الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جلسات فكر17 المتخصّصة تناقش مستقبل التكنولوجيا في الوطن العربي

صدى البلد

تواصلت فعاليّات مؤتمر "فكر17" لليوم الثالث على التوالي بالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء"، وعُقدت ثلاث جلسات متخصّصة، تناولت الأفكار الاقتصادية التقليدية في ضوء التجارب التنموية الناهضة، وتوقّفت عند الأدوات الجديدة في كيفية معالجة مشاكل التنمية المستدامة، فضلًا عن الدور البالغ الأهمّية للمجتمع الأهلي في تجديد الفكر العربي.

انطلقت الجلسة الأولى تحت عنوان "نحو مفهوم جديد للتنمية" قدّم خلالها أمين عام المجلس الاقتصادي الأعلى سابقًا الدكتور ماجد عبدالله المنيف ورقة بحث بعنوان "منهج التنمية في رؤية المملكة 2030"، وأكّد فيها عودة الحياة إلى الفكر التنموي بعد نحو أربعة عقود من الجمود، وتسيّد فكر اقتصادي يُقصي المؤثّرات الاجتماعية والسياسية والبيئية عن التنمية، ويُعلي من آليات السوق. وشدّد على الحاجة إلى إعادة النظر في منهج التنمية في الدول العربية النفطيّة، مشيرًا إلى أنّ برنامج الإصلاح الحالي منذ بدايته هو أكثر عمقًا وشمولية، وأبعد تأثيرًا من الخطط السابقة، إذ تمّت إعادة هيكلية بعض الوزارات والأجهزة والمؤسّسات والهيئات العامّة وصناديق التنمية، وتمّ تأسيس عدد من الأجهزة الداعمة لإطلاق برامج الرؤية.

من جهته أوضح الأمين العام لمنظّمة الأقطار العربية المُصدّرة للبترول (أوبك) عباس علي النقي، أنّ نظام الطاقة العالمي يعتمد في الوقت الحاضر بشكل أساسي على الوقود الأحفوري (النفط والغاز والفحم)، وعلى مرّ السنوات الأخيرة المنقضية، شهدت إمدادات الطاقة المختلفة نموًا ملحوظًا في الحجم، إذ تمّ استغلال مصادر جديدة للطاقة، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجدّدة، ممّا أدّى إلى حدوث تطوّر سريع في مزيج الطاقة وتنوّعها.

ولفت النقي إلى أنّ تضمين رؤية المملكة 2030 موضوعَ استغلال الطاقات المتجدّدة، نابعٌ من الاهتمام الكبير لراسمي سياسات الطاقة، إذ من المتوقّع أن يرتفع مستوى الاستهلاك المحلّي للطاقة ثلاثة أضعاف بحلول العام 2030. وأوضح أنّ تبنيّ المملكة لسياسة التوسّع في استغلال الطاقات المتجدّدة دفعها للعمل نحو توفير التمويل المطلوب لتحقيق الانتشار الواسع للطاقات المتجدّدة.

واعتبر مؤسّس ورئيس أكاديمية الدكتور فهد السلطان للتدريب والاستشارات الدكتور فهد بن صالح السلطان، في مداخلته حول "إعادة الهيكلة في عصر الاقتصاد الخلّاق"، أنّ العصر الحالي هو عصر ثورة صناعية شرسة، تختلف جذريًا عن الثورات الصناعية التي سبقتها كلّها، بل ربّما تختلف في كنهها وطبيعتها عن طبيعة التاريخ الصناعي كلّه.

وأكّد أنّ المستقبل سيكون للأعمال الإبداعية الخلّاقة، لافتًا إلى أنّ الأعمال التجارية كانت هي الأكثر تطوّرًا في السنوات العشر الأخيرة مثل(مايكرو سوفت، غوغل، آبل، وسامسونغ وغيرها). وأكّد أنّ الإبداع لا يعتمد فقط على الذكاء والموهبة، بل على العمل المتواصل والجهد والمثابرة، كما لا توجد علاقة قوية وطردية بين الإبداع والبحوث والدراسات، إذ إنّ 78% من الإبداعات لم تأت من مراكز البحوث والدراسات.

وركّز المستشار الإقليمي في البرنامج الإنمائي للأمم المتّحدة بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد مراياتي، على مفهوم جديد للتنمية يأخذ أبعادًا مهمّة في ظلّ التغيّرات التي يشهدها العالم حاليًا، لافتًا إلى عدم وجود إجماع على المفهوم الجديد للتنمية وأهدافها، والعوامل الرئيسة لتحقيقها، لكنّ الجميع يقرّ بتغيّراتٍ في مفهوم التنمية ببعديها الاقتصادي والاجتماعي.

