الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صانع الملوك من وراء الستار.. هل مارك زوكربيرج هو سيد البيت الأبيض الحقيقي؟

مارك زوكربرج ودونالد
مارك زوكربرج ودونالد ترامب

ما هي الميول السياسية لمؤسس ورئيس شركة "فيسبوك" Facebook مارك زوكربرج؟ ولأي اتجاه سياسي واجتماعي يدين بالولاء؟ هل هو ديمقراطي أم جمهوري؟ محافظ أم تقدمي؟ وما الدور الذي يلعبه في السياسة الأمريكية؟

إن ظننت أنها أسئلة هامشية لا يهتم بإجابتها سوى الملياردير الشاب وحده، فيجب أن تعلم أن قطاعًا كبيرًا من المجتمع الأمريكي وجمهور موقع التواصل الاجتماعي الأشهر في الولايات المتحدة وخارجها يطرحون الأسئلة ذاتها.

كشفت شبكة "إن بي سي" الأمريكية أمس الخميس أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استقبل زوكربرج في اجتماع سري وشخصي على مائدة عشاء في أكتوبر الماضي، وكان بصحبة زوكربرج مستشاره وعضو مجلس إدارة شركة "فيسبوك" بيتر ثييل.

وبحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية، اشتهر ثييل في أوساط المليارديرات الأمريكيين من رجال أعمال شركات وادي السيليكون بتأييده المطلق لترامب إبان الانتخابات الرئاسية عام 2016، وميله لتأييد الحزب الجمهوري وسياساته بشكل عام، فضلًا عن إدارته لشركة "بالانتير تكنولوجيز" الداعمة للرقابة الحكومية على الإنترنت.

وأضافت الصحيفة أن لقاء العشاء السري بين ترامب وزوكربرج في أكتوبر كان الثاني خلال شهرين، وقد أعقب عدة لقاءات بين زوكربرج وسياسيين ونشطاء محافظين في منزله بولاية كاليفورنيا.

ومؤخرًا، حذر زوكربرج العاملين في شركته من أن احتمال فوز المرشحة الديمقراطية وعضو مجلس الشيوخ إليزابيث وارن في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل سيكون بمثابة "تهديد وجودي" للشركة.

ربما توحي كل تلك الشواهد والقرائن بميول يمينية جمهورية محافظة لدى زوكربرج، لكن أقوياء الذاكرة يتذكرون جيدًا كيف كان زوكربرج قبل عام 2016 (عام فوز ترامب) مؤيدًا بحماس لسياسات فتح الأبواب للمهاجرين الأجانب واستيعابهم في سوق العمل، وهو موقف يتبناه الحزب الديمقراطي ويهاجمه الجمهوريون - وعلى رأسهم ترامب - باستمرار وبشراسة.

وشارك زوكربرج أكثر من مرة في "مواكب الفخر"، المسيرات المؤيدة لحقوق المثليين، وطبقت شركة "فيسبوك" سياسات داعمة لحرية تعبير المثليين عن أنفسهم، وهو موقف يتبناه الحزب الديمقراطي الأقرب للاتجاه التقدمي، ويناهضه بقوة الحزب الجمهوري الأميل إلى المحافظة.

وتابعت "الجارديان" أن زوكربرج تمتع بعلاقة صداقة قوية مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في عهد رئاسته، وقد ظهرا معًا في أكثر من مناسبة وفعالية، كما أجرى زوكربرج مكالمة مهمة مع أوباما بعدما كشف الموظف السابق المنشق عن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إدوارد سنودن أن الحكومة الأمريكية استغلت منظومة شركة "فيسبوك" الإلكترونية للتجسس على اتصالات شخصية.

وبحسب الصحيفة، ثارت عاصفة من الجدل الساخن العام الماضي، بعد الكشف عن استغلال شركة "كامبريدج أناليتيكا" المتعاونة مع حملة ترامب الانتخابية بيانات عشرات الملايين من الحسابات الشخصية على موقع "فيسبوك" لترويج دعاية مؤيدة لترامب، بفضل تقاعس إدارة "فيسبوك" عن حماية خصوصية البيانات الشخصية للمستخدمين، لكن ما لم يلتفت إليه كثيرون أن حملة أوباما الانتخابية استغلت بيانات ملايين الناخبين الأمريكيين على موقع "فيسبوك" لاستهداف جمهور الناخبين بدعاية مؤيدة لأوباما إبان الانتخابات الرئاسية عام 2012.

يمكن القول إن زوكربرج لا ينتمي إلى اتجاه سياسي أو اجتماعي بعينه، فهو يؤيد هذا الموقف أو ذاك بناءً على تقييمه لمصالحه، فهو مثلًا لا يؤيد فتح الأبواب لاستقبال المهاجرين من باب التعاطف الإنساني، وإنما لأنهم يشكلون قوة عمل رخيصة يمكن توظيفها في شركاته دون أن يتحمل كلفة باهظة لأجورهم.

ومن ثم لم يكن غريبًا أن يوطد زوكربرج علاقاته مع اثنين من أكثر رؤساء الولايات المتحدة تناقضًا فيما بينهما خلال فترات رئاسة كل منهما، سعيًا لتحقيق مصالحه ومصالح شركته، التي تجاهد بصعوبة للاحتفاظ بمكانتها بعدما فقدت بريقها خلال السنوات الأخيرة بسبب ظهور شركات ومواقع وتطبيقات منافسه ومغرية لجمهور مستخدمي الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.

وختمت الصحيفة بالقول إن قناعة زوكربرج الثابتة والأكثر خطورة تتمثل في أن ما يحقق مصلحة شركة "فيسبوك" يحقق مصلحة العالم بالضرورة، ذلك أن قلة اكتراثه بالأخلاق الإنسانية وإصراره على أن السياسة مجرد أداة يجب توظيفها لتحقيق مصلحة شركته واعتقاده أنه يعرف أكثر من الجميع، كل ذلك يبرهن على أنه سياسي بأسوأ معنى للكلمة.