الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شكري شيخاني يكتب: روسيا.. تركيا.. والكعكة السورية

صدى البلد

تشهد الساحة السورية منذ انطلاق الأزمة صراعًا حقيقيًا وفعليًا بين عدة أطراف إقليمية ودولية، أبرزها كان التركي – الأمريكي من جهة ومن جهة أخرى الجانب الروسي.

هذا الصراع بين شدّ وجذب حسب تقاطع المصالح والنفوذ، فروسيا بعد أن كان حلمها ومنذ الأزل أن تضع قدمها على أحد شواطئ البحر الأبيض المتوسط، تحقق هذا الحلم في خضم الأزمة السورية، واستطاعت روسيا ان تضع يدها وقدمها ورأسها على شواطئ البحر المتوسط إن كان عبر قواعد طرطوس واللاذقية وحميميم.

وأيضًا عبر تفاهمات دولية حتى يكون لها موقع على السواحل الجنوبية للمتوسط أي ليبيا في بنغازي وطرابلس.

وهذا الحلم يتزامن ويتناغم تمامًا مع جملة الأحلام الأردوغانية العثمانية والتي تدغدغ خيال الأتراك منذ عشرات السنين في حلب والموصل وإدلب وشمال شرقي سوريا.. لذلك نجد هذين الندّين حينا والصديقين أحيانا كثيرة يعيشان حالة الشد والجذب مع أنه في التاريخ القديم المشترك بين هذين الصديقين حالات كثيرة من خلاف واختلاف واحتراب وحالة ما صنع الحداد بينهما. وحتى تاريخنا الحالي مثلا اغتيال السفير الروسي في تركيا وأيضًا إسقاط الطائرة الروسية، ومع هذا نرى أنه أحيانًا يصل شهر العسل بينهما إلى النهاية ولكن ما تلبث أن المصالح المشتركة تعيد الحب والوئام ولحظات الود بينهما.

مثلا تمديد أنابيب الغاز الروسية إلى أوروبا عبر تركيا وبحر قزوين، والسياحة الروسية في تركيا، وصفقة الاس ٤٠٠ والـ ٦٠٠ القادمة، ومحاولة الروس المستميتة لإخراج تركيا من حلف الأطلسي وجعلها أي تركيا بوابه لروسيا في التغلغل أكثر وأكثر في أوروبا عبر تسويق الغاز الروسي، وكل ذلك يجري على حساب الدم السوري والأرض السورية. وهنا لا بد من القول بأنه سيكون جاهلًا بالسياسة والتاريخ من يظن أنه هناك عداء حقيقي بين الأتراك والروس وأثبتت الوقائع أن الهم الأول والأخير لهاتين الدولتين هو المصلحة القومية والامنية العليا لكل منهما في الدرجة الأولى وما إلى غير ذلك فهو الترتيبات الدنيا من الاهتمام.




ومع ذلك أيضًا نرى جمهور ومحبي ومؤيدي هذه الدولة أو تلك لا يزال يصدق أقوال المسؤولين والعسكريين والسياسيين في تركيا وروسيا، ويعقد عليهما الآمال والأحلام وهذا الجمهور معارضة كان أم موالاة لا يزال يعتقد عن جهل مركب ومعقد بأن هاتين الدولتين ضامنتين للحق والدم السوري. وجاهل ثانية بالتاريخ والسياسة من يظن أن تركيا وروسيا هما الأم الحنون والرؤوم للمواطن السوري، لأن هذا المواطن لا يزال تائه بين نظام لا يريد أن يتنازل ولا قيد أنملة عمّا يريده ويصرّ على تنفيذه رغم مرور ١٠ سنوات على الأزمة من دكتاتورية وهيمنة وفرض الرأي والفكر الواحد.


وذات المواطن السوري تائه بين معارضة فاشلة وفاسدة ومتحجرة بالرأي والفكر وعابدة لكرسي الحكم أكثر من النظام نفسه..

وهذا ما يجعلنا نؤكد على ضرورة إخراج القرار الأممي والمتوافق عليه من قبل الجميع  عام
٢٠١٣ وهو القرار ٢٢٥٤ والذي ينص على سلال ثلاث وهي انتقال سياسي حقيقي ومضمون أمميًا ومن ثم انتخابات وصياغة دستور جديد الذي يعطي كل مكونات الشعب السوري حقهم في العيش بكرامة وحرية.

هذا القرار يجب أن يخرج إلى النور والعمل به ولا يتم ذلك إلا بالتضامن السوري - السوري والانفكاك من تبعية الاجندات الخارجية للطرفين، والتطلع إلى المصلحة القومية السورية العليا ولملمة الصف السوري بكل اطيافه وقومياته ومراعاة حقوق كل المكونات على أسس ديمقراطية حقيقية تنبع من واقع الانتماء لسورية الام.