الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خالد العيسوي يكتب:"النواب".. إنسانية التشريعات

خالد العيسوي يكتب
خالد العيسوي يكتب :"النواب".. إنسانية التشريعات

على مدار أكثر من 8 سنوات ارتبطت كلمة الإرهاب في أذهان المصريين بالعديد من الحوادث والعمليات الإرهابية وربما شخصيات أيضًا، أما إرهابية أو تدعم الإرهاب بشكل أو بآخر، خلال هذه الفترة كانت مصر، وما زالت، تواجه هذا الإرهاب الغاشم على المستويات كافة، المستوى الأمني، وهذا ملف ذو أهمية قصوى بالنسبة للجيش والشرطة، وقطعا فيه شوطا كبيرا وحققا نجاحا منقطع النظير، وبات نموذجا يحتذى به في العالم أجمع، والمستوى الآخر هو القضاء، ولديه من القوانين ما يجعله يسير في الاتجاه الصحيح ويتواكب مع القانون الدولي والمعاهدات الدولية.

وهناك المستوى الفكري والديني وأعتقد أن الجهات المعنية في هذا الصدد تقوم بدورها، وهنا أقصد الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، وبالأمس القريب كان وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة ضيفا عزيزا على مجلس النواب لأمرين مهمين؛ الأول: التكريم والتشريف بمجموعة من المتسابقين من مختلف دول العالم المشاركين في مسابقة القرآن الكريم العالمية والتي تحتضنها مصر تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، وكانت النظرة الموجودة في هذا الإطار أن الدولة التي تتعرض للإرهاب تارة وللتشويه تارة أخرى، بأنها تحارب الإسلام، وهذا افتراء على مصر الكنانة أرض السلام والديانات كافة، فكانت الرسالة من هذا التكريم واللقاء تحت رعاية رئيس المجلس الدكتور علي عبدالعال أن مصر تكرم وتشجع حافظي القرآن الكريم، وتسعى لأنْ يكون هؤلاء سفراء في بلدانهم للحديث عن بلد الإسلام بأزهرها وأوقافها.. مصر.

ثم كان اللقاء الآخر وهو طلبات مناقشة وإحاطة لوزير الأوقاف من قبل لجنة الشؤون العربية حول رؤية مصر واستراتيجيتها لمحاربة الإرهاب والفكر المتطرف وتجديد الخطاب الديني، وكانت ردود وزير الأوقاف تشير إلى استراتيجية تبنتها مصر منذ اليوم الأول، وهي نشر صحيح الدين ومحاربة الفكر المتطرف وتدريب الأئمة والخطباء على كيفية نشر سماحة الدين والبعد عن الغلو والتطرف. 

أما المستوى الأهم في هذه المرحلة فهو كيفية تشريع قوانين تخطو نحو القضاء على الإرهاب، وهنا يأتي دور مجلس النواب الريادي في هذا الأمر، فخلال السنوات الماضية كانت التشريعات صارمة وحازمة مع كل من تسول له نفسه ارتكاب جريمة خطيرة وإيذاء هذا الوطن، فتحت شعار "أن قرار الإدراج على قوائم الكيانات الإرهابية له طبيعة تحفظية ومؤقتة لفترة معينة تنتهي بصدور حكم المحكمة، وخطورة ظاهرة الإرهاب هي التي فرضت مثل هذا القانون في وقت نحارب فيه الإرهاب".. وافق المجلس على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 8 لسنة 2015 في شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، في مجموعه، مع إحالته لقسم التشريع بمجلس الدولة للمراجعة، ليكون هذا المستوى هو الأفضل في مكافحة الإرهاب بالقانون.. وهذا إطار تسير فيه الدولة المصرية منذ بداية الإرهاب في التسعينيات وحتي اللحظة.

لكن ما اللافت للانتباه في هذا القانون والذي ربما يغيب عن أعين الشعب المصري العظيم؟، نظرا لاستمرار المجلس في ظلم نفسه بعدم إذاعة الجلسات، اللافت هو أن هذا التعديل كانت الإنسانية وليدة فيه بكل قوة وجرأة وحكمة ووطنية، في البداية يجب أن يعلم الجميع أن رئيس النواب الدكتور علي عبدالعال، وبحكم أنه من خبراء الدستور في العالم، وعالم من العلماء في القانون، يسعى دائما إلى تجنب العور الدستوري في القوانين، وهنا جاء دوره خلال مناقشة هذا التعديل في القانون المشار إليه وحرص على عدم تعرضه للعور الدستوري، وشدد على ضرورة أن يكون هذا القانون بمثابة مرجعية حقيقية لمكافحة الإرهاب عبر القانون.

وجاءت النظرة الإنسانية من رئيس لجنة حقوق الإنسان النائب علاء عابد وكيف أصر خلال المناقشة في طلبه لرئيس النواب على أن يتم حذف عبارات بعينها من نص القانون كانت تشير إلى إسقاط المتهم في جرائم الإرهاب من وظيفته أي "رفده من عمله" قبل الحكم النهائي وقطع مرتبه وإسقاطه من عضوية نقابته.. وهو ما رفضه النائب عابد وأصر وأيده في ذلك رئيس مجلس النواب، وتم التعديل بكلمة تجميد الموظف المتهم واستمرار صرف مرتبه حتى الحكم القضائي النهائي.. وهي إنسانية كان يجب أن تبرز للمواطنين عبر شاشات التلفزيون، ناهيك عن تأكيد رئيس النواب أن كل مرحلة من مراحل الإرهاب تستوجب التعامل معها بحكمة، والحديث عن اعتبار القنوات الفضائية من ضمن الكيانات الإرهابية وغير ذلك، ووقتها قال رئيس مجلس النواب: "إن مسار حرية الإعلام معلوم لدى الجميع، حيث الرأي والرأي الآخر في إطار احترام الدستور والقانون والثوابت الوطنية"، وأنهى محاولات قوى الشر والإرهابيين لتشويه صورة البرلمان والدولة المصرية بالقول الواضح والصريح: "إن قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين هو قانون تحفظي ومؤقت لفترة معينة تنتهي بصدور حكم المحكمة، وخطورة ظاهرة الإرهاب هي التي فرضت مثل هذا القانون في وقت نحارب فيه الإرهاب".. لتبرز إنسانية التشريعات. 

وفي نهاية المقال أود إرسال رسالة إلى الزملاء في مهنة صاحبة الجلالة مفادها بأن مجلس النواب يحترم الصحافة والصحفيين.. والأدلة على ذلك كثيرة، آخرها بالأمس القريب خلال الجلسات العامة وخلال "مزحة من قبل رئيس البرلمان" مع أحد الأعضاء يمتلك جريدة، وكانت قد نقلت خبرا غير دقيق عن البرلمان، ومازح الدكتور علي عبدالعال النائب بأن يراعي المهنية في أداء جريدته وهنا كانت الطلبات البرلمانية من بعض الأعضاء بضرورة معاقبة هذه الجريدة، ولكن رئيس البرلمان كان حريصا على عدم المساس بحرية الصحافة قائلا: "تتمتع الصحافة بالاستقلالية، ولابد من دعم الصحافة الحرة؛ لأنها ضمانة أي مجتمع حر، مشيدا بالصحافة والصحفيين.. هنا رسالة من أحد أركان الدولة بأن الصحافة حرة ومستقلة ولها كل الاحترام والتقدير. وإلى اللقاء