الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

60 درهما للمؤدب وللطفل قميص وطاقية ومداس.. قصة التعليم في الكتاب زمان

صدى البلد

رغم التقدم الكبير في وسائل وأساليب التعليم، إلا أنه حتي الآن يري كثيرون أن الكتاتيب من أفضل أساليب تعليم الأطفال، وهو ما كشفه لنا الدكتور عبد الحميد عبد السلام أبوعليو مدير إدارة التدريب والنشر العلمي في المُتحف الإسلامي بالقاهرة.

وقال أبو عليو لـ صدي البلد:كانت الكتاتيب نظامًا إسلاميًا لتعليم الصبيان ومنعهم من اللعب والعبث بعيدًا عن الدرس والتعلم، وكان الكتاب من الأساليب التربوية التي دعا إليها العلماء المسلمون مثل ابن سينا،حيث يقول إن الطفل يتعلم من أقرانه ويأخذ عنهم أكثر من كبير السن،  كما أوصى غيره من العلماء بضرورة أن يكون التعليم خارج المنزل حتى يتأقلم الطفل مع العالم الخارجي.

 وهو بمثابة التعليم الابتدائي حاليا،حيث يدخل الطفل في سن الرابعة أو الخامسة ويظل بالكتاب حتى سن البلوغ، يكون خلالها قد تعلم القراءة والكتابة والحساب وبعض من النحو والأدب، وأتم حفظ القرآن الكريم الأساس الذي من أجله أنشأت الكتاتيب والتي دعمت من قبِل الدولة بكل سبل الراحة والهدوء والأمن بما يوفر للأطفال جوًا مناسبًا لتلقي العلم.

وكشف أبو عليو أنه جاء في بعض الوثائق المملوكية أنه يرتب للكتاب مؤدبين حافظين لكتاب الله، آهلين لتعليمه وعريفين حافظين لكتاب الله تعالي ومائة يتيم، فيجلس كل مؤدب ومعه عريف وخمسون نفرًا من الأيتام بالمكان المعد لهم بمكاتب السبيل،  فيقرئهم المؤدب ما يطيقون قراءته من القرآن العظيم، ويعلمهم ما يحتملون تعلمه من الخط العربي وهجائه ويساعده العريف المذكور في ذلك على العادة.

وكان يصرف لكل مؤدب في كل شهر 60 درهم نقرة،وهي من أجود الدراهم عيارًا،ثلثاه أو أكثر من فضة وثلثه من نحاس،وكانت الدراهم النقرة تسبك بدور الضرب السلطانية ولكل من العريفين أربعون درهم نقرة  وللأيتام في كل شهر ثلاثة ألاف درهم نقرة تقسم بينهم بالسوية"كل طالب 30 درهما شهريًا".

ويصرف لكل منهم ( المؤدب – العريف –الطفل) عند ختمه القرآن خمسون درهمًا نقرة بسبب اهتمام المؤدب بإقراء اليتيم وتعليمه،وكذلك يصرف من ريع الوقف ما يحتاج إليه الأطفال من ثمن حُصر يجلسون عليها وألواح ومداد وأقلام ودوي، وينقل إليهم ما يحتاجون إليه من الماء العذب لشربهم وغسل ألواحهم، ومن بلغ من الأطفال استبدل الناظر بغيره إلا أن يكون قد قارب حفظ القرآن العظيم، وهو ممن يرجى فلاحه فيستقر به الناظر لحين ختمه القرآن العظيم.

ويرتب الناظر رجلين مسلمين أحدهما عارف بالطب خبير بمعالجة الأبدان ، والثاني عارف بصناعة الكحل كلا منهما يحضر كل يوم إلى المكان المذكور ويداوي من يحتاج إلى المداواة، من أرباب الوظائف والطلبة، ومن مرض من المقيمين بالأماكن الخاصة بالإقامة يتوجه إليه الطبيب في مكان إقامته ولا يكلف المريض الحضور إلى الطبيب، ويصرف لكل منهما 60 درهم نقرة.

بالإضافة إلى رجل جرائحي مجبرًا يحضر كل يوم ويصرف له كل شهر 40 درهم نقرة،كذلك يصرف لكل طفل قميص وطاقية ومداس ويعطى لكل من المؤدبين والعريفين مثل ذلك ويفرق الباقي على الفقراء والمساكين من جيران المكان وغيرهم لكل منهم قميص وطاقية ومداس.

ويصرف كذلك لحم من الضأن والخبز وحبات الرومان والأرز والعسل والتوابل،وكل جمعة يقوم الطباخ بالطبخ وتوزيع ذلك، فيما عدا رمضان يقوم بذلك كل يوم، ورطلين خبز يوميًا، بالإضافة للحلوى والأقلام والمداد والألواح ودوى وحُصر وكعك وتمر وبندق لا سيما في عيد الفطر و 2 رطل خبز يوميًا وكسوة في فصل الشتاء وأخرى في الصيف.

ويشترط في المؤدب أن يكون خيرًا متدينًا ذا عقل وعفه متزوجًا أمن على الأطفال المسلمين صحيح العقيدة في أسرة مستقرة فلا تأثر حالته النفسية على الأطفال،وكان يطلق على المؤدب أحيانًا اسم " الفقيه".

وقد اهتمت الوثائق الوقفية بتعليم الأطفال وأرباب الوظائف الخط العربي، باعتباره لونًا من ألوان التربية الجمالية وكان يقوم بهذه المهمة المؤدب أو من تولى وظيفة التكتيب،ومن أبرز شروطه أن يعامل الأطفال بالإحسان والتلطف وأن لا يضرب الضرب المبرح وأن يكون جيد الخط لكي يعلمه للأطفال.

والعريف كان يُعين المؤدب في عمله، وينوب عنه في غيبته، ويساعده في تعليم الأطفال إذ يعرضون عليه ألواحهم ويستمع لقراءتهم وكان أنبغ الأطفال شريطة أن تتوافر فيه ما في المؤدب من الشروط والأوصاف، وكان في المكاتب حوائط أو دواليب أو كُتبيات لوضع الأقلام والدوى والمحابر والألواح تحت أشراف العريف.

 وأضاف عبد الحميد":تذكر بعض الوثائق أن الصبي عند إتمام حفظه للقرآن الكريم يحصل على إيجازه علمية وعندما يبلغ الحلم كان ينزل في أحدى الوظائف الشاغرة بالمدرسة أو المكتب على أن يصلح لسدها، أو يصرف له الناظر مبلغًا من ريع الوقف يساعده في الحياة.