الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد حسونة يكتب : خطر اختفاء الوظائف

محمد حسونة
محمد حسونة

الثورة الصناعية الرابعة وتأثيرها حول الوظائف والتعليم لصالح الروبوتات والذكاء الاصطناعي .. 
ما هى الثورة الصناعية وما هو القلق الذى يخيم في كل مكان حول اختفاء الوظائف لصالح الروبوتات والذكاء الاصطناعي. فهل من أساس لهذا القلق؟ وما هي نسبة هذه الوظائف التي يمكن أن تقوم بها الآلة؟؟ 
الحياة قبل الثورة الصناعية 
كانت الحياة قبل الثورة الصناعية متشابهة تقريبًا حول العالم، وكانت مختلفة تمامًا عما نعرفه اليوم. ويمكن تلخيص أبرز مقوماتها وملامحها بما يأتي:
- كان معظم الناس يقيمون في الأرياف، في تجمعاتٍ صغيرةٍ، ويتمحور وجودهم حول الزراعة.
- كانت صناعة الأدوات والسلع تتم في المنازل أو في ورش حرفيةٍ صغيرة باستعمال أدوات يدوية.
- لم تكن هناك طرقات كما نعرفها اليوم، وكان ركوب الحيوانات أو استعمالها لجر العربات وسيلة النقل البري الوحيدة.
- كان طحن الحبوب لصنع الخبز يتم بواسطة مطاحن يدوية في المنازل، وأحيانًا بواسطة طواحين الهواء. وكانت النواعير تستعمل لنقل المياه من الأنهار إلى اليابسة.
- كان الحصانٌ أسرع وسيلة نقل على الأرض ، وكان بالكاد يستطيع قطع 100 ميل في اليوم.
- كان التواصل بين المناطق والتجمعات السكنية صعبًا جدًا، وكان تناقل الأخبار يتم عبر المسافرين.
فما المقصود بالثورة الصناعية ؟
إن المقصود بالثورة هنا ليس بمفهومها السياسى إنما تعنى " انتشار وإحلال العمل اليدوي بالمكننة  والتطور الهائل فى الصناعة " وعندما نقول الثورة الصناعية الرابعة ، هذا يعنى أن هناك ثلاث ثورات اخرى .
الثورة الصناعية الأولى، بدأت باستخدام طاقة البخار والماء فى ميكنة الإنتاج وكانت تتركز فى صناعات الغزل والنسيج والحديد.
 وجاءت الثورة الصناعية الثانية، لتستخدم الطاقة الكهربائية فى عمليات الإنتاج.
ثم تبعتها الثورة الصناعية الثالثة، والتى استخدمت المعدات الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات والحاسب الآلى وشبكة المعلومات الدولية - الإنترنت - ، ثم جاء الثورة الصناعية الرابعة، لتنطلق من الإنجازات الكبيرة التي حققتها الثورة الثالثة، خاصة شبكة الإنترنت وطاقة المعالجة (Processing) الهائلة، والقدرة على تخزين المعلومات، والإمكانات غير المحدودة للوصول إلى المعرفة. فهذه الإنجازات تفتح اليوم الأبواب أمام احتمالات لامحدودة من خلال الاختراقات الكبيرة لتكنولوجيات ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والمركبات ذاتية القيادة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وتكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيوية، وعلم المواد، والحوسبة الكمومية، وسلسلة الكتل (Blockchain)، وغيرها.
بعبارةٍ سهلة: الثورة الصناعية الثالثة تمثِّل الرقمنة البسيطة، أما الرابعة فتمثِّل الرقمنة الإبداعية القائمة على مزيجٍ من الاختراقات التقنية المتفاعلة تكافليًا عن طريق خوارزميات مبتكرة.

