الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أصل الحكاية.. أول مصوراتى فى بورسعيد توارث المهنة عن والده وتعلمها من الأرمن

اول مصوراتى فى بورسعيد
اول مصوراتى فى بورسعيد

عرفت بورسعيد منذ القدم مهنة التصوير الفوتوغرافي على يد المصورين الأرمن الذين اعتادوا الحضور إلى بورسعيد موسميا خلال فترة محددة من العام بمجرد انتهائها يقصدون بلدان أخري كلبنان وسوريا والعراق ويتركون ادوات التصوير الخاصة بهم في إحدى الخرائب.

كانت احدى تلك الخرائب بجوار منزل عباس والد عم سعد أول مصور عرفته بورسعيد والذى لقب بأبو المصورين فيما بعد وكأن الدنيا منحت هديتها لعم عباس في آلات تصوير الأرمن، فتعلم التصوير، وجال بالكاميرات كمصور محترف في شوارع بورسعيد.

بدأت الحكاية عندما تشاجر عم عباس والد عم سعد مع رئيسه الانجليزى فى شركة شل للبترول لاعتياده اهانة العمال فلم يتحمله عباس ذات يوم وأوسعه ركلا وضربا ووصل به الغضب أن يدفن رئيسه حيا أمام العمال المصريين البسطاء وقضت المحكمة المختلطة وقتها بطرده من العمل دون الحصول علي مستحقاته أو مكافأته فلجأ للتصوير كمورد للرزق والعمل.

حينما عاد الأرمن من رحلتهم الطويلة في موسم لبورسعيد وجدوا عم عباس لا يقل عنهم اتقان لفنون وأصول مهنة التصوير فمنحوه آلات التصوير الخاصة بهم دون أي مقابل وغادروا من بورسعيد إلى بعض الدول الأخرى.

لم يكن الأمر سهلا علي عم عباس والد عم سعد لان بعض من الأرمن ظلوا في بورسعيد يمتهنون تلك المهنة وحاولوا مضايقته مرارا ولم يكن يرضيهم أن يكون مصريا بينهم في مهنتهم فحاولوا تضييق الخناق حوله ولكن عم عباس رده جاء بتعليم الكثير من المصريين مهنة التصوير حتى صاروا أغلبية داخل أهل المهنة.

تمكن عم عباس من تطوير آلة التصوير بإضافة ذراع إضافي لها يمكنه من التقاط أكثر من صوره من الفيلم الواحد لأن آلات التصوير قبله كانت لا تلتقط غير صوره واحده يصعب حتي التعديل فيها.

علم عم عباس أولاده الخمسة مهنة التصوير الفوتوغرافي سعد وشمس وموسى وعبد المنعم ووهبه الذين توفاهم الله جميعا ولم يتبقي منهم لسنوات قليله ماضيه سوى عم سعد.

ولد عم سعد فى بورسعيد عام 1926 وبدأ ممارسة المهنة سن ١٤ سنة ليبدأ طريقة في التصوير وكسب العيش فكل النقود التي كان يحصل عليها من التصوير كانت تخصه وحده تنفيذا لرغبة والده حتى يحببه في التصوير ويعلمه الصبر عليه.

يعتبر عم سعد من علامات شارع محمد علي ببورسعيد الي استمر مع كاميرته البدائيه طول حياته واشتغل بها فيما يقرب من سبعون عام والي الناس عرفت مكانه دائما في شارع محمد علي علي رصيف فيلات الهيئة التي بجوار كنيسة مارى جرجس بحى الشرق
التقط عم سعد العديد من الصور لوجوه المجتمع والمشاهير والسياسيين والفنانين ولكن لم يتبقي اي منها لانه دائما ما كان يعرض تلك الصور علي صندوق الكاميرا الخشبي وراء زجاج كنوع من أنواع الدعاية والاعلان والتي تنتهي بهي الحال أما بالتلف لطول المده والتعرض للشمس أو لسرقتها من الماره وعابري الطريق أمامه.

ويعتبر اشهر شخصيتين التقط لهم عم سعد صور طوال حياته العملية التى طالت للعديد من الحقبات الزمنية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والفنان محمد عبد الوهاب .

اشتري عم سعد كاميرته البدائية من محل باروخ اليهودي الذي كان يسيطر علي مستلزمات التصوير والأفلام والاحماض حتي النصف الأول من القرن العشرين ببورسعيد واشتراها ب ٤ جنيهات ولم يدفعها مرة واحدة لتساهل باروك اليهودي معه في سداد حقها.

وتعامل عم سعد مع أنواع مختلفة من الكاميرات ولكنه اعتز بكاميرته القديمة ولم يتنازل عنها حتي أنه صحبها معه أثناء فترة التهجير من (٦٧الي٧٦) الي طنطا عقب النكسه ليعمل نفس العمل هناك ويقف أمام البنك الأهلي وبنك مصر وقت أن كانت طنطا أحد المراكز التجارية الهامة بمصر.

تنقل عم سعد لأكثر من مكان خاصة الأماكن التي كان يوجد بها أجانب و فرنسيين وايطاليين ويونانيين ومالطيين وغيرهم من الجنسيات الأخري وقت أن كانت بورسعيد تعج بهم قبل عام ١٩٥٦ فعرفت كاميرتة باب ٨ وهو الباب الذي كان يعبر من خلاله الأجانب بإختلاف جنسياتهم الي الميناء سواء للتنقل بين بورسعيد وبورفؤاد أو لممارسة مهامهم في الشركة العالمية لقناة السويس قبل التامين مع احتفاظه بمكانه الاثري علي رصيف محمد علي إلا أنه وجال بكاميرته في شوارع الافرنج وقت أن كانت بورسعيد ٣ احياء فقط الافرنج للاجانب والصفوه والاغنياء من البورسعيدية والعرب والمناخ للمصريين والبسطاء.

عكف عم سعد تعليم ابنائه ولدين وبنتين التصوير كوالده عم عباس لكن لم يمتهن أحدهم المهنة مثلما نجح الأب فى تعليمه المهنة من بين اخوته .

هذا ولم يكن عم سعد مصورا فقط بل مارس لزمن طويل فن تصميم الستائر أو الخلفيات والتي كان يرسمها يدويا قبل أن يقتني المصورين الخلفيات المرسومه جاهزه.

ظل عم سعد مع مهنته و كاميرته القديمة صديقا لها وصديقه له بدون تطوير رغم التطور الكبير في مجال التصوير طوال السنوات ولكن كان هناك من يشتاق لصوره هذا الرجل وكاميرته المتواضعة عن باقي الكاميرات الحديثه كنوع من التغيير وانه شئ مختلف عن الزمن الحديث فالصوره تحمض امامك بأبسط وسائل التحميض جردل به ماء وتراها تتحول لشخص يشبهك.

توفي عم سعد منذ حوالي خمس سنوات بعد رحلة طويلة في مجال التصوير وصديقته الكاميرا العجوز بعد أن أصبح من علامات بورسعيد وشارع محمد علي.