الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سيد مندور يكتب: تعلموا أدب العطاء

سيد مندور
سيد مندور

آل البيت هم أهل الأدب والعطاء، فكما أخبرنا سيدنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بأنهم مثل سفينة نوح من تعلق بهم نجا ومن تخلف عنهم هلك، وهم تعلموا الأدب من جدهم المصطفى صلى الله عليه وسلم، فتذكرت هذه الحكاية مع الإمام الحسين بن السيدة فاطمة بنت رسول الله صلوات الله عليه، حينما جاء إليه سائل فقير فماذا فعل معه الأمام.

فقد رُوي أن أعرابيا سأل الإمام الحسين بن علي رضى الله عنه حاجة . فقال الإعرابى : سمعت جدك يقول : "اذا سألتم حاجة فاسألوها من أوجه أربعة : إما عربيا شريفا ، أو مولى كريما ، أو حامل القران ، أو صاحب الوجه الصبيح". أما العرب فشرفت بجدكم وأما الكرم فدأبكم وسيرتكم ، وأما القرآن ففي بيوتكم نزل، وأما الوجه الصبيح فإني سمعت رسول الله يقول : " اذا أردتم أن تنظروا إليَّ فانظروا الى الحسن و الحسين ".

فقال الإمام الحسين : ما حاجتك ؟ ، فكتبها الإعرابى على الارض . فقال الحسين: سمعت أبي عليا يقول : "قيمة كل امرء ما يحسنه، وسمعت جدي يقول: "المعروف بقدر المعرفة"، فأسألك عن ثلاث مسائل ، إن أحسنت في جواب واحدة فلك ثلث ما معي، وإن أجبت عن إثنتين فلك ثلثا ما عندي ، وإن أجبت عن الثلاثة فلك كل ما عندي.

وقد حُمل الى الحسين صرة مختومة من العراق مملؤة بالأموال. فقال الإعرابي : سَل ولا حول ولا قوة الا بالله .

فقال الإمام الحسين: أي الاعمال أفضل ؟ قال الاعرابي : الإيمان بالله . فقال الحسين : فما نجاة العبد من الهلكة ؟، قال: الثقة بالله. وقال الحسين : فما يزين المرء ؟ قال : علم معه حلم . فقال الإمام الحسين : فإن أخطأ ذلك ؟ قال : فمالٌ معه كَرم . قال الحسين : فان أخطأ ذلك ؟ قال : فَقْرٌ معه صبر . فقال الحسين : فان أخطأ ذلك ؟ قال : فصاعقة من السماء فتحرقه .

فضحك الإمام الحسين، و رمى إليه بالصرة المملوءة بالمال.

فمن هذا الموقف نتعلم أدب العطاء، فقد قال المولى سبحانه وتعالى: " قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ " ( البقرة 263 )

فقد أراد الإمام الحسين أن يعطى السائل دون أن يسبب له حرج . فقد نزل القرآن فى بيوتهم فكانوا أول العاملين به فرضى الله عنهم وأرضاهم.