الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ريم سلطان تكتب: هى حياة

صدى البلد

كنت أعتقد مثل الجميع أن النظرة السوداوية هي اختيار فردي، كأن يختار الشخص لون حذائه بالمثل يحدث في لون حياته، البعض يختار الزهري والبعض الآخر يختار أن يشمل السواد عالمه. 

      وكان السؤال الدائم.. أهناك حقًا ما يستحق داخل هذا السواد ليدفع أحدهم لاختياره تاركًا كل الألوان الأخرى على كثرتها وتعددها وبهجتها؟! كم هو أحمق ومتشائم! 

      بالتأكيد هذا خطؤه، هو من اختار الأسود، بغض النظر عن أي شيء يحدث يوجد ما هو ايجابي ف كل شيء، وهو من اختار الجانب المظلم، يالا حماقته حقًا، أعتقد أنه يدعي الحزن.. ما الجيد في هذا! أكره أن ألتقي به حقًا، أخشي علي عالمي الزاهى من الذبول أو أن يمس السواد أيًا من ألوانه.

       حسنًا حسنًا، لنبتعد جميعًا عنه، سنتركه لاختياره، بعد أن ننتقد ذلك الاختيار طبعًا، في محاولة منا لأن ننشر ألواننا ليس إلا، لنريه كم نحن علي حق، وياله من أحمق، مخطئ وضعيف! 
       
      "انتهينا! أقال كلٌ ما لديه! "
قالها الزمن ولم ينصت له أحد، وأنا منهم أو لنقل كنت كذلك، لربما مازلتُ.. لا أعلم! 
     لم ينصت أحد؛ لأن الجميع منشغلٌ في احصاء ألوانه، أو ألوان الحياة، تلك التى خدعته وأوهمته أنها أعارته ألوانها، أو تنازلت له ولغيره عنها، أو حصل عليها بدهاءٍ منه، ولا فضل لأحدٍ عليه سوي عقلُه المدبر.
     هيهات! إنها الخدعة.. 
     ليُكمل احصاءاته -كما يحلو له- ماذا لديه، وماذا ينقصه، بل إن الأمر قد تجاوز ما لديه، ليحصي ما لدي غيره، يجب أن تتفوق ألوانه عليهم جميعًا، فهو يستحق الأفضل -في رأيه- ولا بأس بعد ذلك إن حصل أحدٌ غيره على شيء جيد هو الآخر، طالما دونه فالأمر لا يقلقه! 
     
     أما عني فقد بدد الزمان اعتقادي مبكرًا مبرهنًا لي -وأنا غي عقدي الثالث- أنّ الأسود ليس اختيارًا، ولكنه يُفرض هكذا مع بقيت الألوان ويتسع باتساع الزمان ليبتلعها جميعًا، أين الزهري؟ أنا متفائل.. أين هو! لا أريد هذا الأسود، أريد زهري، حسنًا أريد لونًا آخر إذ لم يعد يوجد زهري، سأبحث مثلًا عن اللون الأبيض، الأحمر، الأصفر، الرمادي.. أين الألوان؟ لا يوجد سوي أسود! 
      من بين جميع اختياراتي، فُرض علىّ ما لم أختره، ولم أكن لأختاره يومًا، ليس هذا وحسب..بل وابتلع جميع اختياراتي. هي موجودة ولكن بداخله، كما فعل الأسود مع بقيت الألوان، ابتلعها وابتلعني معها، وأنا التي كنت متمسكة بألوانى! الأسود يُفرض.. إنه يبتلعنا، أنا لم أختره يومًا سوى كحذاءٍ أو ما شابه، لكنه فُرض علىّ فيما دون ذلك، ولو أنّني سأختار لونًا آخرًا لاخترت الأزرق ولكن هيهات!!
      الأزرق ليس هنا، لا شيء يمكنه أن يتجاوز سُلطة الأسود -مهما حاولت جاهدًا- ما كان قد كان، لذلك سأظل محتفظة برغبتى فى الأزرق، وسأملأ داخلي به تماما حتي وإن لم يبدو على ظاهرى، يكفينى شعوري به، وأعلم يقينًا أنني سأصل إليه يومًا؛ يوم لم يعد للأسود، سيكون الأزرق الذى أرغبه جليًا تمامًا كسماءٍ صافية، ولكنني لست المتحكمة فى متى! 
       ممتنةٌ لمن وضع الأزرق بداخلي، حين ابتلعني الأسود كما يفعل مع الجميع مبرهنًا لهم سوء ظنونهم. 
      فقط تذكر.. 
      لستَ الأفضل؛ لا يوجد أفضلية لأحد فى قاعة الإمتحان، فالنتيجة لم تُحسم بعد، فقط انتظر، للزمان رأىٌ آخر، وتوقيت، وفرضيات تختلف عن ألوانك.. فلتفرح قليلًا!