الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ليلة الحظر وتغيير المسارات.. التوتر الأمريكي الإيراني يلقى بظلاله على حركة الطيران بالمنطقة

صور رادارية للمجال
صور رادارية للمجال الجوي العراقي والايراني

لم يكد يتعافي سوق النقل الجوي من جراء التوترات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين والتي أثرت تداعياتها بالسلب على قطاع الشحن الجوي على مدار العام المنقضي، حتى جاءت ضربة موجعة جديدة، وأيضا لواشنطن طرف فيها، ولكن الخصم هذه المرة إيران، الذي تجاوز احتدام الصراع السياسي بينهما الحرب التجارية ووصلت تداعياته خلال الساعات الماضية إلى بوادر قتال عسكري أربكت بظلالها مسارات حركة الطيران التجاري في المنطقة.

على خلفية ذلك الصراع القائم بين إيران وأمريكا منذ عدة أيام، والتي ظهرت آثار تباعاته على دول المنطقة خلال الساعات الماضية، بعدما شنت إيران هجوما صاروخيا على قاعدتين أمريكيتين في العراق، وراحت الرحلات الجوية التي تحلق فوق الاجواء الإيرانية والعراقية، تهرب خارج أجواء الصراع وتلجأ إلى طرق بديلة للنجاة.

في تلك الأثناء، كانت المواقع العالمية المتخصصة في رصد حركة الطائرات تتابع عن كثب المسارات الجوية التي تسلكها رحلات الطيران التي كانت في طريقها إلى دولتي إيران والعراق أو تمر من خلالهما إلى دول أخرى، استطاعت تسجيل مشاهد لحركة الطيران في تلك الاثناء، وهي تهرب بعيدا عن أجواء الصراع متخذه ممرًا شماليا عبر أذربيجان وتركمانستان الذي بدا عبر صور الأقمار الردارية أكثر ازدحاما في تلك الأثناء على غير العادة في حين خلت الأجواء الإيرانية والعراقية من أي حركة للطيران التجاري فوق أجواءها.

وخرجت وسائل إعلام بريطانية، خلال الساعات الماضية، لتؤكد بتصريحاتها حالة الاستنفار التي شهدتها المسارات الجوية لحركة الطيران، وتشير إلى أن طائرة ركاب بريطانية تابعة لشركة "بريتش أروز" نجت بأعجوبة من تلك الهجمات الصاروخية التي شنتها إيران على القواعد الأمريكية بالعراق، وأوضحت أنه بحسب خرائط التتبع أن الطائرة طراز "بوينج 777" كانت متجهة من مومباي إلى لندن، غيرت وجهتها بشكل طارئ ودارت حول نفسها، بعد أن تم إخطارها بالهجوم الصاروخي الذي نفذته إيران على القواعد الأمريكية في العراق، وبقيت تحلق فوق الأجواء السعودية والمصرية لمدة ساعتين بعد الهجمات، قبل أن تهبط في أثينا للتزود بالوقود ومواصلة رحلتها.

وعلى أعقاب تلك الهجمات، أعلنت دول عدة حظر رحلات الطيران المدني فوق العراق وإيران، فالولايات المتحدة الامريكية التي هي طرف أصيل في هذا الصراع، قالت إنها ستحظر على شركات الطيران المدني الأميركية التحليق في المجال الجوي للعراق وإيران وخليج عمان والمياه الفاصلة بين السعودية وإيران، وعلى غرار أمريكا أعلنت كلا من كندا وفرنسا وألمانيا وروسيا والإمارات وشركات الطيران بدول شرق أسيا وغيرها من الدول الأوروبية وأيضا الشرق الأوسط، حظر طيرانها في تلك الأجواء، ولجأ البعض الأخر إلى التعليق المؤقت للرحلات المتجهة إلى مطارات العراق وإيران الشاهدة على الصراع.

وكانت مصر من بين تلك الدول التي أعلنت، تعليق الرحلات بصورة مؤقته، حيث أعلنت وزارة الطيران المدني، تعليق رحلات شركة مصر للطيران المتجهة إلى بغداد، لمدة 72 ساعة فقط، على أن تستأنف يوم السبت القادم، وذلك حفاظا على سلامة الركاب والطائرات بسبب الظروف الراهنة وعدم استقرار الأوضاع الأمنية التي يمر بها العراق.

ذلك المشهد المُربك والمضطرب الذي ساد المشهد الجوي، دفع الاتحاد الدولي للنقل الجوي إياتا، إلى إعلان أنها سوف تقوم بتشغيل فريق طيران عالمي لدعم التنسيق والتواصل الفعال بين شركات الطيران والبلدان مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط.

ودوما يشير الإتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا"، إلى أن التوترات الجيوسياسية والاضطرابات التي تشهدها المنطقة والحروب التجارية هي تحديات صعبة تعوق تنامي صناعة وحركة النقل الجوي حول العالم والمنطقة، وتؤثر على عوائده وأرباحه الاقتصادية، المتوقعة أن تصل خلال 2020 إلى 29.3 مليار دولار أمريكي، الأمر الذي يمثل تحسنًا ملحوظًا بالمقارنة مع قيمتها في عام 2019 والبالغة 25.9 مليار دولار أمريكي، وذلك حسب تقرير أصدرته الأياتا مع نهاية العام المنقضي، قبل احتدام الصراعات في المنطقة.

وتجدر الإشارة إلى أن تصاعد التوتر في منطقة الشرق الأوسط، جاء بعد مقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في غارة أميركية قرب مطار بغداد، وهو ما ردت عليه إيران بتلك الهجمات الصاروخية على القواعد الأمريكية بالعراق عبر الممر التجاري المزدحم في شرق العراق، والتي أربكت حركة النقل الجوي على أثرها، وتبعها تعليق العديد من رحلات الطيران حول العالم وليس فقط المنطقة.