الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قصة فيلق القدس الإيراني منذ تأسيسه وحتى اغتيال سليماني.. دوره في توسيع نفوذ طهران.. كيف أقنع خامنئي وبوتين بإنقاذ الأسد.. وهل ينجح قاني في سد فجوة رحيله؟

صدى البلد

* تأسيس فيلق القدس مرحلة جديدة من توسيع نفوذ إيران في المنطقة
* هكذا حول سليماني الفيلق من مجرد قوة إلى جيش خارجي منظم
* أبرز قادة الفيلق وتأثيرهم على مدار 30 عاما

اغتالت الولايات المتحدة يوم الجمعة، اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني بهجوم بالطائرات المسيرة بالقرب من مطار بغداد الدولي، لتكتب بذلك نهاية 3 عقود من تاريخ الفيلق، وتبدأ مرحلة جديدة بعد رحيل الجنرال الأقوى في إيران.

وقالت إذاعة "راديو فردا" في تقريرها الذي جاء بعنوان:"3 عقود من فيلق القدس الإيراني وقائده الجديد"، إن عقب مقتل سليماني مباشرة، عين المرشد الإيراني آية الله خامنئي نائب الجنرال المغتال، إسماعيل قاآني خلفا له في قيادة الفيلق.

وبهذا التصرف السريع، كان خامنئي يريد إرسال رسالة مفادها أن "العمل في فيلق القدس مستمر كالمعتاد وكما هو مخطط له من قبل الشهيد سليماني".

لكن من هو قاآني وغيره من القادة المكلفين باتباع خطى الجنرال المقتول؟ وهل لديهم القدرة على ملء الفجوة التي خلفها سليماني الطموح؟

أضاف تقرير "راديو فردا" أن فيلق القدس على الورق هو قوة من قوات الحرس الثوري، مثل القوات البحرية والجوفضائية والبرية ومنظمة الباسيج أو التعبئة.

لكن عمليا، يكون قائد فيلق القدس مسئولا بشكل كبير ومباشر أمام المرشد.

يتولى قيادة فيلق القدس المسؤول عن العمليات العسكرية خارج الحدود الإيرانية، متخصصون في الحرب غير التقليدية والاستخبارات العسكرية.

كما يدعم الفيلق في الوقت نفسه، الجماعات غير الحكومية والمليشيات في العديد من البلدان مثل حزب الله اللبناني وحركة حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، والحوثيين في اليمن، والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا والبحرين وأفغانستان.

صنفت واشنطن معظم هذه الجماعات على أنها منظمات إرهابية.

وسع فيلق القدس مؤخرًا وجوده في بعض الدول الأفريقية أيضًا. وأدت عملياته الطموحة في إفريقيا إلى إضافته إلى قائمة الولايات المتحدة للكيانات الإرهابية الدولية.

وقرر قادة النظام الإيراني في عام 1988 وضع جميع الجماعات النشطة الموالية خارج إيران تحت مظلة عسكرية واحدة، وذلك بهدف تنسيق وتنظيم عملياتهم الخارجية، هكذا ولد فيلق القدس. وعين القيادي بالحرس الثوري،أحمد وحيدي قائدا للكيان الوليد. تولى وحيدي فيما بعد منصب وزير الدفاع عام 2009 - 2013 في فترة ولاية الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

وكان وحيدي العضو الوحيد بالحرس الثوري الذي حضر المحادثات السرية المثيرة للجدل بين ممثلي إيران ووفد أمريكي برئاسة المستشار السابق لأمن البيت الأبيض روبرت كارل بود مكفارلين، في عام 1986.

ومع ذلك، ظل فيلق القدس يعمل في الظل تحت قيادة وحيدي التي امتدت من عام 1988 وحتى عام 1997.

صعود سليماني

بمجرد أن حل قاسم سليماني محل وحيدي في عام 1997، بدأ فيلق القدس في الازدهار وتوسيع نفوذه داخل إيران وخارجها. وكواحد من القادة المفضلين لدى الحرس الثوري الإيراني، نجح سليماني في ترسيخ نفسه كشخصية حاسمة في جميع أنحاء إيران.

قسم سليماني هيكل فيلق القدس إلى أقسام منفصلة تشرف على دول مختلفة، حيث اعتادت قواته على العمل. كل قسم كان قائده مسؤولًا أمامه فقط.

علاوة على ذلك، أنشأ 5 فروع جديدة مع قادة منفصلين، مستقلين عن بعضهم البعض، بما في ذلك الاستخبارات والتمويل والسياسة وعمليات التخريب والعمليات الخاصة. أثناء الفصل، تفاعلت كل هذه الإدارات مع بعضها البعض تحت ما أسماه بـ"مجلس القادة" برئاسة سليماني.

