الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. وليد جاب الله يكتب: بكين تؤسس للمستقبل

د. وليد جاب الله
د. وليد جاب الله

خلال رحلتي إلى الصين منذ أيام زرت واحدة من أكبر شركات الهندسة المدنية في العالم ويتركز نشاطها في مجال السكك الحديدية. هناك تجد أن الشركة حريصة بأن تبدأ الزيارة من متحف، ومعرض إنجازاتها التي يمتد عمرها لعقود في مجال إنشاءات السكك الحديدية، والأنفاق، والجسور حيث يرتبط تاريخ الشركة بتاريخ نهضة الصين على وجه العموم.

تُشاهد في المتحف ما كانت تستخدمه الشركة من آلات قديمًا، وخطوات تطورها إلى أن وصلت إلى أحدث تكنولوجيا في مجالها، لترى آلات حفر الأنفاق الحديثة، وتكنولوجيا بناء الجسور، وخطوط السكك الحديدية في كافة التضاريس حيث تفخر الشركة بمشروعاتها في أنحاء العالم، ومنها الكثير من المشروعات في إفريقيا، وقطار الحرمين بالمملكة العربية السعودية، وتعرض الشركة عدد كبير من الجوائز والأوسمة التي حصلت عليها من الكثير من دول العالم.

وللشركة مبنى رائع الفخامة استقبلنا به رئيس مجلس الإدارة وفريق من قيادات الشركة، حيث تحدث الرئيس عن إنجازات الشركة وإمكانياتها وتم عرض فيديوهات لسوابق أعمال الشركة عبر تاريخها، لننتقل بعد ذلك إلى مرحلة طرح الأسئلة من الحضور.

واللافت هنا ليست الأسئلة ولا الإجابات وإنما هو أن الرئيس أحال مُعظم الأسئلة لفريقة من القياديين الشباب، والذين أجابوا عن الأسئلة بكل بساطة وثقة تُعلن أن المُستقبل لتلك الشركة في يد شباب لن يستطيع أحدًا أن يوقفه.

وهكذا حال الصين بصفة عامة، فقد انطلق التنيين الصيني بقوة وسهولة تشعر من خلال حالة الرضا بين أفراد الشعب بكافة شرائحه. الجميع يعمل بخطى مُتسارعة بما فيها المرأة التي هي نصف طاقة المُجتمع، ربما تكون النساء في الغالب بدون غطاء رأس لكنهم أكثر احتشامًا من الكثير من نساء الشرق، تراهم بملابس عملية، وأحذية رياضية، وبدون ميكياج يتسابقن للذهاب لمؤسسات العلم والعمل. لا فرق عندهم بين رجل وامرأه، ولا تتعرض المرأة لأي مُضايقات في الشارع أو في العمل، لتقوم المرأة الصينية بدورها المُنتج لتكتمل الصورة للمُجتمع الصيني العامل بحب، والمُتطلع للمُستقبل.

وفي مُحاضرة ألقتها الدكتورة وو مينسو بجامعة cuc تحدثت عن رواية واقعية عبر ثلاثة أجيال رصدت بها تطور المُجتمع الصيني وكيف تحسنت أحواله من حيث السكن، والطعام، وطرق الانتقال، ووسائل الترفيه، وغيرها.

وبقدر تفهمي لما رصدته الرواية إلا أنني دار بذهني أن ما رصدته الرواية من تحسن لأحوال المعيشة في الثلاثة أجيال الماضية ليس حكرًا على المُجتمع الصيني، فالعالم بالكامل تحسنت أحواله بصورة ما بحكم طبيعة التطور، وبعد تفكير وجدت أن التطور حدث بالفعل في كل العالم، ولكنة كان في دول بفضل أمور مثل الاستخراجات النفطية، أو بيع المواد الأولية، أو الإيرادات سياحية، أما ما يُميز التطور الصيني أنه ليس هبه من الطبيعة، ولكنة ناتج عن عمل وجهد من شعب كافح لكي يكون تطوره وتطور الكثير من الشعوب في العالم مُقترن بعبارة (صُنع في الصين).