الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إسراء النجمي تكتب: صائدة الاختلاف والثلاثي المُبتكر.. من الأقوى؟!

صدى البلد

التوافق و"الكيميا" في العمل يُعد من أهم عناصر النجاح، ومن النادر أن يكون كل فريق العمل وبدون أستثناء مثل ما نقول بالعامية "دماغ واحدة"، يفهم كل منهم الأخر بدون صعوبة في الشرح، فـ يعطي كل فرد ما بحاجة له العمل ولكن بلمسته الخاصة، كلٌ منهم يُكمِّل الآخر بشكل عجيب، وعلى الرغم من كل ذلك لا يلغي أحد شخصية الآخر، وهذا ما رأيته في أغنية سميرة سعيد الجديدة "هُلّيلة" أبهرني هذا التوافق، وتعجبت كثيرًا من أن كل فرد من صناع العمل له شخصية فنية واضحة ومنفردة على الرغم من التوافق الشديد بينهم، لا تستطيع أن تحدد من الأقوى، هل تستطيع أن تُحدد معي من الأقوى عزيزي القارئ؟!.. دعني أستعرض وأشارك رأيي معك علّك تُساعدني في ذلك.

الكلمات:
أغنية خفيفة تصف شعور معين بطريقة مرحة ومبهجة، ولذلك الكلمات ليست مطالبة بالعمق هنا، ولكن بكل تأكيد الإختلاف هو من يضع الكلمات في مرتبة معينة.

كتب شادي نور كلمات خفيفة سهلة التعبير، عبّر من خلالها عن شعور من السهل على أي شاعر التعبير عنه، ولكن شادي عبّر بطريقته الخاصة وبشكل مختلف رغم بساطته، ومن الممكن أن يرى البعض أن هذه الكلمات "عادية جدًا" وليست بـ الإختراع فهي كلمات سهلة وبسيطة والموضوع خفيف أيضًا، ولكني أرى أنها إختراع.. "في طريقة التعبير وتناول موضوع بسيط ووصف شعوره بشكل يُشعرك بـ إختلافه فور إستماعك له"، أرى أنه إختراع.. "في اختيار الشاعر لمصطلحات جديد علينا إستخدامها في الغناء، ولكن لا يستغربها المستمع لأنها عامية مصرية بحته "هُلّيلة، زيطة، زمبليطة"، وأيضًا اختيار جُمل متداولة في حياتنا اليومية ولكنها جديدة في الغناء "انت بجد ولا هزار، ياخلق ياهو، ليلتننا بيضة"، أُعجبت بجملة "أكتب على كل حيطة أغنية".. جديدة في التعبير عن الفرحة هذه الجملة."

كلمات "دمها خفيف"، بسيطة، مختلفة، خالية من الإسفاف والإبتذال، وإستخدامها في الغناء جديد على المستمع ولذلك شعر بإختلافها.

اللحن:

ومثلما جاءت الكلمات مختلفة جاء اللحن أيضًا مختلف، وبشكل روّض فيه الملحن بلال سرور الكلمات لألحانه، بشكل يُشعرك أن هذه الكلمات لا تليق سوى بهذا اللحن، ولا تتخيل هذا اللحن أيضًا على كلمات غيرها، على الرغم من أنني أشعر بـ أن هذه الكلمات كُتبت على اللحن!.

على أي حال فـ إذا كان الشاعر كتب على "تيمة" أي لحن، أو أن الملحن قام بتلحين هذه الكلمات، فكلاهما أبدعا في هذا التناسق والتوافق الشديد، والذي أثمر منه فاكهة مختلفة عن ما في السوق الآن، وهذا ما يحتاجه الوسط الغنائي والمستمع.. شئ من التجديد والإختلاف والذكاء المصاحب لإبداع ولمسات خاصة لكل من يشارك في العمل، فـ مقاييس النجاح تغيرت كثيرًا عن قبل.. لا تكفي موهبتك لا يكفي إبداعك، حتى أن إختلافك لا يكفي أيضًا، أنت في حاجة لـ ذكاء في انتقاء شكل إبداعك وإختلافه، في حاجة لتكوين شخصية وإظهارها في أعمالك، وكل ذلك لا يحتاج لعمق على قدر ما يحتاج لذكاء وقدرتك على تصميم "تاج" من الخوص وكيف يلفتنا جماله أكثر من ذلك المصنوع من الألماس الخالص.

