الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مونيكا وليم تكتب: كورونا.. فرصة لتشجيع المنتج المصري

صدى البلد

مع انتشار فيروس كورونا وتفاقم تبعاته السياسية والاقتصادية خاصة وان المشكلة تكمن في أن الفيروس قادم من مدينة “وهان” التي تساهم في إنتاج ما يقرب من 78% من صادرات الصين، كما أنها مسؤلة عن 69% من الناتج المحلى الصيني. مما جعل الفيروس من أبرز محددات التفاعلات العالمية والدولية. وانطلاقا من كون فيروس كورونا اشد فتكا من الحروب التقليدية فقد اعتمدت عليه بعض الدول للتأثير على اقتصاديات دول اخري. 

 إلا ان التأثيرات السلبية السياسية للازمة أثارت عدة قضايا داخل الصين أهمها قضايا الحريات العامة وضعف النظام السياسي الحاكم على إدارة الازمات أوالاستفادة من التجارب السابقة خاصة انها ليست المرة الأولي التي شهدت فيها الصين ظهور مثل هذا النوع من الفيروسات القاتلة والقابلة للانتشار. 

وعلى المستوي الخارجي فقد ساهم تفشي فيروس كورونا في تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين جراء عودة الهجوم الإعلامي والسياسي المتبادل بين الصين والولايات المتحدة على خلفية أزمة الفيروس، بعد أن تراجعت نسبيا عقب توقيع البلدين على الاتفاق التجاري في يناير 2020 وفي الوقت ذاته تعزيز التعاون والتقارب بين الصين وروسيا علي حساب العلاقات مع الولايات المتحدة والمتمثل في نشوب تعاون علمي صيني روسي و اهمال الدعوات المماثلة من قبل الولايات المتحدة.

ومع تحليل الظرف السياسي والاقتصادي العالمي كون الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم فهي تساهم بنسبة 17% من الناتج المحلّي الإجمالي العالمي، بما يدفع معدلات النمو العالمي للانكماش بالتوازي مع انكماش النمو الصيني، بحيث إذا انخفض النمو الصيني 1 % نتيجة لانتشار فيروس كورونا فستخسر الدول المتوسطة والمنخفضة الدخل 4 مليارات دولار من السلع غير المصدرة، ولذلك تتعدد العواقب الاقتصادية الناجمة عن تفشي الفيروس حيث تأثرت البورصات العالمية بحد كبير. 

كما ان هناك تأثير سلبي على مبادرة الحزام والطريق والتي تمثل صلة وصل أساسية بين الصين والاقتصاد العالمي. نظرا ان مدينة ووهان التي انطلق "كورونا" منها، تمثل مركز نقل استراتيجي باعتبارها نقطة ارتكاز لمشروع الطريق الذي يشكل جزءًا أساسيا من "المبادرة "وذلك نتيجة عمليات التأخير في إتمام وتسليم المشاريع، وانخفاض حجم اليد العاملة. والجدير بالذكر انه من المتوقّع أن تساهم "المبادرة" في 40% من اقتصاد العالم، فضلا عن تحقيق الترابط بشكل أكثر فاعلية بين بكين والعواصم الأخرى. 

وفيما يتعلق بأسعار النفط فقد ظهرت أول التبعات السلبية لانتشار الفيروس إذ تعد الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم فقد تراجع سعر برميل النفط بمعدل 2 إلى 6 دولارات للبرميل منذ اندلاع أزمة فيروس كورونا. وهو الأمر الذي ادي إلى تراجع في متوسط أسعار النفط، ومن ثَم التأثير في حجم إيرادات الدول الٌمصدرة للنفط والتي تعتمد على السوق الصيني في بيع صادراتها النفطية. وذلك نتيجة تراجع الطلب الصيني على النفط والمعادن جراء تفعيل الإجراءات الاحترازية المتخذة لمواجهة انتشار فيروس كورونا وتوقف الإنتاج في مناطق صينية عدة وتراجع حركة السفر والتجارة ومن ثم خفض الطلب على المنتجات المصنوعة من النفط الخام مثل وقود الطائرات وفي السياق ذاته، تجدر الاشارة إلى ان فيروس كورنا انتشر في وقت حرج بالنسبة لأسعار النفط والتي واجهت ضغوط عدة بسبب وفرة الامدادات العالمية منذ نوفمبر 2019.

كما ان الانخفاض الأخير الذي شهده سوق النفط والذي يبلغ نسبة 5 % ادي إلى خسائر لدول جنوب الصحراء الافريقية بنحو 3 مليارات دولار من صادراتها النفطية. 

ومن جهة آخري تتأثر أسواق الدول العربية بتراجع الإنتاج الصناعي الصيني من السلع الاستهلاكية، فمثل هذا التراجع ادي إلى قلة المعروض من هذه السلع وارتفاع تكاليف النقل بسبب المخاوف الحقيقية إزاء التجارة مع الصين والدول المجاورة لها مثل كوريا الجنوبية. وما صاحب ذلك من تبعات أبرزها ارتفاع تكاليف مستوى المعيشة وتراجع القوة الشرائية لفئات الدخل المحدود والطبقة الوسطى العربية التي اعتادت على استهلاك المنتجات الصينية الأنسب سعرا مقارنة بالمنتجات الأوروبية والأمريكية واليابانية المشابهة.

إلا انه مع تراجع حضور المنتج الصيني في الأسواق العربية، فهل هناك فرصة لإحياء الصناعات والحرف التقليدية العربية وتشجيع المنتج المحلي؟ فمع صعود الصين خلال العشر سنوات الماضية كقوة اقتصادية عالمية منافسة للغرب، اضحت الصين أهم شريك تجاري لكل الدول العربية فقد تنوعت صادراتها لتلك الدول لتشمل الأدوات المنزلية والملابس والإلكترونيات وأجهزة الهاتف والتلفاز ولعب الأطفال. فحجم التبادل التجاري بين الطرفين يزيد على 240 مليار دولار سنويا خلال العامين الماضيين مقابل 190 مليار دولار عام 2011 و40 مليار دولار عام 2004.وانطلاقا من تلك الشراكة الاستراتيجية يتبين حجم الخسائر اليومية التي تشهدها الدول العربية. 

لذلك فهناك فرصة اقتصادية لتنشيط الحرف التقليدية العربية وتحقيق انتعاش للصناعة المصرية، إلى جانب وضع المنتجات المصرية على خريطة التجارة بما يحقق لها الرواج في الأسواق الخارجية سواء العربية أو الأفريقية وذلك للأسباب التالية: 
-الأسواق الإفريقية مؤهلة في هذا التوقيت لاستقبال المنتجات المصرية مع زيادة الاستثمارات المصرية في القارة، لما تتمتع به من تواجد مناطق لوجيستية، وتوقيع العديد من الاتفاقيات الدولية مثل أغادير والكوميسا، منطقة التجارة الحرة الأفريقية القارية.
- تفعيل استراتيجية الدولة الخاصة بتعزيز حجم الصناعة والتجارة، وإرساء ركائز التنمية المستدامة، وتغذية الروافع الصناعية بعناصر وإمكانات النجاح.
- قلة البدائل المطروحة للمنتج الصيني الارخص سعرا، حيث ان البديل الثاني يتمثل في المنتج التركي الذي يزيد عن مثيله الصيني بعشرة أضعاف.