الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تحليل | اتفاقية التجارة الحرة بين القاهرة وواشنطن بين مؤيد ومعارض ومكاسب وخسائر مصر

صدى البلد

يحل فى الأفق حاليا الاتجاه نحو عقد اتفاقية تجارة حرة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، والتى ظلت لسنوات طويلة ومنذ قبل عقد اتفاقية "الكويز"، وهى الاتفاقية التجارية الوحيدة بين مصر وأمريكا بمشاركة إسرائيل كطرف ثالث من خلال استيراد مكون إسرائيلى ليدخل فى المنتجات المصرية كمستلزم إنتاج بنسبة 10.5% كشرط الدخول للسوق الأمريكية، وكانت أمريكا تتلاعب بهذا الاتفاق لكسب مزيد من السيطرة الأمريكية السياسية على الشؤن المصرية من خلال وضع شروط بعينها كشرط لعقد الاتفاق فى ظل رفض الشأن المصرى أى تدخل خارجى، الأمر الذى أوقف الحديث عن تلك الاتفاقية.

ومنذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الرئاسة، أصبحت العلاقات المصرية الأمريكية على حد سواء من المصالح، خاصة بعد أن أصبحت مصر فى مكانة عالية فى خريطة الاستثمار العالمية وقوة اقتصادية متوازنة فى المنطقة راود مجتمع الأعمال الحلم بعقد اتفاقية تجارة حرة مع أمريكا، وهو ما أكد البعض أنه سيكون فرصة جيدة لتصدير منتجات صناعية وزراعية مصرية عديدة إلى تلك السوق، كذلك فإن التصدير إلى أمريكا يفتح الباب لتنمية قدرات الشركات الصناعية المصرية وتأهيلها للتصدير إلى جميع دول العالم، كذلك فإنه يساهم فى جذب استثمارات عالمية كبرى إلى مصر لتتخذ منها مركزا للتصدير إلى السوق الأمريكية دون رسوم جمركية.

تجميد الاتفاقية 2006.. ومطالبة الأمريكان باستئناف المفاوضات

الحلم الذى راود مجتمع الأعمال مع الحكومة المصرية، دفعهم إلى الدخول بجدية فى مفاوضات لعقد اتفاق تجارة حرة مع أمريكا، إلا أن تلك المفاوضات تم تجميدها عام 2006 بسبب قضايا سياسية، ولكن مطالبة الأمريكيين باستئناف المفاوضات لعقد اتفاقية تجارة حرة مع القاهرة تثير جدلا واسعا فى مجتمع المال والأعمال فى مصر حول مكاسب وخسائر اتفاق التجارة الحرة بين البلدين، وفى رأى البعض فإن الوصول إلى اتفاق تجارة حرة مع الولايات المتحدة سيغير خارطة الاستثمار، وسيشكل نقلة نوعية كبيرة للاقتصاد المصري وسيساهم فى زيادة الصادرات بشكل غير مسبوق، وفى رأى البعض الآخر، فإن عقد مثل هذا الاتفاق سيؤثر سلبًا على هيكل الميزان التجارى المصرى، وسيؤدى إلى دخول كثير من المنتجات الأمريكية دون جمارك، وهو ما لا تستطيع الصناعة المصرية منافسته فى الوقت الحالى.

مكاسب وخسائر الاقتصاد المصرى

يرى البعض من رجال الأعمال أن مجرد الإعلان عن بدء المفاوضات لاتفاق التجارة الحرة سيفتح الباب لكثير من الشركات العالمية لضخ استثمارات كبيرة فى مصر، ويقول إن هناك حاجة ماسة لتوفير فرص تصديرية كبيرة فى سوق كبيرة مثل السوق الأمريكية، ويشير إلى أن الدول التى وقعت اتفاقات تجارة حرة مع أمريكا شهدت ارتفاعا قياسيا فى صادراتها.

