الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إسرائيل وتركيا.. هل يجمع الاقتصاد ما فرقته السياسة؟.. تل أبيب تدخل على خط أزمة اتفاقية السراج.. فورين بوليسي تكشف ما وراءها.. وإسرائيل تعقد صفقة مع أنقرة

صدى البلد

إسرائيل توقع اتفاقية مع تركيا لبناء قاطرة على الرغم من أزمة اتفاق تركيا وليبيا
قلق إسرائيلي من الاتفاق بين أردوغان والسراج
اتفاق إسرائيلي قبرصي يوناني على مشروع ايست ميد
أردوغان يريد إفشال ايست ميد بالاتفاقية مع تركيا
دراسة إسرائيلية توصي ببلورة مواقف مسبقة للتعامل مع الأزمة في المستقبل

أعلنت وزارة النقل الإسرائيلية، أنه على الرغم من الأزمة القائمة حاليا بين دول شرق المتوسط وتركيا بسبب توقيع الأخيرة مذكرة تفاهم مع حكومة فايز السراج، إلا أن هناك مشروعا اقتصاديا بين تركيا وإسرائيل.

وأشارت مجلة يسرائيل ديفنس إلى أن الاتفاق التركي - الليبي من الممكن أن يؤثر على خط نقل الغاز الذي تشترك فيه إسرائيل "إيست ميد"، إلا أن وزارة النقل الإسرائيلية تبني قاطرة بحرية داخل أحد أحواض بناء السفن في تركيا.

ولفتت المجلة إلى أنه يجري حاليا بناء قاطرة بحرية لميناء الخضيرة، في حوض بناء السفن ميد مارين الواقع في مدينة أرغلي في تركيا (على بعد 350 كم من ساحل البحر الأسود في إسطنبول)، مشيرة إلى أن ثمن القاطرة يقدر بحوالي 20 مليون دولار.


ونشرت مجلة فورين بوليسى الأمريكية تقريرا حول التحركات التركية الأخيرة وعقدها اتفاقا مع حكومة الوفاق. وقالت المجلة إن تركيا تخلط بين أزمتين متوسطيتين في محاولة يائسة لإعادة تشكيل المنطقة لصالحها، مع تداعيات سيئة محتملة سواء بالنسبة للحرب المستمرة في ليبيا أو تنمية الطاقة المستقبلية في شرق البحر المتوسط.

ولفتت المجلة إلى أن هذا النهج التركي المزدوج تجاه ليبيا استجابةٌ لعزلتها الدبلوماسية المتنامية في المنطقة. حيث تراجعت علاقات تركيا مع الولايات المتحدة بسبب توغلها في شمال سوريا، وما زالت على خلاف مع السعودية بشأن مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

ومن وجهة نظر أنقرة، من المحتمل أن يوفر الاتفاق مع حكومة الوفاق طريقة لتشكيل مستقبل المنطقة لصالحها – أو على الأقل منع ما تعتبره الارتفاع غير المقبول في نفوذ منافسين مثل روسيا ومصر في البحر المتوسط.

وقالت بريندا شافر، خبيرة الطاقة في جامعة جورج تاون إن تركيا تشعر بالقلق حقًا من منتدى غاز المتوسط، وبالتالي تريد تركيا أن تكون جزءًا من الصورة.

ودخلت إسرائيل على خط الأزمة التي أثارتها تركيا بتوقيعها اتفاقية للتعاون الأمني والسيادة البحرية مع رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج. وقال الناطق باسم الحكومة القبرصية، سيرياكوس كوشوس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اقترح على قبرص واليونان الاتفاق مع بلاده، على مشروع شبكة أنابيب لضخ الغاز المستخرج في شرق المتوسط، إلى أوروبا.

وأَضاف الناطق باسم الحكومة القبرصية بعد محادثة هاتفية بين نتنياهو ورئيس جمهورية قبرص نيكوس أناستاسياديس، إن نتنياهو أعرب عن إدانته ورفضه لمذكرة التفاهم غير القانونية المبرمة بين تركيا وليبيا لترسيم مناطق التبعية البحرية، ودعا قبرص واليونان للتوقيع فورا مع بلاده على اتفاقية حول شبكة الأنابيب المذكورة، وبعدها بأيام تم الإعلان أنه سيتم التوقيع على مشروع ايست ميد لنقل الغاز.

ووقعت تركيا وحكومة الوفاق الليبية في السابع والعشرين من شهر نوفمبر الماضين اتفاقية لترسيم الحدود البحرية، فيما أكد الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على عدم شرعية هذه الاتفاقية، وهو الأمر ذاته بالنسبة لمصر واليونان، حيث أدانت أثينا هذا الاتفاق نظرا لتجاهله وجود جزيرة كيرت اليونانية التي تقع بين السواحل التركية والليبية، وأعلنت القاهرة أن الاتفاق غير قانوني، وطردت اليونان سفير ليبيا، وندد الاتحاد الأوروبي بالاتفاقية.

وقالت دراسة إسرائيلية صادرة عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي إن هناك 3 عوامل رئيسية يمكن أن تفسر دوافع وتوقيت الاتفاقية. الأولى هي معارضة تركيا الطويلة الأمد لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) لعام 1982. والتي رفضت التوقيع عليها (مع إسرائيل والولايات المتحدة). وفي ضوء التقارب الجغرافي بين تركيا والجزر اليونانية وقبرص، فإن تنفيذ بنود القانون البحري من شأنه أن يحد بشكل كبير من مساحة المياه الاقتصادية الخاصة لتركيا والجرف القاريلها، كما أن تركيا تعتمد تركيا بشكل كبير على واردات الطاقة، لذلك تعززت معارضتها لبعض مبادئ قانون البحار في ضوء اكتشافات الغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط ​​في السنوات الأخيرة.