كلٌ يُبدع بإمكانياته وعلى طريقته والنتيجة الرابحة للأكثر ذكاء والأكثر قراءة وفهم للموقف.. البقاء لـ الشخصية الأكثر تميز وتفرد.

التوزيع:

أضاف الموزع هاني يعقوب الكثير للعمل، وإكتملت أجواء الفرحة الكبيرة بالتوزيع، والتي أعتقد أنها سُتصيب الحضور في الحفلات والأفراح بـ "موود" من الفرحة الجنونية عند الإستماع لهذه الأغنية، بفعل الكلمات واللحن والتوزيع وطريقة سميرة في الغناء، أُعجبت كثيرًا بذلك الفاصل الموسيقي الصغير ما بين "هو إحنا ليلتنا بيضة" و "وماأروعك إحساس".

الجميل في التوزيع أنه غير ممل لا يأخذ شكل واحد، وحتى في الفواصل الموسيقية الأساسية في الأغنية أضاف يعقوب لها لمسات مختلفة عن كل فاصل سواء في ترديد كلمة الليلة في الفاصل الأساسي الثاني أو في تقطيع كلمة هُلّيلة وترديدها في الفاصل الأول، هذه اللمسات البسيطة تضيف لمسة تميز للعمل وتعد بمثابة مضاد لـ الملل.

صائدة الإختلاف:
كل ذلك الإختلاف كان لابد أن تقوم باصطياده ملكة الإختلاف والتفرد سميرة سعيد، فـ هي من المطربات التي تفهم جيدًا الوضع الغنائي الحالي وتعي جيدًا ما يحتاجه الجمهور في كل وقت، سميرة هذه المرة لم تختلف عن ماهو موجود الآن فحسب، ولكن هي اختلفت على نفسها أيضًا هي تنافس نفسها، أشعر أن سميرة والإختلاف في مضمار واحد يتسابقان لا يوجد غيرهم.

لم تكتفي سميرة بإختلاف كلمات وألحان وتوزيع ولكنها تجتهد في إيجاد تلك الإبرة في "كوم القش".. وتجدها في طريقة نطقها للكلمات والحروف.

عند إستماعي أول مرة لـ "هُهليلة"، أول ما جذبني لها هو طريقة نطق سميرة لكلمة "يا هو"في جملة "ياخلق ياهو"، وكيف أدتها بـ إختلاف ودلع.. ثم أن كيف جاء في بالها أن تؤديها بهذه الطريقة؟!.. ولا أخفي عليكم أنني "وقعت في عشق" طريقة نطقها وآدائها لـ هذه الجملة.

"الفيديو كليب" وإطلالة سميرة:
جاء الكليب المصوّر بصورته وألوانه بشكل مختلف أيضًا لـ يُكمِّل حالة الإختلاف وأجواء الفرح المُشبّعة بالبهجة والحيوية بتوقيع نضال هاني، وجاءت إطلالة سميرة الشبابية ملائمة لكل ذلك بدون مبالغة في أي شئ سواء في قصة وتسريحة الشعر أو الملابس، حتى آدائها الإستعراضي أو التمثيلي جاء محسوب وخفيف بشكل "شيك" ومقبول.

في النهاية مازلت لا أستطيع تحديد من الأقوى، وأعتقد أن هذا هو سر التوافق الذي ميّز العمل.. والأجمل أن كل فرد من صانعي الأغنية لم يكتفي بإختلاف الآخر.. فـ مبروك لكل صناع العمل الذي أصاب كسر الروتين، ويجب أن أقول قبل أن أنهي المقال أن اختيار سميرة لتُغني هذه الأغنية كان داعم كبير لإظهار إختلاف العمل، فـ مَن مِن الفنانين كان سـ ينطق "ياهو" مثلها، من كان سـ يُفكر أن يختلف على إختلاف العمل نفسه مثلها؟!.. دُمتِ "الديڤا".