الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دير بداخله مسجد..هنا أرض التسامح سانت كاترين ..حكاية تاريخية

صدى البلد

كشف د.محمد عبد اللطيف أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق حكاية دير سانت كاترين في سيناء أحد أشهر المواقع الأثرية في مصر وربما العالم كله .

وقال عبد اللطيف لصدي البلد أن القديسة كاترين عاشت فى مدينة الإسكندرية فى عهد الإمبراطور مكسيمانوس (305 – 313م) وأبت أن ترتد عن المسيحية ، فعذبها الرومان عذابًا شديدًا ، وربطوها فى عجلة التعذيب لتمزق جسدها ، ولم يؤثر ذلك على إيمانها ، وأخيرًا قطعوا رأسها واستشهدت عام 307م.

وبعد مضى خمسمائة عام ، رأى أحد الرهبان رؤيا بأن الملائكة حملوا جسدها ووضعوه فوق قمة الجبل المسمى الآن جبل كاترين، فنقل الرهبان رفاتها إلى كنيسة التجلى الحالية ، فأصبحت منذ ذلك العهد تسمى كنيسة القديسة كاترين ، بل أطلق اسمها على الدير كله بعد أن كان يعرف باسم دير العذراء.

ويقع الدير أسفل جبل سيناء ، وهو منطقة جبلية حبتها الطبيعة بجمال أخاذ مع طيب المناخ ، وتوفر مياه الآبار العذبة،وإلى الغرب من الدير يوجد وادى الراحة. وقد تأثر البناء بالموقع والوسط المحيط به ، والذى يتكون من سلسلة من الجبال الجرانيتية.

وللدير سور عظيم يحيط بعدة أبنية داخلية ، بعضها فوق بعض ، تصل أحيانًا إلى أربعة طوابق تخترقها ممرات ودهاليز معوجة. ومن اختلاف أشكال الأبنية يستدل الزائر على أنها قامت فى عصور مختلفة.

وهذا الدير يشبه حصون القرون الوسطى ، وسوره مشيد بأحجار الجرانيت ، وبه أبراج فى الأركان ، وارتفاع جدرانه يتراوح بين 12 ، 15 مترًا وتبلغ أطواله 117 × 80 × 77 × 76 مترًا تقريبًا،والمدخل الرئيسى بالجهة الغربية وغير مستعمل حاليًا ، وإلى يساره المدخل الحالى.

وقد أمرت الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين ، فى عام 342م ببناء دير يحوى كنيسة عرفت باسم العذراء مريم ، عند الشجرة المقدسة،ثم أمر الإمبراطور جوستنيان فى القرن السادس الميلادى ، ببناء كنيسة فى نفس البقعة المقدسة ، كانت تعرف باسم كنيسة "التجلى"،ونسبة الدير والكنيسة إلى القديسة كاترين حدث فى عصور تالية.

ولم يبق من المبنى الأصلى إلا أجزاء من السور وجزء من الكنيسة ، أما باقى المبانى التى نراها الآن فمن عصور لاحقة. بل إن الكثير منها لم يشيد إلا فى القرن العشرين.

وأهم مبانى الدير هى الكنيسة الكبرى وكنيسة العليقة وجامع من العصر الفاطمى ومكتبة،بجانب قلايا الرهبان وزوار الدير ، ومعصرة ، وطاحونتين ، ومخازن الحبوب والمؤن ، والمطابخ ، وعدة آبار. وخارج سور الدير توجد حديقة كبيرة.

و الكنيسة الرئيسية تقع فى الجزء الشمالى من الدير وتسمى أحيانًا الكنيسة الكبرى أو الكاتدرائية ، وهى مشيدة على طراز البازيلكا الذى كان شائعًا وقت بنائها عام 527م ، وقد عرفت فى عصر الإمبراطور جستنيان باسم كنيسة التجلى،وتتكون من رواق أوسط رئيسى (صحن الكنيسة) ، ورواقين جانبيين أقل مساحة،وينتهى الرواق الأوسط بالمذبح "قدس الأقداس" ، فى الجهة الشرقية،ومن المعلوم أن الطوابق العلوية لبرج الكنيسة ، ترجع إلى عمارة أقيمت لها منذ حوالى مائة عام.

أما كنيسة العليقة الملتهبة تلتصق بالجهة الشرقية للكنيسة الكبرى ، ومساحتها ست أمتار مربعة ، غطيت جدرانها بالفسيفساء المزخرفة ويعتقد أنها مقامة فى مكان العليقة المقدسة ، حيث كلم الله سيدنا موسى. وقد بنيت فى هذا الموقع تبركًا بها ، ولا يدخل هذه الكنيسة زائر إلا ويخلع نعليه خارج بابها ، تمثلًا بسيدنا موسى عند اقترابه من هذا المكان المقدس.

أما الجـامــع فقد تم بناؤه خلال العصر الفاطمى فى عهد الخليفة الآمر بأحكام الله سنة 500 هـ/ 1106م ويقع إلى الجنوب الغربى من الكنيسة داخل سور الدير، والمسقط الأفقى للجامع عبارة عن مستطيل مساحته 11 × 7م وارتفاع جدرانه 6م وتتصل به فى الركن الشرقى مئذنة مربعة المسقط .

ويتكون الجامع من ثلاثة أروقة أكبرها الأوسط ، ويُحمل السقف على عقود دائرية ترتكز فى الوسط على دعامتين ، والسقف بصفة عامة مشيد من الأخشاب والبوص ، والسطح من الخارج مغطى ببلاطات من الصخور والفخار ، كما يوجد بالمسجد ثلاثة محاريب .

ويعتبر المحراب الأوسط هو الرئيسى فيها ، والحوائط مشيدة من الصخور الجرانيتية والمونة المستخدمة هى الطفلة وكذلك تم تغطية الحوائط من الداخل والخارج بطبقة من الطفلة ، وأرض الجامع كانت مغطاة بطبقة من بلاطات الفخار وهى ليست الأرضية الأصلية،ويوجد أسفل المسجد المعصرة ، بحيث يمثل المسجد المستوى الثانى.

والمئــذنة يبلغ ارتفاعها 12م وتتكون من دورتين كل منهما مربعة المسقط تقريبًا ، والأولى 3 × 3.5م وتنتهى بشرفة تبرز50 سم عن سمت الحائط ، الذى يبلغ سمكه 75 سم ، والدورة الثانية مربعة المسقط ، وطول الضلع فيها هو 2.55م وسمك الحائط 45 سم، ويوجد مدخل المئذنة فى الضلع الغربى من الدورة الأولى.

أما المـنبـر يوجد فى الجانب الأيمن من المحراب الأوسط ، ملاصق لجدار القبلة ومصنوع من خشب الأرز ، ويتكون من جانبين عليهما حشوات من الخشب عليه زخارف نباتية على الأسلوب الفاطمى،والمنبر واحد من ثلاثة منابر كاملة فاطمية معروفة حتى الآن،والثانى منبر مسجد بدر الدين الجمالى (484 هـ/ 1091م) المنقول من عسقلان إلى فلسطين،والثالث بمسجد الصالح طلائع فى قوص بصعيد مصر (550 هـ/ 1155م).

ومن محتويات الجامع يوجد شمعدانان من الفضة بحالة جيدة ، وكرسى عليه نص من أربعة أسطر ، بالخط الكوفى المزهر ، وبالحفر البارز،وهذا النص يشير إلى أن بانى هذا الجامع هو الأمير أنوشتكين الآمر ، نسبة إلى الخليفة الآمر بأحكام الله الفاطمى (500 هـ / 1106م).