أظن أن هذا ضرب من ضروب الخيال.. وأنا لا ابرر للافراد سماع مهرجانات معيوبه عديمة المعنى والذوق ولا أدافع فى المطلق عن المهرجانات وانما أتحدث من قبيل المنطق والحكومه كى نضع الأمور فى نصابها فالمريض يمكن التعامل مع حالته المرضيه دون بتر أصابعه وكذلك الفن يمكن خدمته بطريقه غير جلد المطربين عبر اولا الاعتراف بفن المهرجانات وهذا هو جوهر واساس القضيه' وثانيا تقنين وتنظيم هذه النوعيه من الفنون فالمهرجانات ماهى الا جمل تحمل رسائل مجتمعية بألفاظ عاميه شعبيه شديد الصراحه ودقيقة فى المعنى فتاره تعبر عن قيمة الاصحاب واوقات الشده والفرح وعن الرجوله والشجاعه وتارة تعبر عن المحبين والرومانسيه وهناك من يعبر ايضآ عن هذه القيم بشكل يغلب عليه الإسفاف والتدنى وانا والجميع نؤيد منعها بشدة فلا مانع من ذلك اطلاقا.
وبتكملة الاسباب المختلفه لسماع المهرجانات لدى البعض نجد منها عاملا مؤثرا جدا وهو طغيان هذه المهرجانات على مراحل المراهقه والشباب فى عصرنا هذا بشكل كبير جدا حيث أصبحوا يسمعونها فى كل مكان سواء فى الافراح أو عربات الركوب أو التوك توك بدرجه كبيره جعلتهم يتعودون علي سماعها حتى أننا نجد أن منهم من يريد تقليدهم وعمل مهرجانات مثلهم وهذه حاله مجتمعيه وثقافيه عامه لغالبية المراهقين والشباب والتى فرضها عليهم التطور والانفتاح وخاصة السوشيال ميديا فهم حريصون بشدة على مسايره الحداثه فى كافه المجالات سواء مأكل أو ملبس أو مشرب أو فن وهم بنسبه كبيره ارض خصبه لنمو مثل هذا النوع من الاغانى وهذه حقيقه لا نقاش فيها ..
ونجد أن غالبية سامعى المهرجانات سواء صغارا أو كبارا لا يقيمون المهرجانات من حيث اصوات مطربيها فما يشغلهم هو الكلمات والجمل الرنانه والتوزيع والوزن الواحد مثل (سكر محلى محطوط على كريمة)
(حب عمرى نسيته وفاتنى ) (وداع يا دنيا وداع انا اللى باع ومكملشى الحياه لو بيك أو من غيرك دى هتمشى)....... الخ.. كما ان حفظ مقاطعها سهل جدا ومن هنا اصبح التعود عليها وعدم استغرابها امرآ ليس بالصعب فأصبحت اكثر انتشارآ فى المجتمع.
ومن ناحية اصوات مطربيها فاذا تم الاخذ فى الاعتبار جودة وجمال الصوت فلمَ غنى محمد رمضان على سبيل المثال؟ والسؤال هنا من أصدر له تصريح الغناء وكيف اقتنع بصوته فى الوقت الذى تم فيه منع آخرين من أخذ التصريح مثل بيكا طالما أن التقييم يقوم على أسس كثيره أولها الصوت وجودته؟
والحقيقه التى لا تقبل جدالا أن المهرجانات فرضت نفسها ككتله واحده بما تحمله من أصوات مختلفه فى الجوده فمنها الجيد والمتوسط والسيئ ومع ذلك تسير فى طريقها محققه لنسب مشاهدة عاليه وايرادات ضخمه غير متأثره بهذا الانحراف الصوتى والتباين الشديد فيه.
فى النهايه اقول لا ضرر ولا ضرار ولا إفراط ولا تفريط وعلينا التعامل مع الظاهره المجتمعيه بمزيد من التعقل والتوازن والحرفيه بنظريه وسطيه لا يضيع معها معالم الفن ولا نجترى فيها على حقوق أشخاص كثير من الناس نعترف بجمال أصواتهم وهذا ليس من قبيل المجامله فالفنان هو من يفرض نفسه على الساحه بحسابات عدد لا بأس به من المجتمع لان معيار النجاح لدى مجتمعنا هو الانتشار بغض النظر عن اى عوامل فنيه أو مسميات أخرى وهذه ثقافه مجتمعيه تعودنا عليها فى الغالب فالمهرجان الناجح هو ما يحقق اعلى المشاهدات والايرادات وهذا تقييم غالبيه المصريين حتى أن البعض يظن أنه ربما مخطئ فى تقييمه وحكمه عليه عندما يشاهد انتشارا واسعا له على السوشيال ميديا .
وبالرجوع إلى الزمن الجميل فان اغانى لعدوية مثل السح الدح امبو وكركشنجى حققتا نجاحا هائلا بالرغم من وجودها بجانب اغاني عمالقة الطرب حيث حققت مشاهدات فاقت اغانى مشهوره جدا وقتها رغم أنها فنيا قد تكون أقل من الاغانى التى تعدتها وهذه هى فلسفه المجتمع المصرى وذوقه العام ومدى ثقافته وتقبله لأنماط الفن المختلفه وهو أمر واقع علينا قبوله والان أيضا نفس الفكره نجد أن بعض اغانى مهرجانات قد اكتسحت اغانى أخرى لمطربين مشهورين لهم باع وتاريخ طويل فى الغناء ولينتقد من ينتقد وليصرخ من يصرخ.
أكرر مره اخرى واهم من يتخيل ان احدا يمكنه وقف هؤلاء المطربين أو مهرجاناتهم فالحكم الاول والاخير للشارع ومدى تقبله لهذه النوعيه من الاغانى وهذا مزاجه الخاص وله حرية الاختيار ومن حق النقابه ايضآ فلترة وتقييم الأعمال ومنع المخالف منها للاداب والذوق العام لكن منعها فى المطلق امر خيالي وغير منطقي بالمرة.. وأنا اقترح انشاء نقابه لمطربي المهرجانات والاعتراف به كفن شعبى بفضل اكتساحه للأرقام القياسية فى المشاهدات والتى بالطبع لن تأتى من قبيل الصدفه أو المجامله فكل فرد أدرى باحساسه وبما يؤثر فيه فاتركوا لهم حرية الاختيار .