الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د/ محمد إبراهيم العشماوي يكتب: كوميديا مناقشة الرسائل في مصر...!!

صدى البلد


ثلاثة تجاوزات خطيرة تهدد البحث العلمي بالانقراض!
أولها: أن يكون المشرف أو المناقش بعيدا عن التخصص الدقيق للبحث، فضلا عن التخصص العام!
وليس كوني قادرا على القراءة في مصادر أي تخصص؛ كافيا لأن أكون مؤهلا للخوض فيه، بجامع الاشتراك في مسمى البحث، كما أن طبيب العيون لا يجوز له أن يمارس طب الأمراض الجلدية، بجامع الاشتراك في مسمى الطب!
ثانيها: عدم مطابقة النتائج للمقدمات، وأعني بها أن بعض الأساتذة المناقشين يحرص على أن يستعرض قدراته أمام الجمهور، فيستخرج من المؤاخذات على الباحث كل دقيقة وجليلة، ولا يدع له صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، بحيث يبدو للباحث وللجمهور أن الباحث هالك لا محالة، ثم تكون المفاجأة حصول الباحث على مرتبة الشرف الأولى والتوصية بالطبع والتداول!
فإن قيل للكوميديا: أين تكونين؟ لأجابت: في لحظة النطق بالحكم المتناقض مع مجريات المناقشة!
وخير للجنة - إن كانت تنوي إكرام الباحث بالباطل - ألا تناقشه، وأن تحيل وقائع المناقشة إلى فاصل من المدائح والابتهالات لقدرات الباحث الخارقة، ومميزات بحثه غير المسبوقة، فبهذا وحده تتوافق المقدمات مع النتائج!
والعدل الذي أمرنا الله به يقتضي أن يكون الثواب على قدر العمل، ولئن سمح بالفضل في مواضع؛ فإن المناقشات العلمية يجب ألا يحكمها غير العدل؛ لأن استعمال الفضل فيها يقضي على الفروق الفردية بين الباحثين، ويلحق المسيئين منهم بالمحسنين، ويخلق جيلا من الباحثين الفاشلين، ولعلهم يقتدون بهؤلاء المناقشين، فيتسلسل الظلم، ويتوارث الفشل، وينهار صرح العلم!
ثالثها: توقيع بعض أعضاء اللجان على أوراق المنح توقيع العميان، أعني من غير نظر في التعديلات التي طلبت منه، ولعل الباحث قد وعى الدرس جيدا وقت المناقشة، حين منحته اللجنة أعلى تقدير، من غير نظر إلى الجرائم البحثية التي ارتكبها، فما المانع إذن من استغفال الباحث اللجنة وقت التوقيع على الأوراق، فيقدم رسالته كما هي بلا تعديل، فما الداعي إليه إذا كانت اللجنة لا تقرأ، وإذا قرأت فليس لقراءتها أي اعتبار!
وبهذا يكون الباحث وحده هو الذي استعمل القياس المنطقي استعمالا صحيحا، فتوافقت مقدماته مع نتائجه!
والسؤال الآن: إذا كان هذا هو الحال في أغلب المناقشات العلمية؛ فلماذا يتعب الباحثون أنفسهم في البحث العلمي وهم يعلمون النتائج سلفا، ويتهامسون بها فيما بينهم، وبعضهم يتجاسر ويطلب من بعض أعضاء اللجنة أن يمنحه توصية بالطبع والتداول!
فلا جرم أن خرجت جميع الجامعات المصرية من التصنيف العالمي للجامعات، ودخلته جامعات في إسرائيل!
وهل من حق أساتذة الجامعات في مصر - بعد كل هذا - أن يطالبوا بتحسين المستوى المادي، قبل أن يحسنوا المستوى العلمي؛ فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، أم تراهم درجوا على أن تكون النتائج على خلاف المقدمات؟!
وماذا يقول القوم لربهم؛ إذا وقفوا بين يديه، وأعمالهم معروضة عليه؟!