وأوضح أنّ تغيّرات عالمية كبيرة تؤثّر في مفهوم التنمية، وتطرح قضيّة ضرورة القيام بتغيير جذري في مفهوم التنمية وطنيًا وعالميًا، وخصوصًا التنمية الاقتصادية، مشيرًا إلى أنّ مفهوم التنمية الجديدة للاقتصاد في القرن الحادي والعشرين يتضمن منطلقات غير ماديّة، وأنّ من إجراءات تغيير مفهوم التنمية: تحديد أبعاد الرفاهية والسعادة.

من جهته قال المدير التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط الأستاذ حمد العمّاري، أنّ أيّ مجتمع ناجح توجد فيه ثلاثة أضلاع متساوية: قطاع حكومي، وقطاع خاصّ، وقطاع مدني غير ربحي، مؤكّدًا أنّ المملكة تدعم وتقود عملًا مبنيًا على توازن هذه الجوانب الثلاثة، وأنّ غياب الضلع الثالث(الدور الاجتماعي) في بعض الدول، أدّى إلى مزاوجة المال بالسلطة ونشوء الفساد.وتطرّق العمّري إلى رؤية المملكة المستقبلية، معتبرًا أنّ الكثير من الدول العربية تمتلك رؤى، ولكنها تفتقد إلى أدوات التنفيذ، بخلاف رؤية 2030 التي كانت سبّاقة في اعتماد آليّات وأدوات تنفيذية.

بعدها بدأت جلسة "الاقتصاد الرقمي" التي شارك فيها مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية الدكتور علي محمد الخوري، وكبير الاستشاريين في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور هشام بن عبّاس، والرئيس التنفيذي لشركة الإمارات للاتصالات المتكاملة عثمان سلطان، وشارك عبر (السكايب) الأستاذ في كلّية الحاسبات وتقنية المعلومات في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور عدنان مصطفى البار، وأدار الجلسة رئيس مجلس إدارة مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الكاتب جمال غيطاس.
تناول المشاركون في أوراق عملهم المؤشّرات والدراسات الصادرة عن مراكز البحوث،والتي اعتبرت أنّ الاقتصاد الرقمي سيصبح هو المحرّك الرئيس للنموّ والتنمية مستقبلًا .

من جانبه أشار الخوري إلى أنّ المعرفة والبحث العلمي والتعليم، فضلًا عن امتلاك المهارات البشرية ذات التخصّصات المعرفية الدقيقة، تُعدّ عناصر حيوية واستراتيجية، لا يمكن للمنظومات التنموية أن تكتمل من دونها.ولفت إلى أنّ الدول العربية تعاني من نزيفٍ حادّ في هذا المضمار ما بين هجرة العقول، وضعف العملية التعليمية ومخرجاتها، وعدم جدّية المؤسّسات العربية في تطوير المعرفة وتعزيزها، والعمل على تراكمهاوتوطينها.

وأكّد على أهمّية اعتماد وتشكيل فريق عمل أو هيئة موحّدة عربية لتنفيذ المشاريع والمبادرات حسب الأولوية، وإطلاق صندوق دعم الاقتصاد الرقمي العربي، وتفعيله عمليًا، وتمكين فريق العمل منه. وقال نحن نتحدّث عن حياة رقمية، وليس اقتصادًا رقميًا، فكلّ شخص أصبح وسيلة إعلامية، وله رأي في الحدث، ما حصل في العالم الرقمي دخلت فيه نماذج جديدة لتشارك في المحتوى الرقمي للأحداث، ويُعد ذلك من أهمّ التطوّرات الحاصلة في العالم الرقمي.

ورأى هشام عبّاس أنّ السعودية وضعت استراتيجية للاتصالات الرقمية تنسجم مع الرؤية الوطنية 2030،متطرّقًا إلى استراتيجية قطاع الاتصالات التي ركّزت على البنية التحتية، والتقنيات التقليدية، والتقنيات الناشئة.وأشار إلى أنّ العالم لم تحدث فيه أيّ نقلة نوعية منذ الثورة الصناعية الرابعة، ومنذ ظهور الإنترنت منذ أكثر من عشرين عامًا، متوقعًا حدوث ثورة تقنية أكبر في المستقبل.

