نورهان البطريق تكتب : مصر تحتضن شباب العالم

من أرض الفيروز ،انطلق اليوم منتدى شباب العالم في نسخته الثالثة ، حيث توافد إليه آلاف الشباب من مختلف الجنسيات ،متلهفين إلى ذلك الحدث السنوى ،قاصدين أجمل بقاع العالم "شرم الشيخ " تواقين لجمالها الساحر الآخاذ ، ومتعطشين لحضور ذلك العرس الذي يخطف أنظار العالم في كل عام من هذا التوقيت ، نظرًا لما له من طابع خاص ومختلف ،فهو لايقتصر على ضم شباب الدول الإقليمية والافريقية فحسب ،بل استطاع أن يشمل شباب العالم في كنفه كحدث يليق بدولة يشار إليها أنها مهد الحضارات و أرض الأنبياء، لذا فهي الدولة المنوطة لينطلق من أرضها ذلك المنتدي ،والجديرة بأن تكون صاحبة هذا الحدث الجلل ، فقد كانت بمثابة الأم التي استظل شباب العالم بظلها، لما لها من مقدرة على استعابهم ،واحتمال قناعاتهم المتنوعة و مذاهبهم المتشعبة دون انحياز لأحد على حساب أحد .

فأكثر ما يميز المنتدى هذا العام هو التركيز على أننا "كلنا إنسان" و التدقيق في فكرة أنه لا يهم اسمك ،دينك ، لونك عرقك ، بل كل ماعليك فعله أن تتعامل مع الشخص الماثل أمامك دون أن تلقي بالا ما إذا كان اسمه "محمد"، "أو "جورج " ألا يكون معيار حكمك على أحدهم قائم على ما تضمه اثباث شخصيته من معلومات وبيانات عنه،إنما أن تتعامل معه لأنه إنسان ..،إنسان وحسب ، له نفس حقوقك وعليه نفس واجباتك، طالما أنكما تعيشان في كنف وطن واحد. وهذا الاعتقاد لايمكنه أن يولد بين ليلة وضحاها، أو من خلال المنتديات والمؤتمرات فحسب ،إنما أن نغرس ذلك المعتقد السوي في الأطفال منذ نعومة أظافرهم ،أن يجلس الطفل صاحب البشرة السمراء بجانب رفاقه دون أن يشعر صاحب البشرة البيضاء بغرابة أو نفور منه، أن نردد على أذنيهما أنهما رفيقان، عليهما أن يتفاعلان سويا ويتشاركان الأنشطة ذاتها، لأن كليهما إنسان ....إنسان فحسب .

التركيز على الأبطال لاسيما الأطفال ،باعتبارهم نماذج مشرفة تستحق الدعم و التقدير ، فقد حرص المنتدى اليوم على تكريم الطفل "زين "الذي يعد أحد أبطال محاربين السرطان ،فمثل هذه النماذج لابد من تسليط الضوء عليهم بشكل دائم ومستمر ليس فقط لتشجعيهم والتأكيد على مدى قوة عزيمتهم و إصرارهم على محاربة المرض ،إنما أيضا لأنهم بمثابة طاقة نور لغيرهم ، فأحيانا يأتي الوقت على أهالي مثل هؤلاء الأطفال يفقدون الأمل في شفاء أطفالهم ، ولكن مع ظهور والدة "زين"-التي لاقت اليوم تصفيق حاد من الجميع كنوع من أنواع الامتنان لها ، وتكرميا لدورها في رحلة علاج ابنها- قد تكون سببًا في أن يعود إليهم الأمل و أن يدب بهم الحماس لاستئناف مشوار العلاج مرة أخرى من جديد .

الحرص على وجود مادة فيلمية من خلال الأفلام التسجلية التي تضم صورًا تشيد بحضارتنا وتحكي تاريخنا منذ آلاف السنين ،كذلك وجود الأوبرت الوطنية التي تحث كلماتها علي الروح الوطنية وحب الوطن و نشر الطاقات الإيجابية والتركيز على ضرورة العمل الجماعي واستنهاض الهمم والإيمان بالذات من أجل التطلع إلى مستقبل أفضل. فالأفلام والاغنيات الوطنية عمرها أطول من عمر الإنسان ،ويظل يتوارثها جبل بعد الجيل ، فالأفلام التسجلية تحفظ تراثنا من الضياع ،فهي إثبات قوي يستند على الصوت والصورة ويحمل بين طياته حضارتنا العريقة وتاريخنا المجيد.

انقضى اليوم الأول من منتدى شباب العالم بصورة مشرفة تليق ببلدنا الحبيب " مصر" و مازلنا نتطلع خلال الأيام القادمة إلى المزيد من المناقشات التي من شأنها أن تثري حوارات الشباب من خلال تبادل الآراء والاستماع إلى وجهات النظر المختلفة ودراسة كافة القضايا من مختلف الزوايا ، ووضع أكثر من رؤية حول المجال الواحد ، ودراسة كافة الاحتمالات، ومايستحق دراسته بشكل أعمق و أوسع ، إلي أن نخلص في النهاية إلى أنه مهما اختلفت طرق تفكيرنا ورؤيتنا للأحداث ،إلا أننا في آخر المطاف نجتمع حول هدف واحد ألا وهو : التطلع إلى مستقبل مشرق و شباب قادرون على تحقيق أحلامهم وطموحاتهم بوطنهم الذي يتطلعون إليه لدراسة كيفية تحقيق الاستقرار على أرضه وبصورة تليق بشبابه الواعد وفكره الواعي المتطلع إلى كل ما هو جديد يمكن أن ينتفع به وطنه ليدفعه نحو التقدم والازدهار.