الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأنبا بولا.. قديس أطعمه غراب نصف رغيف ودير أثري يحمل 16 قرنا من الزمان.."حكاية تاريخية"

صدى البلد

كشف د.محمد عبد اللطيف أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق حكاية أحد المواقع الأثرية القبطية في البحر الأحمر وهو دير الأنبا بولا، قائلا أن القديس بولا ولد بمدينة الإسكندرية سنة 228 م، وكان له أخ اسمه بطرس تركهما والدهما وتوفى قبل أن يبلغ بولا سن الرشد، فاختلف مع أخيه وزهد الحياة وهرب منها.

ثم أقام فى قبر مهجور مدة ثلاثة أعوام، وكان يصلى ويرجو الله أن يرشده إلى الطريق الصواب، حيث سكن فى مغارة بجوار عين مياه، وأقام بهذه المغارة ثمانون عامًا متوحدا،يرتدى ثوبًا من ألياف النخيل، وإحدى الروايات تقول أن الرب كان يرسل له غرابًا بنصف رغيف كل يوم، ولما أراد الله إظهار قداسته أرسل له القديس أنطونيوس فالتقى به فى المغارة التى كان يتعبد فيها وأخذا يتحدثان فى بعض الأمور.

وذهب أنطونيوس ليخبر البطريرك بقداسة بولا، ولما عاد إليه مرة أخرى كانت روح القديس بولا قد صعدت إلى خالقها، فتحير فى دفنه حتى رأى أسدين "وقيل نمرين" يدخلان عليه ويشيران برأسيهما، فعلم أنهما مرسلان من قبل الرب، عند إذن قاس لهما طول الجسد فحفرا بمخالبهما إلا أن قال لهما كفى ثم أورى جسد بولا.

وهذا يفسر اعتياد الرسامين رسم الأنبا بولا وبجواره أسدين على جانبيه مع غراب يحلق فوق رأسه، كما سماه بعد ذلك العرب باسم دير النموره، ويبدو أن العرب كان يطلقون عليه هذا الاسم لوجود النمور فى هذه المنطقة بكثرة، أو ربما نسبة إلى النمور التى حفرت قبر الأنبا بولا. 

وقال عبد اللطيف لصدي البلد إن الدير يرجع تاريخ بنائه إلى نهاية القرن الرابع الميلادى، ويقال أنها فوق البقعة التى عبر فيها الإسرائيليون إلى البحر الأحمر عند خروجهم من مصر إلى سيناء، وتبلـغ مساحـة الدير حوالى خمسة أفدنة وهو مستطيل الشكل طوله 200 متر وعرضه 100 متر،وتحيط بالدير أسوار مرتفعة تبلغ عشرة أمتار،وقد تجددت أكثر الأسوار بمعرفة الأنبا (خرستود بولس) سنة 1815م.

ويشتمل الدير على ثلاثة كنائس، الأولى كنيسة الأنبا بولا الأثرية وهى أهم كنيسة بالدير، وشيدت على اسم مؤسس الدير ويرجع عهدها إلى بناء الدير أو قبله بقليل، والكنيسة مبنية على بعد ثلاثة أمتار تحت سطح الأرض فى نفس المغارة التى عاش فيها الأنبا بولا وهى ليست مبنية كلها، وسقف الهيكل القبلى والأوسط من الجبل نفسه، وتحتوى هذه الكنيسة على قبر القديس بولس كما أنها تحتوى على صور جدارية عديدة يرجع أغلبها إلى القرن 17 ، 18 ويلاحظ فى تصويرها ثلاثة أساليب مختلفة للتصوير الجدارى مما يدل على أنه لم يصورها شخص واحد.

والصور الجدارية داخل هذه الكنيسة تمثل صورة لبعض القديسين، فمثلًا نجد على يسار المدخل صورة تمثل القديس مار بقطر يمتطى جواده ممسكًا برمح يطعن به شيئًا، وصور أخرى تمثل الشهيد تادرس كما هو مكتوب أعلاه باللغة العربية والقبطية، وأخرى تمثل القديس مارجرجس، وبها قبة عليها زخارف بالألوان المائية الصفراء والخضراء واللبنى واللون الأزرق تدور باستدارة القبة،وبها أيضًا صورة تمثل الشهداء السبعة وهم يمتطون جيادهم بينما نجد أسفل هذه الجياد صورة لطيور ذات رقاب طويلة أو سمك ذات زعانف أربع أو حيوانات كالجمال – إلى جانب هذه الصورة نجد شريط من الكتابات العربية والقبطية.

ويفتح الحائط الشرقى لهذه المنطقة المربعة بفتحة اتساعها مترين تقريبًا يعلوها عقد نصف دائري على الخورس وهو عبارة عن رواق مستطيل الشكل مقسم إلى ثلاثة مناطق،الأولى وهى مربعة الشكل تعلوها قبة ترتكز على مثمن به محاريب ركنية فى الزوايا وبالجهة الشمالية حنية اتساعها 3.30م معقودة بعقد نصف مستدير،بها صورة تمثل الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس بينهما غراب يحمل بفمه رغيفًا وفى الجهة الجنوبية حنية نصف مستديرة بها صورة القديسة مارينا وفى الجهة الشرقية صورة نصفية للأنبا أنطونيوس.

والمنطقة الثانية عندها ينخفض سقف الخوارس بحيث لا يرتفع عن مستوى الأرضية بأكثر من ثلاثة أمتار ونصف باتساع 3.30م وامتداد 5.50م، والمنطقة الثالثة عندها ينخفض السقف أكثر من المنطقة الثانية وينتهى بقبوين يفصلهما جدار يتصدرها الصورة التى تمثل السيدة العذراء تحمل المسيح طفلًا بين اثنتين من الملائكة أما الهيكل فيشتمل على ثلاثة مذابح. 

والكنيسة الثانية هي أبى سفين، وهى كنيسة صغيرة شيدت فوق الكنيسة الأولى (كنيسة الأنبا بولا) وقد شيدها المعلم إبراهيم الجوهرى فى أواخر القرن الثانى عشر ومثبت ذلك بالكتابة المدونة على أحد أبواب الكنيسة، وهي مستطيلة الشكل مساحتها 13م × 9م، وتتكون من خورسين مسقفين بأقبية أما الهيكل فيفصله عن الخورس حجاب خشبى،ويحتوى الهيكل على مذبح واحد – ويوجد بأعلى هذه الكنيسة من الخارج قنطرة خشبية تؤدى إلى مدخل الحصن،كما يجاور هذه الكنيسة برجًا للأجراس صغيرة مكون من طابقين مربعين يعلوهما قبة صغيرة.

والكنيسة الثالثة كنيسة الملاك، وهى شبيهة بكنيسة الرسل فى دير الأنبا أنطونيوس مما يدل على أنهما بنيا فى زمن واحد– ونلاحظ أن الرهبان بالدير يستخدمون هذه الكنيسة عند إقامة صلواتهم معظم أيام السنة لاتساعها ودفئها، أما بقية الكنائس الأخرى لا تستعمل فى الصلوات إلا فى أعياد القديسين المكرسة على أسمائهم الكنائس أو الهياكل.