الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الجيش السوري يتقدم في إدلب.. تركيا وميليشياتها بين خيارين أحلاهما مر

صدى البلد

مع تقدم الجيش السوري حاليا لاستعادة محافظة إدلب كاملة، في ظل ما يواجهه من نقص الموارد والعتاد، يجد المقاتلون المعارضون أنفسهم أمام خيارات محدودة أحلاها مر، بحسب ما قاله محللون لوكالة الأنباء الألمانية.

ونزح أكثر من نصف مليون شخص وفق الأمم المتحدة منذ ديسمبر الماضي، من جراء نتيجة عمليات القتال في إدلب وجوارها والواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) وحلفائها وتؤوي أكثر من ثلاثة ملايين شخص. 

يقول مدير قسم الشرق الأوسط في معهد دراسات الحرب نيكولاس هيراس لوكالة فرانس برس "لا يملك الرئيس بشار الأسد حاليا العديد أو الموارد اللازمة للسيطرة على كامل إدلب في هجوم واحد"، مشيرا الى أن دمشق "تحتاج دعمًا روسيًا من مستشارين وقوات جوية ودعم مدفعي" لكن "من غير المرجح" أن تحظى به "في هذه المرحلة من الحملة".

ولفتت الوكالة إلى ان المحافظة ومحيطها مشمولان باتفاق أبرمته روسيا، أبرز حلفاء دمشق، وتركيا الداعمة للفصائل المعارضة في سوتشي في سبتمبر 2018، ونص ّعلى إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مواقع سيطرة قوات النظام والفصائل. ونصّ الاتفاق على فتح طريقين دوليين، تسيطر الفصائل على أجزاء منهما، يمران عبر إدلب ويربطان محافظات عدّة ببعضها قبل نهاية العام. وتراجع التوتر لبعض الوقت بعد توقيع الاتفاق، لكن أي انسحابات لمقاتلي هيئة تحرير الشام لم تحصل، فيما استأنفت دمشق هجماتها على مراحل، وتمكّنت من قضم مناطق واسعة، وضمها لسيطرة الجيش السوري.

ويرى هيراس أن تصعيد القوات السورية يتم بموجب "ضوء أخضر" روسي "لممارسة ضغوط كبيرة على تركيا وإجبارها على تحمل المسؤولية في نزع سلاح هيئة تحرير الشام وحلفائها مقابل تعهد روسي بوقف الأعمال العدائية".

ويقاتل الجيش السوري بشراسة في الوقت الحالي من أجل ااستعادة طريق "أم فايف" الاستراتيجي الذي يربط محافظة حلب بدمشق، ويتفرع منه طريق ثان يربط محافظة اللاذقية بإدلب.
ووجهت تركيا تحذيرات حازمة إلى دمشق بعد تعرّض مواقعها في إدلب لقصف سوري. وأمهل الرئيس رجب طيب إردوغان دمشق حتى نهاية الشهر الحالي لسحب قواتها من محيط نقاط المراقبة التركية في مورك والصرمان في جنوب المحافظة. وباتت هذه النقاط ضمن مناطق سيطرة النظام مع تقدم قوات هذا الأخير خلال الأشهر الماضية.

وأعلنت وزارة الدفاع التركية، اليوم السبت، أن نقاط المراقبة في إدلب شمال غربي سوريا تواصل مهامها وقادرة على حماية نفسها. وأضافت أنها سترد بقوة على أي استهداف جديد لنقاط المراقبة التركية في إدلب، وعددها 12 نقطة.

وقالت وزارة الدفاع التركية إن وحدات حماية الشعب الكردية لا تزال موجودة في شرق وغرب منطقة عملية نبع السلام شمال سوريا. فيما عزز الجيش التركي اليوم نقاط مراقبته في محافظة إدلب عبر تزويدها بناقلات جند مدرعة، كما أرسل أمس إلى المنطقة 150 آلية عسكرية وقوات خاصة "كوماندوز".