وأضاف أن مصلحة الاقتصاد المصرى تستلزم عمل اتفاق تجارة حرة مع أمريكا، وأن الخوف على الصناعة المصرية من الاتفاق غير مبرر بالمرة، خاصة أن لدينا اتفاق مشاركة مع الاتحاد الأوروبى، ومع تركيا ومع معظم الدول والتجمعات الإقليمية، ولم يؤد ذلك إلى انهيار الصناعة، وأن هناك تجارب مع دول عربية مثل المغرب والأردن التى لديها اتفاقات تجارة حرة مع أمريكا، ولم يؤد ذلك إلى توقف صناعاتها.

ويؤكد المؤيدون لعقد الاتفاقية أن هيكل الصناعة الأمريكية يختلف كثيرا عن هيكل الصناعة فى الصين، لأن الأمريكيين لا ينتجون كل شىء، وأن الوصول إلى اتفاق تجارة حرة ينهى الاعتماد على مكون إسرائيلى للاستفادة من الإعفاء الجمركى بالنسبة لصادرات الملابس مثلما هو متبع فى اتفاقية الكويز.

ونجد على الجانب الآخر معارضين لعقد اتفاق التجارة الحرة مع أمريكا لأنه من وجهه نظرهم سيخل بالميزان التجاري بين البلدين، خاصة أن كثيرا من السلع الأمريكية التى ستدخل إلى مصر دون جمارك لا يمكن منافستها، ويقول إن مراجعة الميزان التجارى بين مصر وأمريكا فى الوقت الحالى تكشف العجز الكبير بين الصادرات والواردات، وإن مضاعفة الصادرات لا تتطلب توقيع اتفاق تجارة حرة وإنما تتطلب تطويرا شاملا فى المنظومة الحاكمة للتصدير، وأن هناك دولا صغيرة تصدر إلى أمريكا بعشرة أضعاف ما تصدره مصر، وتلك الدول تعتمد على نظم متطورة وحديثة فى التعامل مع فكرة الصناعة من أجل التصدير.

ومن ثم فإن توقيع اتفاق تجارة حرة مع أمريكا لا يحقق مكاسب للصناعة المصرية بقدر ما يمثله من تحديات صعبة فى ظل أعباء عديدة تتحملها الصناعة الوطنية، وأن مصر سوق كبيرة تضم أكثر من 100 مليون مستهلك، وهو ما يجعلها سوقا مهمة لدى كثير من الشركات العالمية، والتى ستستغل الاتفاق فى تسويق بضائعها فى هذا السوق.

حجم التجارة والاستثمار بين مصر وأمريكا

ولمعرفة التطورات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية خلال الـ3 سنوات الماضية، نجد أن حجم التبادل التجاري بين مصر وأمريكا وصل إلى 5.7 مليار دولار خلال عام 2018، منها صادرات مصر 2.5 مليار دولار خلال عام 2018، حيث زاد خلال عام 2018 بنسبة 34% مقارنة بعام2017 الذى بلغ خلاله نحو 5.6 مليار دولار، وكان خلال عام 2016 يبلغ 4.8 مليار دولار، وكذلك صادرات مصر زادت خلال عام 2018 لتصبح 1.7 مليار دولار، بينما كانت خلال عام 2016 نحو 9 مليارات دولار وعام 2017 1.4 مليار دولار.

وسجل حجم الاستثمارات الأمريكية في مصر خلال عام 2018 بلغ 2.7 مليار دولار، موزع على 1306 شركات، حيث تعد أمريكا ثالث أكبر مستثمر أجنبي في مصر، وتأتي مصر في الترتيب الثاني في الشرق الأوسط كثاني دولة تتلقى استثمارات أمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

وفى عام 2019 الجارى، فإن حجم التبادل التجارى بين مصر وأمريكا زاد، حيث بلغت حجم الاستثمارات الأمريكية في مصر بنحو 3.2 مليار دولار، وسجل حجم التبادل التجاري 5.5 مليار دولار.

وفيما يتعلق بحجم التبادل التجارى فى إطار اتفاقية "الكويز" مع الولايات المتحدة الأمريكية، وصلت حجم صادرات مصر لأمريكا من خلالها الى 600 مليون دولار خلال عام 2019، كما بلغت حجم صادرات مصر من خلال نظام الكويز خلال عام 2018 لأكثر من مليار دولار.