الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرئيس والقديس.. البابا شنودة ومبارك جمعتهما الحكمة ولم تفرقهما السياسة.. كيف حافظ الكبار على الوطن في الأوقات الصعبة

الرئيس الاسبق محمد
الرئيس الاسبق محمد حسنى مبارك و البابا شنودة

  • *مبارك الغى إجراءات السادات وأعاد البابا شنودة من التحفظ عام ١٩٨٥
  • *البابا شنودة عن مبارك: علاقته بنا طيبة نابعة من روحه السمحة التي لا تعرف التعصب إطلاقًا 
  • *البابا شنودة لمبارك عقب حادث أديس أبابا: "ستبقى حتى تؤدي رسالتك" 
  • *قرار مبارك بمنح ٧ يناير إجازة أسعد جميع المصريين وليس الأقباط فقط
  • *الرئيس الراحل بكى عقب علمه بخبر وفاة البابا شنودة


عقب الإعلان عن وفاة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك أمس بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز ٩١ عاما بادرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ومعها كافة الكنائس المصرية "الكاثوليكية والإنجيلية والأسقفية" بإصدار بيان تنعى فيه الرجل الذى حكم مصر لمدة ٣٠ عاما.

الرئيس الراحل مبارك وصل إلى حكم مصر في فترة شديدة التوتر، حيث علاقات متأزمة بين الرئاسة وكافة الأطياف، بسبب اعتقالات سبتمبر، لكن كانت واقعة تحديد إقامة مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث في دير الأنبا بيشوى، هي القضية الفريدة من نوعها، لم تحدث في تاريخ الكنيسة المصرية، وفي عام 1985 أصدر مبارك قرارا بإلغاء إجراءات السادات وإعادة البابا شنوده إلى منصبه.

وفي عهد مبارك تغيرت الصياغة من البابا والرئيس، إلى الكنيسة والدولة، وهو ما يعكس كيف انتقلت العلاقة من المنطقة الشخصية إلى المؤسسية، لكن أيضا يعكس شكل العلاقة بين مبارك والبابا شنوده التى كانت يسودها الود والاحترام ويجمعهما حب الوطن.

وكتب البابا شنودة الثالث عن الرئيس الأسبق حسني مبارك قائلا: "أما عن علاقته بنا نحن الأقباط، فهي علاقة طيبة، نابعة من روحه السمحة، التي لا تعرف التعصب إطلاقًا. فهو حاكم للمصريين كل المصريين ويتقابل معنا بكل مودة، فإن حدثت مشكلة ما، فإنها ما أن تصل إليه، حتى يبدأ في حلها فورًا. ونحن – من جانبنا – لا نطلب تدخله إلا في الأمور المهمة جدًا، التي لم يستطع المسؤولون حلها، أو بقيت بلا حل لسبب ما، فنلجأ إلى الرئيس مبارك ونقدم له كل الوثائق التي تثبت أحقية ما نطلبه".

وفي أكثر من مناسبة أكد البطريرك الراحل دعمه للرئيس الأسبق حسنى مبارك وهو ما ظهر بوضوح عقب تعرض مبارك لمحاولة اغتيال فاشلة في أديس أبابا عام ١٩٩٥، حيث قال قداسته، "نؤمن بيد الله في الأحداث، لقد كان الموت قريبًا منك جدًا، ولكن يد الله كانت أقرب إليك منه فصدته عنك. كانت أسلحة الموت في أيدي الناس، أما حياتك فكانت في يد الله، ويد الله أقوى. وقد استبقاك من أجل رسالة تؤديها وستبقى حتى تؤدي رسالتك".

البابا شنودة كان يرى أن مبارك نجح في التخفيف من حدة التوتر، وهو ما ذكره في افتتاحية مجلة الكرازة فى اكتوبر 2010 عندما قال إن الرئيس حسني مبارك نجح باقتدار في تهدئة التوتر الديني بعد أن تدخل بصفته راعيا لهذه الأمة وحريصا علي سلامتها وأكد حرصه علي وحدة النسيج الوطني وأنه لا توجد أدني تفرقة بين أبناء الوطن الواحد بسبب العقيدة أو الدين، واننا جميعا ـ مسلمين ومسيحيين ـ نعيش تحت علم واحد لوطن واحد يحكمه مبدأ المواطنة.

حاول الرئيس الأسبق حسني مبارك تقديم دعمه للأقباط والتأكيد على مبدأ الوحدة الوطنية، الأمر الذي دفعه لإصدار قرار بإعطاء يوم 7 يناير الموافق عيد الميلاد المجيد كإجازة رسمية للدولة ليتم تطبيقه مطلع عام 2002، بل وللمرة الأولى في مصر تمت إذاعة قداسات ليلة الأعياد عبر التليفزيون المصري على الهواء مباشرة بعد أن كانت تذاع مسجلة ومختصرة في مدة لا تزيد على ساعة في اليوم التالي للصلاة.

وفي عام ٢٠٠٦ أصبح مبارك  أول رئيس مصري يفتتح أكبر متحف قبطي في مصر القديمة مكون من 26 قاعة تضم 1300 قطعة أثرية، وهو المتحف الذي أصبح قبلة للملايين من الزائرين على مستوى مصر والعالم.

وحاول مبارك منذ عام 2005 إدخال الأقباط للمناصب الكبرى وبالتحديد فىي الوزارات، إلا أنها كانت نسبة ضئيلة لا تتجاوز عن 4 وزراء مسيحيين في كل تشكيل وزاري، لكنها كانت ترضي الكنيسة في ذلك الوقت كخطوة رآها الأقباط حينها أنها فرصة لإعطائهم حقوقهم دون الاستبعاد أو الإقصاء نظرًا للديانة.

وبدأت علاقة الصداقة والمودة بين البابا شنوده ومبارك بعد أن أنهى فترة تحديد إقامته التي أقرها السادات منذ سبتمبر 1981، ليخرج البابا وفقًا لقرار الرئيس الجديد حينها عام 1985.

وبعد وفاة البابا شنودة، أبرزت الصحف المصرية تأثر الرئيس مبارك بالحدث، وأنه ظل يتابع مراسم جنازة البابا شنوده بطريرك الكرازة المرقسية من داخل الكاتدرائية بالعباسية، ورفض تناول الدواء اليومي أو حتى تواجد ممرضيه ولم يتناول وجبة الإفطار وأخذ يبكي عقب بدء صلاة القداس على جثمان البابا حتى أن جميع المتواجدين بالقرب من غرفته سمعوا أصوات بكائه وحينما حاول أحد الأطباء الدخول للغرفة رفض.

​​البابا شنودة الثالث والرئيس مبارك كانت تجمعهما الحكمة ومحبة الوطن، وهو ما تجلى في العديد من المواقف التى يحفظها الجميع في ذاكرة الوطن وتاريخه، فلا أحد ينسي مواقف البابا شنوده مع الحوادث الطائفية والإرهابية وكيف كان لكلماته في مختلف المناسبات العصيبة الدور في تهدئة الأمور، فيما تحلى الرئيس الراحل  مبارك بالحكمة في العديد من المواقف والقرارات الداخلية والخارجية حتى لحظة إعلان تنحيه عن الحكم.