ومع ذلك، تجنب فيلق القدس وقائده الجديد التعرض لوسائل الإعلام حتى اندلعت الحرب الأهلية في عام 2011 في سوريا.

كان سليماني السبب الأول في التدخل الإيراني في الحرب السورية لصالح الرئيس بشار الأسد الذي كان نظامه قاب قوسين أو أدنى من السقوط، حيث أقنع المرشد الإيراني علي خامنئي بأن سوريا هي "العمق الاستراتيجي" لإيران. وسرعان ما تدفق الآلاف من عناصر فيلق القدس والمليشيات الشيعية العراقية المدربة إلى سوريا ومقاتلة القوات المناهضة للأسد.

وكشف القائد السابق للمستشارين الإيرانيين في سوريا ومساعد دائرة التفتيش في مقر خاتم الانبياء الحالي، اللواء محمد جعفر أسدي في مقابلة مع وكالة "تسنيم" العام الماضي، ان سليماني هو من أقنع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتواجد العسكري في سوريا.

ويحكي أنه في عام عام 2015، سافر سليماني إلى روسيا في زيارة سريعة، حيث التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في جلسة استمرت لمدة ساعتين و20 دقيقة.

وأضاف أن سليماني ذهب إلى موسكو لإقناع روسيا بالتدخل في سوريا، وأبلغ بوتين أن سوريا هي آخر معقل في جبهة الشرق، وأنه إذا فقدها لن يقيم الغرب له أو لروسيا وزنا.

وقال عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، علي آقا محمدي، خلال لقاءٍ خاص مع وكالة “مهر” الإيرانية، فبراير 2018، إنه عندما وصل إلى سوريا، كان بشار الأسد وصل إلى استنتاج وقناعة تامة بمغادرة القصر الجمهوري والسلطة، وكانت قوات المعارضة حينها تحاصر قصر الأسد، وأن التدخل الإيراني في اللحظات الأخيرة هو السبب في بقائه في منصبه حتى اللحظة.

ويواصل تقرير "راديو فردا" أنه تحت إشراف سليماني المباشر، بدأ متخصصو فيلق القدس في تدريب الشيعة من أفغانستان وباكستان، وإعدادهم للانضمام إلى الحرب لصالح بشار الأسد في سوريا.

القائد الجديد

ولد خليفة سليماني، العميد إسماعيل قاآني، 62، في ثاني أكبر مدن إيران، مشهد، عاصمة محافظة خراسان، حيث يدرب الحرس الثوري الإيراني الشيعة ويعدهم للقتال في سوريا والعراق.

وقاآاني هو محارب قديم في الحرب العراقية الإيراني (1980-1988)، وقاد ألوية نصر 5 والإمام رضا 21، الذي توسع في وقت لاحق ليصبح قسما أو شعبة.

لطالما كان قاآني عضوا في فيلق القدس منذ تأسيسه في عام 1988. في السنوات العشرين الماضية، عمل كمسؤول مخابرات ونائب قائد الفيلق في عهد سليماني.

وعند تعيين قاآني، أثنى خامنئي عليه باعتباره واحدا من أبرز قادة الحرس الثوري.

في 27 مارس 2012، صنفت وزارة الخزانة الأمريكية قاآني على قائمة "المواطنين المعينين خصيصا" لدوره في الإشراف على المدفوعات المالية وشحنات الأسلحة المرسلة إلى حزب الله اللبناني وعناصر فيلق القدس في كل من الشرق الأوسط وأفريقيا، وبخاصة جامبيا.

ونظرًا لعدم الكشف عن أسماء أعضاء مجلس قيادة فيلق القدس، فلا يسهل تحديد من سيحل محل قاآني كنائب للقائد.

ومع ذلك ، يمكن أن يكون العميد أحمد صبوري، الذي يشغل حاليًا منصب نائب منسق فيلق القدس، مرشحًا لحل محل قاآني.

أحد القادة المعروفين في فيلق القدس، والمرشح ليحل محل قاآني، هو العميد إيرج مسجدي، سفير طهران الحالي في بغداد.

ولمدة طويلة، كان لمسجدي علاقات وثيقة مع المسئولين العراقيين وخاصة الأكراد، أثناء تمثيله الدبلوماسي لطهران في بغداد، ويتولى مسجدي عمليا مسئولية الإدارة الخاصة بفليق القدس لشؤون العراق. ومع مقتل سليماني، قد تتم ترقية مسجدي إلى مناصب عليا.

صرح القائد السابق للحرس الثوري الإيراني وأمين مجمع تشخيص مصلحة النظام، محسن رضائي بأن إسماعيل قاآني، هو قاسم سليماني آخر. لكن قادم الأيام ستكشف مدى تأثير رحيل الأسطورة الإيرانية أو كما كانوا يلقبونه بـ"الشهيد الحي" على أنشطة الملالي في المنطقة.