أما العامل الثاني، بحسب الدراسة الإسرائيلية، فهو حالة الاحباط التي أصابت أنقرة نتيجة عدد من الاتفاقيات التي وقعها جيرانها مع بعضهم البعض خلال السنوات القليلة الماضية، والتي توصف على أنها تتعارض مع المصالح التركية في المنطقة، من بينها اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية الاقتصادية الخالصة بين قبرص ومصر عام 2003 ومع لبنان عام 2007 ومع إسرائيل عام 2010.

وتشير الدراسة إلى أن تركيا ترى بشكل عام أن التحالف التعاون المتبلور بين مصر وتركيا واليونان وقبرص والذي تمخض عن إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط في مصر عام 2019، يشكل جهدا ومحاولة لعزل تركيا، كما أن الدعم الأمريكي لتلك الاتفاقات زاد من مخاوف أنقرة.

انطلاقا من هذا الامر، ينبغي النظر إلى الاتفاقية التركية - الليبية كرد فعل مضاد على ما تعتبره تركيا محاولة لتطويقها. وإذا استمرت الاتفاقية فسيتم اعتبارها نجاحًا كبيرًا، حيث لم تتوصل تركيا حتى الآن إلى اتفاق بشأن حدود الجرف القاري إلا مع شمال قبرص عام 2011، وهو كيان تعتبر تركيا هي الوحيدة التي تعترف به كدولة ذات سيادة.


العامل الثالث هو الصورة الحازمة التي تحاول تركيا تصديرها إلى محيطها الاقليمي وجوارها خلال الفترة الماضية، والتي يمكن ملاحظتها في العمليات العسكرية الثلاث التي شنتها أنقرة على شمال سوريا منذ 2016 والتي كان آخرها في أكتوبر الماض، وقرار تركيا العام الجاري بإرسال سفن للتنقيب عن الغاز ترافقها مدمرات وسفن حربية إلى المياه الاقتصادية الخالصة لقبرص. أي أن تركيا تزعزع شرعية ترسيم الحدود البحرية القبرصية على خلفية الصراع المستمر بين القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين.

ولفتت الدراسة الإسرائيلية إلى أن الاتفاق بين تركيا وليبيا سيكون له 3 انعكاسات أساسية، وهي التأثير سلبا على العلاقات الثنائية بين تركيا ودول شرق المتوسط، واحتمالات أقل على إقامة خط الغاز في شرق البحر المتوسط "إيست ميد" وإطالة أمد الصراع والحرب الأهلية في ليبيا.

في المقام الأول، يشكل الاتفاق التركي - الليبي عقبة في طريق العلاقات تطبيع العلاقات بين تركيا واليونان المتوترة من الأساس. وخلافا لوضع العلاقات بين أنقرة والقاهرة، أو بين أنقرة وتل أبيب، هناك حاليا قنوات اتصال مفتوحة بين أثينا وتركيا، وهو ما يمكن الاستدلال عليه من خلال اللقاءات الذي جمع مسؤولي البلدين على هامش قمة الناتو في لندن مطلع شهر ديسمبر. وعلى الرغم من ذلك، هناك مخاوف من تطور الأوضاع إلى مواجهة عسكرية بين البلدين، حيث يضيف الاتفاق التركي - الليبي المزيد من القضايا الخلافية والصراع المحتمل إلى منظومة العلاقات بين تركيا واليونان.

عانت قبرص، مقارنة بباقي اللاعبين، بشكل كبير من العناد والإصرار التركي المتواصل في منطقة شرق البحر المتوسط، حيث تقلص التصرفات والأنشطة التركية من شهية الشركات الأجنبية في تعميق تدخلها في أعمال التطوير الخاصة باكتشافات الغاز الطبيعي قبالة الشواطئ القبرصية، ومن ناحية أخرى، من المحتمل أن تؤدي الأنشطة التركية إلى ولادة شعور بضرورة العودة السريعة إلى المفاوضات الرامية إلى التوصل لحل سياسي في قبرص، حتى لو تكررت الصعوبات التي طغت على الجولات السابقة من المفاوضات.

وألقت الصحيفة الضوء على الموقف المصري الرافض للاتفاقية بين تركيا وحكومة فايز السراج، وقالت الدراسة إنه بعيدا عن الموقف المصري الرافض للاتفاق بسبب مخالفته لقانون البحار، فإن الرفض المصري والسعودي والإماراتي للاتفاقية يكشف عن صراع أكبر في المنطقة يدور بين الدول المناهضة للإسلام السياسي والقوى المؤيدة له

وختمت الدراسة بالقول إن إسرائيل من جانبها، تريد أن ترى منطقة شرق المتوسط خالية من أي صراعات. كما دفع دفع تعزيز العلاقات بين إسرائيل واليونان وقبرص في السنوات الأخيرة وزارة الخارجية إلى إصدار إعلان تضامن مع قبرص ردًا على إرسال سفينة التنقيب التركية للمياه الاقتصادية القبرصية الخالصة، ومع اليونان، ردا على الاتفاقية التركية - الليبية.

وتشير هذه التصريحات غير المسبوقة إلى أن إسرائيل ستواجه صعوبة في الوقوف على الحياد لو أن صراعًا حدث بين جيرانها في شرق البحر المتوسط. وفي الواقع ، قبل نحو ىأسبوعين، قامت السفن التركية بإجبار سفينة أبحاث إسرائيلية تعمل بموافقة الحكومة القبرصية في منطقة المياه الاقتصادية الخالصة في قبرص على مغادرة المنطقة. بالنظر إلى أن إسرائيل لا ترغب في الانخراط في النزاع الإقليمي الناشئ ، يجب على صناع القرار في إٍسرائيل البدء في صياغة ردود محتملة مقدمًا.