الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يحلم بالعالمية عبر موسوعة جينيس.. حكاية فنان شاب ينحت التاريخ على سن قلم رصاص.. أصغر نسخة لحجر رشيد ومسجد قبة الصخرة.. ورأس نفرتيتي في الطريق.. صور

صدى البلد

لا أحد ينكر أهمية وقيمة القلم الرصاص في حياتنا، فهو أول أداة أمسكنا بها في مقتبل العمر لنبدأ مشوار التعلم، لكن ربما لا يتخيل أحد أن القلم الرصاص قد يكون وسيلة فنان شاب للعالمية، وهي القصة التي كان متحف رشيد الوطني بقيادة سعيد رخا المدير العام أحد فصولها.

متحف رشيد نظم مؤخرًا ورشة من نوع مختلف تمامًا، حيث استضاف إبراهيم بلال وهو فنان تشكيلي شاب من أبناء رشيد، وكانت ورشته عن فن يكاد يكون نادرا في مصر، لكنه اقتحمه بمنتهي التحدي ونجح فيه، فن النحت علي سن القلم الرصاص.

ولأنه في حضرة متحف رشيد، فقد قام الفنان خلال الورشة بنحت أصغر نسخة في العالم من حجر رشيد، وذلك علي سن قلم رصاص، في مساحة صغيرة جدا لا تتجاوز 2 ملم، متحديا دقة سن القلم الرصاص وهشاشته وقابليته الكبيرة للكسر في أي لحظة.

ولأنها تجربة مثيرة، قمنا في صدي البلد بمحاورة الفنان بلال، والذي قال لنا إنه فنان تشكيلي يرسم منذ مدة طويلة، وتعاون مع متحف رشيد منذ عام 2016 في ورش لتعليم الفن التشكيلي لرواد المتحف، وكانت تجربة ناجحة وحققنا بها نتائج مبهرة.

وقال لنا بلال: بدأت النحت منذ حوالي سنتين، وكنت في البداية مجرد هاوي للموضوع ومتابع جيد له، وبعد ذلك طرأت لدى فكرة أن أحاول تنفيذه وقلت لنفسي "ليه لأ؟"، ورغم أنني رأيت الموضوع مستحيلًا لكنني بالفعل حاولت مرة واثنين وثلاثة، حتي نجحت في عمل أول منحوتة، واستفزني نجاحي حتي نحت الثانية والثالثة وبدأت أعتاد الأمر.

وتابع: فن النحت على سن القلم الرصاص نادر جدا وقليلين جدا في العالم الذين احترفوه، وهو فن مستحدث وأسعى لتعلمه والتعمق فيه أكثر، وعيني علي المنافسة به عالميا، وذلك لنؤكد أن مصر لديها أبناء مبدعون قادرون على المنافسة ليس علي المستوى المحلي بل عالميا أيضًا.

وقال لنا إنه تقدم بمنحوتة حجر رشيد لموسوعة جينيس للأرقام القياسية، وطلبي قيد النظر والمراجعة لديهم وسيردون علي في أقرب وقت ممكن، خاصة أنه ليست هناك أرقام مكسورة في هذا النوع من الفن، وأقوم حاليًا بالإعداد لعمل مجموعة من المنحوتات، كمحاولة لإحياء التاريخ المصري القديم، وبدأت بحجر رشيد، وأعمل حاليًا علي نحت رأس الملكة نفرتيتي وتمثال حاكم رشيد علي بك السلانكلي، كما أنني سأنفذ بإذن الله مجموعة من الآثار الفرعونية، وهدفي من ذلك "نعرف الغرب وأوروبا إننا كمصريين مش قليلين" .علي حد قوله.

وعن أبرز مصاعب هذا الفن، قال: دقة وصغر حجم سن القلم وبسهولة جدا معرض للكسر، وهو ما حدث معي بالفعل ذات مرة حيث انكسرت منحوتة أثناء ما كنت أقوم بتصويرها، وهو ما يستلزم دقة عالية جدا وأعصاب فولاذية أثناء العمل؛ لأن اهتزاز اليد ولو كان بسيطا يمكن أن يدمر عمل أسبوع، وتغلبت علي ذلك بالممارسة والتحدي لأنني لا أستسلم بسهولة، كما أنني تعلمت من أخطائي السابقة ودربت نفسي علي التحكم في ثبات يدي أثناء العمل، والحمد لله بدأت تتلاشى إلي أن وصلت للسيطرة الكاملة على الموضوع، وبدأت أشعر أن النتيجة مرضية لي إلي حد ما.

وعن الشيء الذي شده لهذا الفن الصعب، قال: كونه صعبا وبعض الناس يعتبرونه مستحيلًا، وبالنسبة لي كان تحديا قويا وأنا أحب التحدي، خاصة أنني وجدت محترفي هذا الفن علي مستوي العالم يعدون علي أصابع اليد الواحدة، وسرت بمبدأ "ما فيش مستحيل"، حتي صنعت أول منحوتة ومن بعدها كسرت حاجز المستحيل وشعرت بأنني قادر علي المضي بثبات في طريقي واحترف هذا الفن.

وكشف أنه أول من يحترف هذا الفن في مصر، خاصة أنه حتي الآن ليست هناك معرفة كافية بفن النحت علي القلم الرصاص، إما لضعف الثقافة الفنية عند بعض أو معظم الناس، وعدم اطلاعهم علي الفنون الحديثة والخارجة عن المألوف أو المعتاد، وربما ذلك أيضا بسبب بعض المثقفين الذين لا يعترفون بالفنون الجديدة، وكأن كل الفنون حكر علي أهلها وغير مسموح بأي فن خارج المألوف ويرفضون مثل هذا الفن، رغم أنه فن مشهور ومعروف عالميًا.

وقال إنه ينحت حاليًا علي سن الرصاص فقط لأنه نادر وشبه مستحيل، ويستخدم أدوات لا تخرج عن مشرط ودبوس وحقنة انسولين، ويستخدمها بحرص خاصةً أن الجزء الذي يعمل به هو أرفع وأعلى منطقة في سن حقنة الأنسولين!، والتي كما قال لا تري جيدًا بالعين المجردة.

وقبل حجر رشيد قال إنه نحت جمجمة وأنبوبة لون زيت ومسجد قبة الصخرة، والمدة التي تستغرقها كل منحوتة تختلف من بداية عملي للآن، وذلك بعد ما أصبح الأمر احترافيا بالنسبة لي، وأطول وقت كان لمنحوتة الجمجمة التي استغرقت مني 3 أيام من العمل، كما أنني قمت بنحت قلب وتصميمات لها علاقة بالفن التشكيلي الذي أمارسه واحبه.

وعن هذا الفن عالميًا، قال إن أشهر فنانيه في هولندا سالفات فيداي وفي تايوان شين شو لي وهما الأشهر عالميًا، وأنا علي تواصل مع شو لي، ويتابع أعمالي علي انستجرام، وكلامه إيجابي جدا عن منحوتاتي، وهو شخص متواضع إلي أبعد حد ومن أكثر الناس الذين استفدت منهم، وفي مصر ليس أمامي حاليا غير السوشيال ميديا لتعريف الناس بما أقدمه، وبدأت ألمس من كثيرين إعجابهم بهذا الفن.

وأضاف في نهاية حواره مع صدي البلد: أمامي حاليًا هدف أسعى له، حيث أخطط لعمل مجموعة كاملة من منحوتات القلم الرصاص لمعظم الآثار المصرية، ثم أقوم بعمل معرض لها، وذلك لتعريف الناس بهذا الفن، والترويج للآثار المصرية بطريقة مختلفة.