الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد الصاوي: حضور الرئيس مؤتمر الأزهر يؤكد أن الخطاب الديني بين يدي أهله

لكاتب الصحفي أحمد
لكاتب الصحفي أحمد الصاوى، رئيس تحرير جريدة صوت الأزهر

قال الكاتب الصحفي أحمد الصاوى، رئيس تحرير جريدة صوت الأزهر، إن الأزهر لا يتخلف عن مسئوليته التاريخية فى تجديد الفهم الدينى، واستعادة ما تم اختطافه من مفاهيم على أيدى المتطرفين، وما يحاول متطرفون على الضفة الأخرى قطعه واستئصاله من العقل المسلم، ويتحرك فى هذا المجال وفق عقيدة ثابتة ورشيدة ووسطية تسعى دائمًا للتوفيق بين النص والعقل، وبين تراث مقدر لكنه غير مقدس يُؤخذ منه ما يصلح، وبين مقتضيات العصر.

وأضاف الصاوي، في مقال له بعنوان "الأزهر.. وفريضة الاجتهاد الجماعي" أن الأزهر طوال مسيرته الممتدة لأكثر من ألف عام، يضطلع الأزهر بدوره فى عملية تغيير العقول ومصادمة تطرف المتشددين وتطرف المبددين على السواء، وهو دور تسارعت وتيرته مع تسارع وتيرة التاريخ، الذى أراد أن يلهث الناس خلفه اعتبارًا من أول العقد الحالى، فكان الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب فى قلب هذه التحولات صامدًا لا يدافع فقط عن الأزهر الشريف ومكانته ودوره الذى تعرض لهجمة شرسة تسعى لانتزاعه من جذوره وتغيير دفته ومنهجه من التنوع والتعدد إلى الأحادية والجمود، وإنما للدفاع عن الدولة والوطن وعن هوية المصريين ودينهم السمح، وعن الآخر وحقه فى الاعتقاد والتعبد.

وتابع: الأزهر كانت وثائقه بكل معايير التجديد تعزيزًا لفهم إسلامى مستنير لقضايا الدولة والمواطنة والآخر والمرأة والإبداع والحرية، تواصلت مع حركة دءوب لدعم السلام والتعايش ومواجهة التطرف وفضح اختطاف مفاهيم الجهاد والقتال والتكفير، للتأكيد من جديد على أنه لا قتال فى الإسلام إلا لرد العدوان، ولا حق فى رفع السلاح إلا للدولة، ليستقر عند مفهوم منفتح للأخوة الإنسانية والتعايش، ينطلق من كلمته المأثورة: «هذا التعدد الدينى مشيئة الله، وواهم من يعتقد أنه يمكن أن يجمع الناس على دين واحد لأنه بذلك يتحدى مشيئة الله»، لينسف نسفًا كل ما بنى عليه التطرف منهجه فى استباحة الآخر واستحلال دمه. وتوثيق كل هذا الفهم فى مناهج يدرسها الصغار والكبار داخل الأزهر الشريف يتيحها لكل من أراد أن يقرأ ويعرف.

وأشار إلى أن مؤتمر الأزهر العالمى للتجديد فى الفكر والعلوم الإسلامية الذى يرعاه ويشرفه بالحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى نهاية يناير المقبل، يمثل محطة أخرى فى تلاقى الإرادة بين الرئيس والإمام، ليغلق بابًا كان البعض يعتقد أنه يمكن أن ينفذ منه ليضرب علاقة ممتدة لعشرة قرون وأكثر بين الأزهر كمؤسسة وبين الدولة كحاضن ومظلة، بقى الأزهر- ومازال - إحدى مؤسساتها المهمة والفريدة والمدافعة عن وجودها ومشروعيتها وهويتها.

وأكد أن الحضور الرئاسى يؤكد أن هذا الأمر بين يدى أهله من أصحاب الاختصاص المؤهلين من مصر والعالم الإسلامى بمرجعية أزهرية، فى تأكيد على المنهج الأزهرى وفلسفة إمامه الطيب فى تحويل دعوات التجديد إلى عمل مؤسسى لا ينفرد فيه أحد برأى ولو كان الإمام، ولا تتصدى له مؤسسة بمفردها ولو كانت مؤسسة الأزهر، وإنما تجمع كبير من المؤهلين فى مصر والعالم، مؤسسات وعلماء وباحثين، يرسخون لما عبَّر عنه الإمام الأكبر فى أكثر من مناسبة بأن الاجتهاد -كفريضة وضرورة للمسلمين - لم يعد مناسبًا التصدى له إلا فى إطار جماعى لا يحجر على رأى ويحتفى بتعدد الرؤى، ويتبنى الحوار فى إطار علمى بين المتخصصين من جميع الاجتهادات، مستفيدًا من دعم رئاسى غير محدود وإرادة سياسية فى تعزيز دور الأزهر ومرجعيته.

وأشار إلى أن الأزهر المتنوع فى داخله والمنفتح على العالم يفتح الباب لاجتهاد جماعى، ويطلب اليوم من كل صاحب رأى أو طرح أو وجهة نظر بأن يشارك فى هذا الاجتهاد الجماعى بحرية كاملة تضمنها جميع المعايير الأكاديمية، ويمد يده للجميع إن كان الهدف هو البحث عن فهم علمى وليس إعلاميًا للقضايا الفقهية ذات الصلة بحياة الناس ومصالحهم.

وذكر أن صفحات هذه الجريدة «صوت الأزهر» تثبت تمامًا أن التجديد، وبمنطق ومنهج واضح ومحدد، حاضر فى عقل الإمام الطيب منذ اليوم الأول لوجوده فى المشيخة، وفى مقالاته فى هذه الصحيفة قدم الإمام طرحًا هو الأوضح فى فهم ما هو مطلوب فى ملف التجديد، وخارطة طريق لهذا التجديد، وقائمة أولويات بالقضايا الملحة، فتحدث عن نبذ الصراع، واتخاذ طريق وسط بين أولئك المتشبثين بالماضى كله، وبين أولئك الرافضين لكل ما مضى، وهو طريق يخرج بالتجديد من صراع الجمود مع التبديد، فدعا لتأسيس التيار الإصلاحى الوسطى الذى لم يقصره على رجال الدين، وقدم اقتراحه نحو «الاجتهاد الجماعى» الذى يقوم عليه علماء مؤهلون من مدارس مختلفة ومتنوعة، داعيًا إلى البدء بقضايا الآخر والإرهاب والتكفير والهجرة والخروج على المجتمع وخطاب الكراهية واستباحة الدماء والتصدى لكل ما يطرحه المتطرفون من تبريرات تختطف الدين وفهمه، وحتى الواقع السياسى وقضايا الديمقراطية والدستور والقانون وسيادة الدولة والمواطنة، مرورًا بقضايا المرأة والمساواة والميراث والمعاملات البنكية، وحتى الاشتباك مع مشكلات المجتمع وسلوكيات الناس كالتحرش والكسل والفساد والإهمال وتدنى قيمة العمل.

وتابع: هو الطرح الذى يترجم اليوم.. ليضاف لمسيرة طويلة من الإنجاز والعديد من المواقف والرسائل التى تعيد تقديم الفهم الصحيح للدين وتذهب بأثره إلى داخل الأزهر قبل خارجه، وإلى خارج مصر قبل داخلها، وإلى العالم كله وليس المسلمين فحسب، وتحافظ على المنهج الأزهرى المتنوع فى داخله، وتطور فى آليات فهمه، ما جعل العالم - الذى يجيد التقدير ولا يحركه الترصد - يتشبث به ويعتبره طوق نجاة.