الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فتاوى تشغل الأذهان.. حكم تأخير الصلاة للمريض المسافر.. وهل يجوز للزوج أن يغسل زوجته المتوفاة.. وكيفية إبراء الذمة من المسروقات

دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية

الرد على فتاوى تشغل الأذهان:
أستاذ فقه بجامعة الأزهر: 
يجوز لمريض السكر الذى يسافر جمع الصلاة
أستاذ شريعة بالأزهر:
الأولى أن يغسل الزوجة عند وفاتها امرأة مثلها
المفتي: 
إبراء الذمة من المسروقات يكون بردّ الحقوق والمظالم لأهلها

تلقت دار الإفتاء ولجان الفتوى في المؤسسات الدينية، العديد من الفتاوى التي حرص المواطنون على معرفة حكم الدين فيها، وماذا يفعلون إذا قابلهم أمر منها في حياتهم.. التقرير التالي يستعرض أبرز هذه الفتاوى..

فى البداية.. أجاب الدكتور عطا السنباطي، أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر، خلال لقائه ببرنامج "السائل والفقيه" المذاع عبر موجات إذاعة القرآن الكريم عن سؤال يقول صاحبه :« هل يجوز لمريض السكر الذي يسافر من مكان إلى آخر أن يجمع الصلاة؟».

وقال السنباطي: "طالما أنك مصاب بمرض السكري وفى حاجة لدخول الحمام دائمًا فيصح أن تجمع صلاتى الظهر والعصر جمع تقديم قبل أن تغادر منزلك مثلما تفعل وأن تصلى المغرب والعشاء جمع تأخير بعدما تعود لمنزلك مرة أخرى ولا حرج فى ذلك طالما أنك مريض سكري".

وأضاف: "لكن إن وجدت ماء لتتطهر به وتتوضأ فافعل ذلك حتى لا تجمع الصلوات، وإن لم تجد فعندما تعود للمنزل مرة أخرى اجمع المغرب والعشاء جمع تأخير".

هل يجوز للزوج أن يغسل زوجته المتوفاة إذا لم توجد نساء لتغسيلها؟.. سؤال أجاب عنه الدكتور محمد نجيب عوضين، أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر، وذلك خلال لقائه ببرنامج السائل والفقية المذاع عبر موجات إذاعة القرآن الكريم.

وأوضح قائلًا: إن هناك خلافا عن علاقة الزوج بزوجته هل تنتهى بمجرد الموت إما تظل العلاقة بينهم، ومن هذه المسائل تغسيل الزوجة فيها محل خلاف بين العلماء، لكن الأولى أن هذه الزوجة لا يغسلها الا امرأة مثلها والأولى أن تكون من ذوى رحم هذه المرأة.

وأشار إلى أنه إذا لم يكن هناك امرأة لتغسل زوجته المتوفاة واستحالت الأسباب فله أن يغسلها، إلا أن تغسيل الرجل لزوجته محل خلاف بين الفقهاء والأولى أن تغسلها امرأة.

من ناحية أخرى.. قال الدكتور شوقي علام، مفتى الجمهورية، إن الأصل في الشريعة الإسلامية أن أخذ المال بدون وجه حق حرامٌ شرعًا، فقد عصم الشرع الشريف المال كما عصم النفس والعقل والنسل والعرض والدين والأمن العام في المجتمع.

وأضاف «علام» فى إجابته عن سؤال: «كيفية إبراء الذمة من المسروقات؟» أن الله – تعالى- حرَّم أخذ مال إنسان بدون وجه حق أو بغير طيب نفس منه، فمن اعتدى على الأموال كان آثما شرعًا مستحقًّا للعقوبة في الدنيا والآخرة، ووجب عليه المبادرة بالتوبة من هذا الذنب.

واستشهد على كلامه بقوله – تعالى-: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ۞ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا»،[سورة النساء: الآيات 29-30].

واستدل أيضًا بما روى عن أبي بَكرةَ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَليْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا»، أخرجه البخاري ومسلم.

ونوه أن السرقة نوع من أنواع الاعتداء بأخذ المال دون وجه حق، وتحريم السرقة أجمع عليه المسلمون وأصحاب الديانات السماوية، ويتفرع على ذلك وجوب حفظ اللقطة عن الضياع.

وأشار إلى ما قاله الإمام شهاب الدين القرافي في "الفروق": [قاعدة: خمس اجتمعت الأمم مع الأمة المحمدية عليها، وهي: وجوب حفظ النفوس والعقول فتحرم المسكرات بإجماع الشرائع... وحفظ الأعراض فيحرم القذف، وسائر السباب، ويجب حفظ الأنساب فيحرم الزنى في جميع الشرائع، والأموال يجب حفظها في جميع الشرائع فتحرم السرقة، ونحوها، ويجب حفظ اللقطة عن الضياع لهذه القاعدة].

وواصل أن السرقة في الجملة تعتبر من الكبائر؛ وقد قال الإمام الذهبي الشافعي في "الكبائر" (ص: 97، ط. دار الندوة): [الكبيرة الثالثة والعشرون السرقة].