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق، أن أنقرة ستنشر منظومة الدفاع "حصار إيه" في منطقة إدلب، في خطوة تعد الأولى من نوعها للقوات التركية في سوريا. وأمهل أردوغان الجيش السوري حتى نهاية فبراير الجاري، للانسحاب خلف نقاط المراقبة التركية، مهددا بشن عملية عسكرية في المنطقة.

وتواصل أنقرة إرسال تعزيزات عسكرية الى محيط مدينة إدلب. وشاركت، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تأمين الإسناد المدفعي للفصائل والمعارضة في اشتباكاتها مع قوات النظام في اليومين الأخيرين.

ويرى الباحث المتابع للشأن السوري سامويل راماني أنّ مواصلة قوات النظام تقدّمها "تعتمد على ما إذا كان الجيش السوري سيواجه مقاومة شديدة من القوات التركية" أم لا. ويضيف "إذا كان الأمر كذلك، فقد يرغب الأسد في تجميد النزاع مؤقتًا ثم إعادة تصعيده بمجرد تجاوز الأزمة الراهنة في العلاقة السورية التركية".

ويقول الرئيس السوري بشار الأسد إن الذي بات يسيطر على أكثر من سبعين في المئة من مساحة البلاد، إنه عازم على استعادة إدلب. وقال في شهر أكتوبر إنّ "معركة إدلب هي الأساس لحسم الفوضى والإرهاب في كل مناطق سوريا".

ويؤكّد رئيس تحرير صحيفة "الوطن" السورية المقربة من السلطات وضاح عبد ربه لفرانس برس أن "إبقاء أي منطقة تحت الاحتلال الإرهابي أو التركي أو الأميركي غير وارد"، موضحًا أن "القرار متخذ" في هذا الشأن.

لكنه لا يستبعد في الوقت ذاته أن يحصل ذلك "على مراحل، ووفقًا لاتفاقات دولية كاتفاق سوتشي". ويقول "بعد تنفيذ الاتفاق وفتح الطريقين الدوليين، لا بدّ من التقدم وتحرير كامل المحافظة، شاءت تركيا أم أبت".

وتكتسب منطقة إدلب أهميتها من نظرا لأنها المعقل الأخير لمعارضي الرئيس السوري، إذ إن نصف القاطنين فيها نازحون من محافظات أخرى، وضمنهم مقاتلون معارضون غادروا مناطقهم إثر اتفاقات إجلاء أعقبت عمليات واسعة شنها الجيش السوري للقضاء على الميليشيات المعارضة والإرهابية، يبلغ عدد مقاتلي الفصائل المعارضة في إدلب حوالى ثلاثين ألفا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وعشرين ألفا من هيئة تحرير الشام والفصائل الجهادية.

وفي انتظار المضي في "تحرير" إدلب، يقول عبد ربه إنه سيتم "فتح المجال لمن يريد أن يستسلم أو أن يجري تسوية حقنًا للدماء". أما المقاتلون الأجانب "فلا خيار أمامهم سوى الاستسلام والمحاكمة أمام القضاء السوري أو الهروب والعودة من حيث أتوا، أي تركيا".

وتخشى تركيا التي تستضيف حاليا أكثر من ثلاثة ملايين لاجىء سوري، تدفّق موجات جديدة من النازحين إلى أراضيها، فتغلق حاليا حدودها بإحكام. ويقول راماني "قد تكون إقامة منطقة عازلة جديدة في إدلب الخيار الأكثر ترجيحًا، لكن من غير الواضح ما إذا كانت تركيا ستمضي في ذلك حتى النهاية".

ويرى أن استمرار دعم أنقرة للمقاتلين سيمكنهم من الصمود، وتخليها عنهم يعني أن "مستقبلهم سيكون أكثر غموضا". يخلص الى القول "قد ينضم بعض السوريين إلى تركيا كمقاتلين أجانب (..) لكن معظمهم، إما سيكونون تحت رحمة قوات الأسد، أو سيواجهون الحياة كنازحين أو لاجئين".