر، خاطب العاهل السعودي الاسبق الملك خالد شعب المملكة، وقدم شكره لله على الثناء على دعمهم له في عملية سحق الارهابيين الذين حاولوا الاستيلاء على المسجد الحرام

وفي اليوم التالي، كان عدد القتلى 127 من أفراد القوات. وأصيب 451 آخرون من زملائهم بجروح، على الرغم من أن أعدادًا كبيرة من الرهائن قد تم إطلاق سراحهم ومنهم من تمكن من الفرار و منهم من تم إطلاق سراحهم من قبل قوات الأمن.



وكان العدد الرسمي الأخير هو 26 قتيلًا، بمن فيهم السعوديون والحجاج من باكستان وإندونيسيا والهند ومصر وبورما، وأكثر من 100 جريح ومن بين المهاجمين البالغ عددهم 260، قتل 117 شخصًا - مات 90 حيث قاتلوا فيما توفي 27 آخرون متأثرين بجراحهم في المستشفى.

كانت عدالة السلطات للأسرى ناجزة، في 9 يناير 1980، أعلنت وزارة الداخلية السعودية أن 63 أسيرًا قد أُعدموا في ثماني مدن مختلفة.

وواجه جهيمان نفسه حكما بالاعدام لاجترائه على ارتكاب مثل هذه الجريمة في مكة في ذلك اليوم، وكان الثمن المدفوع لتحرير المسجد باهظًا - سواء من حيث عدد الأرواح المفقودة أو في الانعكاس المثير للحادث الذي أدى إليه

اقرأ ايضا

ووفقا للرواية التي عرضها رئيس تحرير صحيفة «آراب نيوز» فإن الحال تبدل في السعودية بعد حادث حصار مكة حيث فرضت الاجراءات الأكثر محافظة والتي ظلت إلى أن أزيلت في العهد الحالي، فقد حظر كبار رجال الدين السعوديين آنذاك فتح اي صالات للسينما او اقامة حفلات موسيقية باستثناء الموسيقى التقليدية؛ حتى تمكن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من تغيير تلك النتائج بفتح آفاق المجتمع إلى أرحب، قتل شبح حصار مكة الذي أثر في السعوديين على مدى أربعة عقود.