واستكمل أن الإسلام شدّد على عقوبة السرقة وحدّ لها حدًّا زاجرًا؛ حتى يرتدع كل من تسول له نفسه أن يتعدى على أموال الآخرين وحقوقهم، وحث المسلم على العمل والكسب الحلال الطيب؛ حتى يقبل الله تعالى أعماله، وحتى لا يخضع لعقاب الله وعذابه يوم القيامة.

وتابع " فعن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه- قال: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم- يَقُولُ: «أَيُّمَا لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ، فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ»، أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"؛ لكن حتى يقام على السارق العقوبة لا بد أن تتوفر في جريمة السرقة شروط معينة، وهذه الشروط تتمثل في خمسة أمور، هي: أن يكون مكلفًا، وأن يقصد فعل السرقة، وألَّا يكون مضطرًا إلى الأخذ، وأن تنتفي القرابة بينه وبين المسروق منه، وألَّا تكون عنده شبهة في استحقاقه ما أخذ.

ونبه أنه إذا تخلف شرط من تلك الشروط السابقة لا يعاقب عليها، لكن يعاقب من ثبتت عليه جريمة السرقة غير مكتملة الشروط بالتعزير حسب القانون وما يقرره القاضي، ووفقًا لجسامة الجريمة وخطورة الجاني، فعَنْ السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ؛ فَإِنَّ الإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِى الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِى الْعُقُوبَةِ»، أخرجه الترمذي.

وأوضح أنه يجب على السارق التوبة إلى الله تعالى، وأن يبرئ ذمته من حقوق العباد التي أخذها بغير وجه حق، وإبراء الذمة من المسروقات يكون بردها إلى أصحابها إن كانت باقية في يد السارق، ويكون برد المثل أو القيمة عند تلف المسروقات أو فقدانها.

وبين أن الشرع أقر ذلك، حيث أن التوبة من حقوق العباد لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء؛ فعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رضي الله عنه- عَنِ النَّبِىِّ- صلى الله عليه وآله وسلم- قَالَ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ»، أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه.

وذكر الفقهاء في كيفية إبراء الذمة من المسروقات، ورد المظالم إلى أهلها بأنه يجب على التائب أن يرد الحقوق المادية لأصحابها، فإن لم يجدهم ردها لورثتهم، فإن عجز عن إرجاعها لعدم معرفته بأصحاب هذه الحقوق فليتصدق بها عنهم.

وذكر ما قاله شيخ الإسلام النووي الشافعي في "روضة الطالبين": [وإن تعلق بها حق مالي؛ كمنع الزكاة، والغصب، والجنايات في أموال الناس، وجب مع ذلك تبرئة الذمة عنه، بأن يؤدي الزكاة، ويرد أموال الناس إن بقيت، ويغرم بدلها إن لم تبق، أو يستحل المستحق، فيبرئه ويجب أن يعلم المستحق إن لم يعلم به، وأن يوصله إليه إن كان غائبًا إن كان غصبه منه هناك، فإن مات سلمه إلى وارثه، فإن لم يكن له وارث وانقطع خبره دفعه إلى قاض ترضى سيرته وديانته، فإن تعذر تصدق به على الفقراء بنية الغرامة له إن وجده].

ولفت أنه إذا خشي الإنسان من حدوث مضار إذا رد الحقوق لأصحابها؛ كفتنة، أو تشهير بسوء السيرة، أو قطع لصلة الرحم، ونحو ذلك، جاز له أن يعيد الحق إلى أصحابه بطريقة أو بأخرى من غير أن يخبرهم بما ارتكبه من السرقة، ولو كان الرد في صورة هدية ونحوها أو هبة مجهولة المصدر.

وأفاد أن الأشياء التي سرقها الإنسان في طفولته قبل البلوغ؛ فإنه لا يحسب له ذلك ذنبًا؛ لعدم تكليفه في صغره؛ فعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ»، أخرجه أحمد، لكن مع عدم كتابة الإثم على الصبي السارق وعدم استحقاقه العقوبة؛ فإن ذلك لا يسقط حق المجني عليه في استرداد ما أخذ منه، فيجب ضمان ما أخذه الصبي وردّه إلى صاحبه إن كان باقيًا، أو ردّ قيمته من مال الصبي إن تلف المسروق.

واستند إلى ما قاله الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني": [قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن جنايات الصبيان لازمة لهم في أموالهم.

وذكر أصحابنا في الفدية التي تجب بفعل الصبي وجهين: أحدهما في ماله؛ لأنها وجبت بجنايته، أشبهت الجناية على الآدمي. والثاني: على الولي، وهو قول مالك].

واختتم "أنه بناءً على ما سبق يجب على السارق ردّ الحقوق والمظالم لأهلها بعينها إذا كانت باقية في يده؛ وإلا فعليه ردّ قيمتها إذا استهلكت أو فُقدت، فإن لم يجدهم ردّها لورثتهم، فإن عجز عن ردها لعدم معرفته بأصحاب هذه الحقوق فله أن يتصدق بها عنهم، أما إذا ترتب على ردّ الحقوق وإعلام أصحابها بها ضرر أكبر أو فتنة؛ فإنه يجوز أن يردّ الحقوق إليهم دون أن يعلمهم بجنايته، أما الأشياء التي سرقها في صغره فإنه لا يأثم بهذا الفعل؛ لعدم بلوغه وتكليفه، لكن يلزمه رد ما أخذه إلى أصحابه".