الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

داليا مكرم تكتب: لكم دينكم ولي ديني

داليا مكرم
داليا مكرم

"صباح الخير"، لا أعلم ما هو الرد المناسب على تحية الصباح، ولكني اعتدت ان ابتسم لقائلها دون النظر في وجهه، اسمعهم يتمتمون انني غريبه الاطوار لا أحب الناس يدعون لي بالهدايه، أقول "أمين" وابتسم فهم محقون لم اكن عند حسن ظنهم أبدا.

فهم متدينون بالفطرة وأنا لا احب ان اتحدث عن دياناتهم ولم أعد أمارس طقوسها بطريقتهم أنا الآن معهم لكني اجلس داخل عقلي بما تبقي منه فلدي ذاكرة تنهمر كالنهر عند رؤيه وجوههم وسماع اصواتهم ولدي روح لم تتقبل مصافحة أرواحهم فهم متشابهون جدا متدينون بالوراثة.

اتذكر في عمر الرابعه ضربتني معلمتي لعدم قدرتي علي حفظ آيات كتابي لم يكن لدي حينها القدر الكافي من الكلمات
لأوضح انني لم استطع حفظ شئ لا افهمه ولم تكن لي الجرأه ان اطلب منها ان تخفض صوتها الذي يقشعر بدني وهي لم تفهم ابدا لماذا اتجنب النظر في عيناها الجافه الغاضبه، دائما بدون سبب واضح، ربما هذه طقوس حفظ الآيات ؟، لا اعلم ! ولم اجد اجابه الي الآن، فلم اجد ملجأ إلا أبي لأشكو له خوفي، حدثني كثيرا عن الفرض قال لي ان حب الله فرض والصلاه فرض وحفظ ايات كتابه واجبه وتبني قصورا ف الجنه، هل كافي ان نحفظ الايات لندخل الجنه ونتجنب النار ؟، قال لي نعم!

رن الهاتف فأخبرني ان اقول لجدي كالمعتاد انه في الجامع يصلي او انه غير موجود !، وفي اليوم التالي ضربني لأني كذبت عليه خوفا منه، هو محق فالكذب يضعنا في النار.

اتممت العاشره وكان عيد ميلاد سعيد جمعنا ابي ليقول انني لم اعد صغيره و يجب ان اصلي بدون تذكير من أحد ولكني في نهايه يومي نسيت صلاه العشاء ضربني وعندما جائت امي لتحميني وبخها وذكرها بنقصان عقلها، فالحديث قال اضربوهم علي عشر والنساء ناقصات، أبي كان حريص جدا علي الصلاه يقول انها تريح النفس وتقوم الخلق وتجلب الهدوء للمنزل !

ها انا اتممت عامي الثاني عشر مهد لي ابي انه حان وقت الحجاب فهو الفرض التالي ولكن لم يسعفني الوقت للتفكير فعندما ذهبت الي المدرسه قامت مدرسه الفصل باستدعائي وقص جزء من شعري امام الجميع، فبدأت وضع الحجاب علي عقلي
ورأسي لأشبه الجميع وانال الرضا والسكون، وعندما اخبرت امي ان المدرس الملتحي قام بالتحرش بي خافت ان تخبر ابي واخبرتني ان لا اخبر احدا، واشترت لي قميصا طويلا و فضفاض لأرتديه في المدرسه واخبرتني ان قميصي كان ضيق نوعا ما.

لا اعلم لماذا هؤلاء الاطفال يضربون الكلاب ويتبولون امام الماره ؟، ولماذا هؤلاء الشباب ينبحون علي البنات الماره بهذه الشراهه والجرأه ؟، ليس لدي شك انهم تربوا ودخلوا المساجد وسمعوا الخطب، تربوا علي ان البنت، الاخت، الزوجه كائن مستباح مباح، عوره، مصدر قلق يجب التخلص منه كما قال التراث وافصحت العادات.

انني اعيش في مجتمع فاضل يفرض الفروض، ويسحق بها الاخلاق وينمي الكره في وجدان الاطفال ليس لدي شك انني اعيش في مجتمع محافظ ايضا، يحافظ علي تراث الأباء ويقيم لها الشعائر ويقدم لها فطرتنا قرابين لاستمرار بقائها، نعم انه مجتمع متدين لكني لطالما اشتقت للدين في تدينهم ولم القاه ابدا !.

هل تعمد تراثنا ان يجعلنا بهذا العنف والنفاق الديني والاجتماعي ؟، وكيف لم يفكر ملايين الاشخاص علي مدار كل تلك السنوات
اننا ننحدر ونعبد عاداتنا ونجعل من الفروض اداه لتشويه فطرتنا وانفصالنا عن الدين بالتدين الظاهري الذي بالطبع لن يحث علي
اخلاق وفضائل ومحبه، لن القي باللوم علي العوامل والرسائل الخارجيه ابدا سأظل الوم العقول والقلوب التي تعمدت الجلوس في الظلام حتي اصبحت كفيفه عند وجود خيوط النور.

لا أريد اكون معهم، لا اريد ان ينعتوني بالملتزمه او المتدينه لا اريد ان اتباهى بتأديتي فروضي وطقوسي، لا اريد ان ادخل معهم في سباق لأشبههم، اريد أن اكون أنا فقط، أريد ان اكون إنسان تشكل بالحب والعطاء والصدق، أريد ان احافظ علي النور بداخلي ربما يضيئ طريق احدهم بالخارج، أريد ان احتفظ بروحي ولا انفصل عنها من اجل ارضاء الجميع

والأن اخترت ان اهرب بما تبقي من الله داخلي، أن اعبد الله بطريقتي حبا غير مفروضا لا يطمع في جنة ولا يخشي
حطام، ربما في رحله اخري وفي مكان اخر اكون جزء من كيان لا يؤمن بالإجبار ويبسط زراعيه للمحبه والأخلاق والنظافه
والعدل، ربما في رحله أخري اجدني في عالم لا يحرم علي نفسه وعلي ابنائه التفكر والتدبر، انا التي تؤمن ان الله نور و رحمه فكيف لي ان اصافح كل هذا الظلام و الخراب، لن اتظاهر بأنني شئ اخر، أخترت أن ادخل الي صندوقي محافظه علي ماتبقي مني لحين اشعار اخر.