وعرّف الدكتورعدنان البار في ورقته مفهوم الاقتصاد الرقميومميّزاته، بأنَّه ذلك النَّوع من الاقتصاد الذي يقوم في مجمل عملياته على المعلومات، ويستند في أغلب خطواته على استخدام تكنولوجيا المعلومات، والاتصالات التي ألغت كلّ الحدود والحواجز أمام تدفّق المعلوماتوالسلع والخدمات،مشيرًا إلى أنّ الاقتصاد الرقمي يتحقّق لدى المنشآت والمؤسّسات من خلال المنافع التي يمكن تحقيقها باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، معتبرًا أنّ أبرز التحدّيات الرقمية تكمن في الفجوة الرقمية ما بين الواقع والمأمول .

الجلسة المتخصّصة الأخيرة حملت عنوان "أيّ دور لهيئات المجتمع الأهلي في تجديد الفكر العربي؟" أدارها الرئيس التنفيذي لدار الحياة للنشر والتوزيع الأستاذ إبراهيم العلوي، فيما شارك نائب رئيس جامعة اللاعنف (أونور) الدكتور عبد الحسين شعبان بورقة بحثية حول المجتمع الأهلي، معتبرًا أنّه يختلف عن المجتمع المدنيالطوعي والذي لا يريد العاملون فيه الوصول إلى السلطة، كما أنّه لا يلجأ إلى العنف ويعمل تحت سقف القانون ولا يعارض الأنظمة السائدة، وإن احتاجت إلى تعديل أو تطوير.
وتحدّثت المديرة والمنتجة للبرامج هند طويصات عن مشاركة الشباب في هيئات المجتمع، وكيفية تعريفهم على حقوقهم، فالكثير من الشباب المُغرّب يتنازل عن حقّه الدراسي مقابل الدراسة المنزلية أو التعلّم من الفضاء الإلكتروني، ومع الجهود المبذولة من هيئات المجتمع المدني التي ارتفع عددها إلى 150 ألف منظّمة بحلول عام 2019، انخفضت نسبة البطالة إلى 9% مقارنة ب 16%، معتبرًا أنّه وكي تنجح جهود الهيئات، على الحكومات أن تركّز على قدرات الشباب وأن تساعدهم في صياغة أفكارهم على المستوى الذي تطمح إليه.

وأشارت رئيسة لجنة شؤون البيئة المهندسة مها البغلي إلى أنّ المجتمعات تتطوّر بمدى تبنيها لمفاهيم الشراكة المجتمعية، كما أنّ مؤسّسات المجتمع المدني تحتاج إلى تجديد الدماء، وإلى تمكين الشباب، مستشهدة بتجاربها الشخصية في تعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية.

وعرّفت الرئيس التنفيذي لشركة دروب البركة الوقفية سلاف بترجي المجتمع المدني على أنه ميدان تتعلّم فيه كل يوم، فهناك دائمًا تحدّ جديد وإنجاز جديد، مشيرة إلى أنّ مؤسّسات المجتمع المدني التي تستهدف التعليم والتعلّم، هي مشاريع تنموية اقتصادية قبل أن تكون إنسانية، هدفها الجوهري كسر دائرة الفقر في الجهل قبل الفقر في المال، وتسعى بالنهوض باقتصاد المجتمعات الثريّة بمواردها الإنسانية عن طريق تمكين عقل الإنسان.

واختتمت الجلسة بتجربة غنية عرضتها المديرة العامّة الأولى لشركة باب رزق جميل للتوظيف رولا باصمد، تناولت فيها المراحل التي مرّت بها الشركة، وتطوّرها حتى وصلت إلى 27 فرعًا تخدم طالبي العمل من الجنسين، ووفرت أكثر من 100 ألف فرصة عمل.

وشاركت الرئيس التنفيذي لمشروع ضاد للكتب الصوتية منار العميري بتجربتها في تأسيس منصّة إلكترونية لنشر وتوزيع المحتوى العربي لكلّ باحث عن طرق تعليمية سهلة، هدفها إثراء المحتوى الإلكتروني العربي، فرغم أنّ اللغة العربية تحتلّ موقعًا متقدّمًا من حيث عدد المتحدّثين بها، إلّا أنّها لا تزال هي الأقلّ من ناحية المحتوى الإلكتروني، وهذا ما يسبّب نزوح الناطقين بها عن القراءة، داعية إلى استكتاب الشباب عبر تكليف أشخاص بالكتابة حول مواضيع متنوّعة، ومن ثم تحويلها إلى مسموعة أيضًا على نهج منصّة ضادّ.