إيمان منتصر تكتب: تمساح ديستويفسكي في الإسكندرية !!

هل ابتلع التمساح ديستوفيسكي نفسه؟ هل كان يتمني أن يبتلعه ويخلصه من آلامه ومن مسؤوليته عن زوجة تتألم ولا يستطيع زوجها الكاتب المعروف أن يوفر لها سوى معيشة في قبو مظلم؟

في يوم حافل بالنقاش الثري الدسم لأعمال الأديب الروسي دوستويفسكي نوقشت (قصة التمساح) بالمركز الثقافي الروسي بالإسكندرية ، بحضور القنصل Marat Gatin وعدد من النقاد والمثقفين الكبار.

واثرى النقاش د.نور الدين زين العابدين أستاذ النقد الأدبي والبلاغة المساعد بقسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب ، جامعة الإسكندرية ... مدير برنامج تأهيل معلمي اللغة العربية لتعليم الأجانب ، بمركز TAFL بكلية الآداب جامعة الإسكندرية . أثرى النقاش بدراسته المعنونة بـ (صدى السرد القصصي في أدب ديستويفسكي - قصة التمساح ) الذي رأى تناصا دينيا وفكريا بين قصة إيفان والتمساح من ناحية وقصة يونس -عليه السلام -والحوت من ناحية أخرى .

وأشار د نور عابدين إلى قيمة تعدد الأصوات السردية التي تجلت في الشخصيات التي وظفها ديستويفسكي في قصته ، كذلك نوه عن تغليف القصة بالإشارات الاقتصادية التي كانت بمثابة الشغل الشاغل للروس آنذاك وخاصة الرأسمالية والاشتراكية. والطبقة البرجوازية التي كانت تمثل معبرا لسماع الصوت الاقتصادي السوفيتي في أرجاء أوروبا.

كما شاركت د. كاميليا عبد الفتاح أستاذ الأدب والنقد المساعد بجامعة الباحة بالمملكة العربية السعودية، إذ أضاءت د. كاميليا الطريق للقراء عن قيمة النواحي النفسية في أدب الكاتب وقصته محور النقاش، كما تبحرت في رمزية الشخصيات باعتبارها المحرك الرئيس للقصة وخلفياتها الموغلة في التقدمية المرفوضة من قبل بعض المُنظرين التقليديين آنذاك .

وأدار اللقاء الإعلامية المبدعة مني عمر التي قادت دفة النقاش بشكل رائع . وقد أسهم في اللقاء كثير من النقاد والمبدعين بآرائهم الثرية التي أضفت قيمة للندوة .

وجدد القنصل مراد جاتين الدعوة لعقد لقاءات دورية بالمركز لخدمة الثقافتين المصرية والروسية في عام الثقافة المصرية الروسية ٢٠٢٠.

بدأ دوستويفسكي الذي رأى نور الحياة في عام ١٨٢١ ، بدأ بالكتابة في العشرينيّات من عُمره، وروايته الأولى المساكين وأكثر أعماله شُهرة هي الإخوة كارامازوف، والجريمة والعقاب، والأبله، والشياطين.

والعديدُ من النُقّاد اعتبروه أحد أعظم النفسانيين في الأدب العالمي حول العالم.وهو أحد مؤسسي المذهب الوجودي.

وواجه صعوبات مالية بعد أن سافر لبلدان أوروبا الغربية ولعب القِمار. ولبعض الوقت، اضطر فيودور للتسوّل من أجل المال، لكنه في نهاية المطاف أصبح واحدًا من أعظم الكُتّاب الروس وأكثرهم تقديرًا واحترامًا، وقد تُرجِمت كتبه لأكثر من 170 لغة. وكانت كتاباته تُقرأ على نطاق واسع داخل وخارج موطنه روسيا، وأثّرت على العديد من الكُتّاب الروس وغير الروس منهم نتيشه.

ومن المفارقات أنه كتب رواية التمساح داخل قبو مظلم وكانت زوجته آنذاك تحتضر .

الأحداث التي تواجه إيفان ماتيفيتش وزوجته إلينا إيفانوفا بالإضافة إلى الراوي عندما يُقرِّر الثلاثة زيارة تمساح للعرض يملكه رجل أعمال ألماني. يقوم إيفان ماتيفيتش بمضايقة التمساح والعبث معه، ولكنَّ التمساح يبتلع ماتيفيتش حيًا دون أن يصيبه أيَّ ضررٍ. يشعر إيفان ماتيفيتش بالراحة داخل أحشاء التمساح، ويرفض مالك الحيوان أن تُشَقَّ بطنه حتى يستطيع ماتيفيتش الخروج، ولم يأبه لنداءات زوجته المتكرِّرة. يطلب إيفان ماتيفيتش وهو داخل التمساح من الراوي أن يتفاوض مع رجل الأعمال على سعر ملائم مقابل الحيوان، ولكنَّه يطلب سعرًا ضخمًا، ولم يكن بإمكان الراوي وزوجة ماتيفيتش عمل أيَّ شيءٍ آخر. تنتهي القصة بإلينا إيفانوفا تُفكِّر في الطلاق، وإيفان ماتيفيتش يؤدي وظيفته في الخدمة المدنية بأقصى استطاعته من داخل التمساح.

حقا إنها كانت مناقشة رائعة واستحقت كل التقدير والثناء من جميع الضيوف.