EN 
على مدار قرابة 5 سنوات، عمر مجلس النواب، كان الاستجواب حلقة مفقودة في المجلس، وربما كانت الظروف التي تمر بها البلاد والتحديات التي يعمل في ظلها المجلس كان الاستجواب بعيد كل البعد عن أروقة المجلس، ولكنها بعد أن بدأت هذه الظروف تتغير للأفضل بدأ المجلس يعمل في وضع أفضل إلى حد ما، مما جعل الاستجواب الأول يخرج إلى النور، وأن استمر البرلمان يعمل - في إطار "ظلم النفس" الذي كتابه على نفسه هو عدم إذاعة الجلسات - الأسبوع الماضي، عمل البرلمان في أول الاستجوابات خلال الفصل التشريعي الحالي وخلال مدة عمله، وكان موجها إلى أصعب الوزارات وأهمها على الإطلاق وهي وزارة الصحة.
الاستجواب في مضمونه يحمل كل التفاصيل والإجراءات التي تتوافق مع لائحة المجلس ولذلك تم قبوله ومناقشته، لكن الملفت للانتباه هو كيف يمكن لمجلس لم يناقش استجوابا واحدا على مدار لـ 5 سنوات أن يتحكم في نفسه خلال هذا الاستجواب؟! والحقيقة أن أعضاء المجلس أثبتوا أنهم قادرون على مناقشة الاستجواب من حيث الشكل والمضمون، وجاء الاستجواب بعد أقل من ساعة من التصويت على تمديد حالة الطوارىء ونجح البرلمان في العبور به، استمر النواب في مقاعدهم حتى جاء الدور على استجواب وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد....رئيس المجلس الدكتور على عبد العال أعطى مقدم الاستجواب الفرصة كاملة في تقديم وقائع الاستجواب والتي كانت واضحة وصريحة وبها قدر كبير جدا جدا من الحرية والديمقراطية والحقيقة أيضا أن النائب محمد الحسيني "هو المعروف إعلاميا بنائب العجلة" لأنه جاء إلى المجلس بدراجة ليؤكد أنه مع الشعب، قدم نموذجا يحتذى به في تقديم الاستجواب عبر الصوت والصورة من خلال قيامه بتصوير التقصير الموجود في مستشفي بولاق الدكرور بالجيزة وقدم الرجل كل ما يحمل الوزيرة المسئولية، وهذا شىء يجب الإشارة إليه، عرض الرجل فليما تسجيلا واقعيا لحال المستشفى ووضعها الغير صحي، حتى هذه اللحظة الرجل محق في كل ما قدمه ولا غبار عليه، وبعد أن قدم كل ما لديه ووجه الشكر للمجلس، وبحسب اللائحة والنظام، أعطى رئيس النواب الفرصة أيضا كاملة للوزيرة لرد على الاتهامات الموجهة إليها بالتقصير ، الوزيرة كانت جاهزة للرد أوضحت أنها حينما كلفت بالوزارة كانت موازنة الدولة للصحة قد وضعت وبالتالي الإمكانيات المتاحة لها كانت محدودة وبعيدة كل البعد عن تطوير المستشفيات، كما أنها كشفت عن وضع أو تخصيص مبلغ يقدر 150 مليون جنية لتطوير مستشفي بولاق الدكرور وأنها بصدد العمل على تغيير كلي وجزئي للمستشفى خلال المرحلة المقبلة، وهذا ما يمكن بالموازنة الجديدة.
الوزيرة في الحقيقة ومع تحملها المسئولية كاملة وهذا أمر لا مجال للمناقشة فيه، استغلت الفرصة وبدأت في الدفاع عن نفسها وعن وزاراتها بتوضيح الخطة المقبلة للصحة في مصر وكشفت عن مجمل نشاطها وأهدافها خلال الموازنة الجديدة والمشروعات التي تنوي تقديمها وكأنها في عرض أمام النواب عن استراتيجيتها في وزارة الصحة، استطاعت بشكل أو بأخر أن توضح عملها وأن كان التقصير أيضا موجودا في هذا المجال لكن هذا هو وضعنا وهذه هى الإمكانيات المتاحة في ظل التحديات القائمة، وفي نهاية الموقف والذي استمر لأكثر من 4 ساعات ومع استخدام رئيس المجلس للائحة المعتمدة في هذا الأمر وبتجرد واضح وصريح واستعمالا لكل الطرق البرلمانية والتشريعية الموضحة لهذا الأمر، وجد نفسه أمام عدم استمرار الاستجواب في محله وتنفيذ ما أوصى به مقدم الاستجواب هو سحب الثقة من الوزيرة وذلك نظرا لعدم استكمال النصاب البرلماني والقانوني تنفيذا للائحة وأعطى الوزيرة درسا في إعطاء الفرصة كاملة لاستمرار دورها والعمل على تجنب الأخطاء والعمل في إطار الإمكانيات والبحث عن الحلول الأخرى واستمرارها في مكانها الوزيري.
