تظل فتيات وسيدات بورسعيد من الأجيال السابقة سواء الأجداد أو الأمهات ممن عاصروا التصدى لعدوان 1956 و حرب 67 و حرب الاستنزاف و معركة العبور العظيم 1973 م على مدار العصور رمز من رموز الوطنية المصرية التى كاتفت الرجال جنبا إلى جنب للتأكيد على أنه لا فرق بين مرأة ورجل فى الذود و الدفاع عن ارض الوطن .
فظلت نون النسوة البورسعيدية لها بصمة في كل شئ ، حتى في المعارك الحربية ، و بمناسبة ذكرى صمود المقاومة الشعبية ببورسعيد أمام العدوان الثلاثي على مصر ، سنحكي قصة بطلة وضعت يدها بيد الرجال مثل كثيرات من نساء المدينة الباسلة، عندما قاوموا العدو بـ - غطيان الحلل و الزيت المغلي و أيادى الهون المعدن - .
كانت عصمت إسماعيل خفاجي " أول فتاة تهبط بالباراشوت كدليل للكتيبة و حاملة للعلم ، و علمت أهالي الحى كيفية حمل السلاح و إطلاق النيران .
بدأت القصة عام 1953 عندما كانت عصمت خفاجى فتاة ذات 13 عاما فتطوعت في الهلال الأحمر لتتعلم الإسعافات الأولية ، و من ثم انضمت لأول كتيبة نسائية كونها الحرس الوطني .
وشاركت في أول أسبوع بجمع التبرعات لشراء الأسلحة و ذلك بحمل صندوق التبرعات و التجول في المحافظة على المصالح الحكومية و حتى خارج نطاق بورسعيد كما كان الحال مع مواطنتها السيدة زينب الكفراوى .
كانت عملية التدريب العسكري لكتيبة الفتيات تتم في الإستاد على يد صول و صاغ ، و كانوا يدربونهم على حمل السلاح و رمي الطلقات ، و قامت "عصمت" بالهبوط بالباراشوت ، لتستفيد من ذلك التدريب فيما بعد و تتصدى لأول هجمات العدوان الثلاثي على بورسعيد عام 1956.
كانت المرأة الأولى التي تقوم بتدريب أهل الحي على كيفية حمل السلاح ، و كذلك تضميد جروح المصابين ، و فتحت بيت والدها لاستقبال القادمين من شارعي "عبادي"و "عباس" من الذين احترقت منازلهم جراء عمليات القذف .
ساهمت عصمت خفاجى في صناعة الخبز لرجال المقاومة وأهالي الحى الذى تسكن به وقتها بعد أن توقفت المخابز ، فقاموا بعجن الدقيق بدون خميرة ، و خبزوا على " وابور الجاز "، لينتجوا ما يسدون به الرمق ليس أكثر ، فكان الهدف الأهم التصدي للعدو .
شاركت عصمت خفاجي اهالى منطقتها فى قتل جندى يدعى" جون" كان يقتنص المارة و المطلين من الشرفات و يسير فى شارع " التجارى " لممارسة إجرامه ، فغلى الدم فى عروق شباب الحى و قرروا و هى معهم التخلص منه ، و بالفعل خططوا لذلك و نجحوا فى قتله كما قتل بغطرسته الكثير من الأبرياء الذين كان الاهالى يحملون جثثهم يوميًا إلى المدافن " .
عقب نجاح المقاومة في طرد العدوان من مدينتهم ، كانت "عصمت" أول المتطوعين لخدمة العائدين من التهجير الذى لم يكُن لديهم مسكن ، فكانت تساعدهم هى و زملائها و يستقبلوهم عن طريق محطة القطار و يقوموا بتسكينهم في معسكر الجولف ، و تساعد فى توفير مسكن مؤقت لهم .
واصلت عصمت خفاجى دورها عقب انتهاء العدوان و الحرب كمربية للأجيال ومعلمة لأبناء الباسلة وتدرجت فى المناصب القيادية التعليمية حتى تقلدت منصب مدير ادارة مدرسة القناة الابتدائية بحى الشرق فى محافظة بورسعيد.