اما عن خطر اختفاء الوظائف 
يجدر هنا الانتباه إلى حقيقةٍ صعبةٍ، وهي أن نسبة الوظائف التي اختفت من الصناعة والزراعة، خلال الثورة الصناعية الثالثة، استوعبها قطاع الخدمات. فهل سيظهر قطاعٌ لا نعرفه اليوم يستطيع أن يستوعب مئـات ملاييـن العاطليــن من العمل كما هو متوقَّع؟
في كل الأحوال تمكّننا جولة على بعض الدراسات من ملاحظة التالي:
•هناك تفاوت ملحوظ في الإحصاءات بين دراسة وأخرى حول نسبة الوظائف القابلة للاختفاء.
•استخلصت دراسة أجريت في جامعة أكسفورد عام 2013م، وشملـت 702 وظيفة مختلفة في أمريكا، الآلات ستستطيع القيام بنحو %47 منها في العقد أو العقدين المقبلين.
•في دراسة أخرى أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي في عام 2015م، وشملت 34 دولة معظمها من الدول الغنية، تبيّن أن هناك %14 من الوظائف في بلدان المنظمة معرضةٌ لخطرٍ كبير، و%32 معرضةٌ لخطرٍ أقل. وخلصت الدراسة إلى أن 210 ملايين وظيفة في 32 دولة معرضةٌ للخطر.
•تشير مقارنة اختفاء الوظائف بين الدول المتقدِّمة والدول النامية، إلى أن الوظائف في الدول النامية معرضةٌ لخطرٍ أكبر من تلك في الدول المتقدِّمة. فجمهورية سلوفاكيا قد تخسر ضعف الوظائف التي ستخسرها النرويج. وكوريا الجنوبية ستخسر وظائف أقل من كندا، لأن إدارة الإنتاج مختلفةٌ بين البلدين، فالأولى متقدِّمة منذ الآن في مسألة الأتمتة عن كثيرٍ من الدول.
•في دراسة حديثة لجامعة أكسفورد وشركة مورغن ستانلي، تبين أن أكثر الوظائف عرضة للاختفاء هي على هذا النحو:
اما عن التعليم والثورة الرابعة
توقَّع الاقتصاديون وعلماء المستقبليات بشكل جيد الوظائف المُهدَّدة بخطر الاختفاء. لكنهم لم يكونوا كذلك بالنسبة إلى الوظائف التي ستظهر، بسب تعلق ذلك بواقع التعليم ومستقبله، الذي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الحقائق التالية:
•إن النظام التعليمي الحالي قائم على الاقتصاد الصناعي الذي هو حاليًا آخذٌ بالأتمتة، وعليه أن يلحق بالتطورات الحاصلة والمرتقبة.
"•نحن لا نستطيع تعليم أولادنا أن ينافسوا الآلات"، كما يقول جاك ما مؤسس مجموعة "علي بابا".
إن وظائف المستقبل ستكون تلك التي لا تستطيع الآلة القيام بها.
•من الممكن أتمتة العمل وأنسنة الوظائف، من خلال ثلاثة مجالات رئيسة سيبقى البشر يتغلبون فيها على الآلة في المدى المنظور، وهي:
•الشؤون الخلاقة، مثل الاكتشاف العلمي والكتابة الإبداعية وريادة الأعمال.
•العلاقات الاجتماعية التفاعلية، لأنه لن يكون للروبوتات في المدى المنظور نوع الذكاء العاطفي الذي يتمتع به البشر.
•البراعة البدنية والحركة الرياضية، فالإنسان مفطور منذ القدم على تسلق الجبال والمشي الطويل والسباحة والرقص.
•قيام النظام القديم على "حقائق تقابلها إجراءات"، أما النظـام الذي هو قيــد التشكّـل حاليًا فيقوم على "إبــداع المعرفة "
•يقول ألفين توفلير في كتابه "صدمات المستقبل": "إن الأميين في القرن الحادي والعشرين لن يكونوا أولئك الذين لا يعرفون القراءة والكتابة، ولكن أولئك الذين لا يستطيعون التعلم، أو لا يستطيعون التخلي عما تعلموه، أو لا يستطيعون إعادة التعلم".
يشير تقرير المنتدى الاقتصادي لعام 2016م، إلى أن اللامساواة هذه معطوفة على عالم شديد الترابط، سينتــج عنهـا تفتتٌ وفصـلٌ عنصريٌ واضطرابٌ تعزِّز نشاط المنظمات الخارجة عن أطر الحكومات والدول.
•إن الجمع بين العالم الرقمي والتقنيات الناشئة، يغيِّر الفضاء الاستراتيجي للصراع، حيث يوسع الوصول إلى التقنيات المؤذية والمضرة ويخلق ساحات صراع جديدة ويجعل مسألة الحوكمة أصعب وأصعب.
•إضافة إلى البــر والبحــر والجــو، هناك مسرح استراتيجي جديــد للصراع هو الفضاء الإلكتروني.
•سيكون الدماغ في المستقبل مسرحًا جديدًا للصراعات حسبما يقول جايمز جيوردانو من كلية الطب في جامعة جورج تاون، ويضيف أن تقنيات السيطرة على الأدمغة لن تقتصر على اللاعبين الدوليين بل على الآخرين أيضًا، والمسألة هي متى؟
• صعوبة التوصل إلى اتفاقياتٍ ومعايير للحلول السلمية مع المنظمات غير الحكومية سوف تفاقم الوضع.
وفي هذا الصدد، يقول رفائيل رايف رئيس جامعة "إم أي تي": "إن كل موجة تكنولوجية سابقة أنتجت وظائف أكثر مما دمرت، وحققت مكاسب مهمةً على صعيد المعيشة ومتوسط العمر المتوقع، وإنتاجية عالية ونموًا اقتصاديًا كبيرًا. أما اليوم فالكل قلق".
ختامًا، هل هذه التقنيات هي أشياء جبارة قادرة على التأثير على إدراكنا للعالم وعلى تغيير سلوكنا، وتغيير معنى أن نكون بشرًا؟"