المجلس خلال هذا الأسبوع كان لديه العديد والعديد من النشاطات والأدوار البرلمانية والتي كان من أبرزها هو الموافقة على مجموعة من القوانين وتعديلات القوانين، ومناقشة العديد من مشروعات القوانين المقدمة، وعمل اللجان والتي أقف أمامها سريعا، الحقيقة أن اللجان النوعية في البرلمان تقوم بدور كبير في مناقشة مشاريع القوانين وطلبات الإحاطة وغيرها، وكنت من المحظوظين حيث حضرت اجتماع لجنة الصناعة في بداية الأسبوع الماضي وكانت الوزيرة الجديدة للصناعة الدكتور نفين جامع حاضرة لعرض استراتيجيتها خلال المرحلة المقبلة أمام أعضاء اللجنة، ومن بين الكلمات الواضحة لهذه الاستراتيجية التي قدمتها الوزيرة نفين أن الصناعة قاطرة التنمية الاقتصادية في مصر وهذا عنوان عريض لفترة مهمة في تاريخ الدولة وكان الحظ أيضا أن حضور الوزيرة كان في اليوم التالي لاجتماعها مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في إطار التواصل المستمرة ما بين الرئيس والوزراء لمعرفة تفاصيل نشاطهم وعملهم والوزيرة كانت واضحة حينما قالت إن الرئيس يولي اهتماما كبيرا بالمصانع المتعثرة وهنا كلمة السر في الصناعة الحقيقة أى أن المصانع المغلقة المتعثرة سواء نتيجة لسوء إدارة أو عليها مديونيات كبيرة للبنوك أو لأسباب أخرى وهذا ملف شائك اعقتد أن الوزير الناجح هو من يبدأ باقتحامه والعمل على حله لأنه وسيلة نجاح كبيرة لخطته في الوزارة وتؤكد قدرته على إنقاذ الصناعة المصرية، الوزيرة نفين كشفت خلال عرضها لخطتها في المرحلة المقبلة عن اتفاق مع البنك المركزي وبتوجيهات من الرئيس السيسي بشأن جدولة الديون وخصوصا للمصانع المتعثرة، كما كشفت عن استمرارها في رئاسة جهاز تمويل المشروعات الصغيرة ومدى قدرتها من خلال التنسيق المستمر بين الوزارة والجهاز على استمرار دعم المصانع والمشروعات الصغيرة وهذا يعد بشارة جيدة.
كما كان للجنة الطاقة، مناقشة صريحة وواضحة مع وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر والذي أيضا أخذ عدة قرارات خلال المناقشة من شأنها التعبير عن حالة الشارع وخصوصا المواطنين الذين يشتكون من فواتير الكهرباء وقراءة العدادات وكان الوزير ايجابيا حينما وافق على تقسيط مديونيات المشتركين على أكثر من عام بل جعلها على مدار نفس فترة عدم قراءة العداد ، وهذا يحسب للبرلمان ودوره في التواصل ما بين الشعب والحكومة، ثم كان اجتماع لجنة الشباب مع وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي، حيث كانت المناقشات أكثر جدية وتكشف عن رؤية واضحة ما بين الوزارة وصناع الشباب في الدولة وخصوصا لجنة الشباب بالمجلس والتي كانت على قراءة جيدة للمشهد خلال هذه المرحلة وكيف استطاعت من خلال المناقشة مع الوزير أن تضع معه الاستراتيجية خلال الفترة المقبلة مع الأخذ في الاعتبار أن الرياضة أصبحت حاليا صناعة وإيمان الوزير بهذا الأمر.
في التوقيت ذاته كان المجلس على موعد مع وزيرة التضامن نيفين القباج والذي يعتبر حضورها هو الأول منذ توليها المسئولية حديثا وكانت ايضا مناقشة لاستراتيجيتها خلال المرحلة المقبلة وأظهرت المناقشة أحلام وطموحات لدي الوزيرة، الملقبة بأنها وزيرة الغلابة، لما تتمتع به من تاريخ في مناصرة الطبقة الفقيرة في المجتمع خلال عملها السابق وكشفت عن مساعيها لزيادة عدد المستفيدين من الدعم الذي تقدمه وزارة التضامن لـ 4 مليون مواطن خلال المرحلة المقبلة وهو أيضا أمل جديد للمواطنين.
أسبوع حافل في النواب يعزز من قدرته الشعبية ويؤكد دوره في المرحلة الراهنة والتحديات التي يواجهها في ظل رغبات قوية وطموحات فريدة، ويستمر البرلمان في تقديم حصص التوعية البرلمانية من خلال خطته الكبيرة في استمرار توعية الشباب وطلاب المدارس عبر استقبالهم وحضورهم جلسات المجلس من أجل مزيد من المعلومات والتوعية بما يقوم به ودوره التشريعي والراقبي، كما يبدو أن دور المجلس الدبلوماسي ورسائله الشعبية لم تنته بعد وخصوصا بعد اللقاء المثمر والقوي والمؤثر لرئيس النواب الدكتور على عبد العال مع المستشار عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي وكيف كان الموقف المصري واضحا وداعما لسيادة ليبيا والشعب الليبي عبر الرفض القاطع لانتهاك تركيا لسيادة ليبيا بوجود قوات مرتزقة من تركيا لمحاربة الجيش الليبي وشرعية الشعب هي البرلمان والدولة، كما أن الكلمة التي ألقاها المستشار عقيلة صالح كانت نموذجا يحتذى به في قوة ومتانة وتاريخ العلاقات المصرية الليبية وموقف مصر الواضح مع الشعب الليبي.
كما يبدو أن مكوك الجولات الخارجية قد انطلقت من جديد مع بداية العام الجديد 2020 لرئيس المجلس عبر زيارته الخارجية حاليا لجنيف للمشاركة في الاجتماع الخامس للفريق الاستشاري رفيع المستوى المعني بمكافحة الإرهاب التابع للاتحاد البرلماني الدولي وهو أحد المحافل الدولية أهمية لعرض موقف مصر الواضح وسياسة الدولة، وطبعا بالتوازي لدور الخارجية المصرية، وهو الموقف الذي يحترمه العالم والذي ينادي بضرورة العمل على حل الأزمات الراهنة بالطرق السلمية وعدم التدخل في شأن الغير واحترام سيادة الدول..أتمني التوفيق لرئيس المجلس في مهامه الدبلوماسية الشعبية واستمراره في تمثيل موقف الشعب المصري أمام المحافل الدولية....وغدا نلتقي.
