الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.جوزيف رامز يكتب: انعدام ثقافة الهزيمة والاختلاف في المجتمع

صدى البلد

قامت الدنيا ولم تقعد فى الوسط الرياضى والشعبى المصرى عندما فاز الزمالك على الاهلى فى بطولة السوبر المحلية التى أقيمت مساء الخميس الماضى بأبوظبي وسط حضور جماهيرى كبير واهتمام رسمى ملحوظ من السلطات هناك لإنجاح الحدث الرياضى الفريد-على مستوى العالم العربى-والذى من الممكن أن يكون وسيلة للاستمتاع والترفيه ودعم العلاقات بين الدول والشعوب العربية الشقيقة من خلال الرياضة وكرة القدم المحببة للجميع,خاصة فى ضوء الشعبية العارمة للناديين الكبيرين فى مصر ومحيطها العربى على الخصوص.     

ولعل سبب الامتعاض وعدم الرضا الواضح عقب المباراة وقبل تسليم الميداليات والكأس لم يظهر فقط فى الاشتباكات التى حدثت فيما بين بعض اللاعبين والإداريين لدى كل من الناديين ومن جاورهم من اللاعبين الا حتياطيين وغيرهم .. والتى جعلت المنظر العام لنا غير مستحب وغير مشرف على الإطلاق.. وقد تكون أفسدت الحفل الرائع والمبهج من جانب الأشقاء -تخيل أن أسرة عربية شقيقة استضافت أسرتنا لقضاء وقت ممتع وطيب..وفى نهاية اللقاء قمنا نحن الأسرة المستضافة بضرب بعضنا البعض وتبادل الشتائم والسباب أمام أنظار  المستضيفين وكل ما يشاهدنا- لا شك أنه منظر مشين وكريه أمام الجميع. 

                

ولعل الأمر لم يقتصر على الاشتباكات التى حدثت فى ملعب المباراة ولكنها امتدت لوسائل التواصل الاجتماعى وروادها والذين يرفضون فى الغالب نتيجة المباراة –فقط لأن فريقهم لم يفز بالمباراة ..كما امتدت لباقى أعضاء المنظومة الكروية والإداريين والمراقبين وحتى الإعلاميين  والفنانين ورموز المجتمع ,خاصة فى برامج "التوك شو"..والذين ينقسمون بالطبع فى آرائهم فيما بين الفائز والمهزوم,رغم أن الأمر برمته لا يستدعى كل هذا الاحتدام.                                                                                                  

سبب الفتنة:

ولعل ما حدث والذى يجب أن يكون درسا لنا فى الروح الرياضية وتقبل الهزيمة تماما كما نحتفى بالنصر..لعل سببه بالأساس ليس فقط عدم قدرة لاعبى الفريقين على تقبل فكرة انتقال أحد زملائهم السابقين الى الفريق المنافس الآخر قريبا ..وعدم وجود الروح الرياضية أصلا بين الجانبين ,ولكنه الشحن الزائد بين اللاعبين والإداريين وفى وسائل الإعلام المختلفة بحيث يخيل للإنسان أنك أمام موقعة حربية وليست مباراة رياضية تقبل احتمالات ثلاثة: هى الفوز أو الهزيمة ثم التعادل. 

                                                          

ويجب أن نعرف ونوعى الجماهير من مختلف الانتماءات والمشارب أن الهزيمة واردة فى الرياضة وفى كرة القدم وهو ما يواجهه أعتى الفرق والمنتخبات وأنه لا يوجد فريق أو منتخب فى العالم معصوم من الهزيمة.  

 

يجب على أجهزة الإعلام وقادة الرأى فى المجتمع أن يقوموا بتوعية الجماهير  وتثقيفها الثقافة الكروية الصحيحة وعدم التعصب أو الإساءة للآخر.. وقبول فكرة الاختلاف أو التنوع من أساسه وهى سمة المجتمعات..وقبول الهزيمة بصدر رحب مثلها مثل الفوز..وهنا نحمل اللاعبين مسئولية ان يكونوا قدوة للمشاهدين وليس سببا للفتنة والتطاحن فى الملعب. 

                                                                                     

رحم الله الزمن الجميل... أيام حمادة إمام وعمر النور ورفعت الفناجيلى وصالح سليم وطه اسماعيل والشاذلى ومصطفى رياض وعلى أبو جريشة أمهر اللاعبين ومحمد  لطيف وعلى زيوار من المعلقين.  وآخرون كثيرون غيرهم مما أثروا الملاعب وأسعدوا الجماهير...وكنا وقتها نقول:يفطر الشعب المصرى بالفول ويتغدى بالكورة ويتعشى بأم كلثوم...هذا طبعا قبل أن يغزوا التعصب ملاعبنا وتختلط السياسة بالرياضة من خلال تجمعات الأولتراس سواء فى الأهلى أو الزمالك والتى أفسدت السلوك الرياضى السليم والمتعة الكروية الجميلة التى افتقدناها منذ زمن بعيد الا من الجماهير الواعية التى تساند منتخبنا القومى أو فرقنا وأنديتنا الوطنية عامة فى المسابقات القارية...والذى يعد واجبا وطنيا مناصرتها وليس مناصرة الفرق المنافسة.                                                                                                 

سبل الحل:

ولعل قرارات لجنة الانضباط باتحاد الكرة كانت ضرورية وواجبة، رغم أنها ليست كافية بمفردها، لإصلاح الشكل العام للمنظومة الرياضية المصرية وللاتحاد المصرى المعين الحالى والذى يديرها  بعد الفشل الكبير لنظيره السابق والذى يفتقد منذ فترة طويلة للكياسة والموضوعية ..كما أنه يحابى أندية القمة..  ويتخبط فى قراراته..ولا يدير المنظومة الكروية بالكفاءة المطلوبة أو الواجبة...ويبدو واضحا افتقاد لجنة الحكام الرئيسية أيضا  لمعايير النزاهة والعدالة...واتخاذ قرارات تعصف بجهود وتعب :هذا أو ذاك.                                                                                                    

وكانت النتيجة التى وصلنا إليها أن ملاعبنا أصبحت خاوية من الجماهير ..كما تعرض العشرات من أبنائنا للموت بسبب التعصب الكروى وعدم قبول ثقافة الاختلاف أو الهزيمة و التى يجب أن تسود فى أوساطنا اذا أردنا الإصلاح الحقيقى وعودة الجماهير...ويكون الشعار العام هو "كلمة مبروك للفائز ,وهاردلك للمهزوم". 

                                                                                               

ويبدو أننا-للأسف- لم نفتقد الريادة الرياضية فقط :عربيا وأفريقيا ودوليا، ولكننا افتقدنا بفعل  بعض هذه التصرفات الحمقاء  السلوك المجتمعى المتميز وأبسط قواعد الروح الرياضية وقبول ثقافة الاختلاف أو الهزيمة التى يجب أن تكون راسخة فى ثقافتنا الكروية وسلوكنا العام.