الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كسر الخطوط الحمراء وأول قنبلة نووية.. هل ستسير إيران على طريق كوريا الشمالية وتتخلى عن معاهدة حظر الانتشار النووي؟ والظروف قد تجبر مجلس الأمن على ضرب طهران عسكريا

طهران تريد إنتاج
طهران تريد إنتاج قنبلة نووية

  • تصاعد التوترات يدفع القيادة الإيرانية للتفكير في الانسحاب من اتفاقية حظر الانتشار النووي
  • حملة واشنطن "أقصى ضغط" دفعت رجال المرشد لسلسلة تحركات معادية
  • لا تزال إيران تصر على أنها لا تسعى للحصول على أسلحة نووية
  • طهران ضاعفت ثلاثة مرات مخزونها من اليورانيوم


دفعت حملة واشنطن "أقصى ضغط" ضد إيران كل طرف مؤخرًا إلى سلسلة من التحركات المضادة.


منذ أن تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه، كانت إدارته تأمل في أن تتخلى إيران في النهاية وتقدم تنازلات بشأن وقف تطوير الصواريخ، والتدخل بالأنشطة الضارة إقليميًا، ووقف برنامجها النووي، ولكن يبدو وبشكل متزايد أن إيران قد تقرر بدلًا من ذلك أن أفضل طريق للمضي قدمًا هو اتباع مثال كوريا الشمالية والانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، التي لطالما اعتبرت حجر الزاوية العالمي لمنع انتشار الأسلحة النووية، وفق ما ذكرت مجلة فورين بولسي الأمريكية.


وبعد ثلاث سنوات من الانسحاب، وفي عام 2003، اختبرت كوريا الشمالية أول سلاح نووي لها، وهو ما جعل الرئيس الأمريكي وقتها جورج بوش الابن إلى اعتبارها دولة مارقة ومن دول محور الشر.


كان الرأي السائد في إيران حتى وقت قريب هو أن الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي سيؤدي إلى مزيد من العزلة الدبلوماسية، ويؤدي إلى زيادة العقوبات، ويجلب ضربة عسكرية أمريكية على المنشآت النووية الإيرانية.


 لذلك، سيكون لهذا نتائج عكسية على تطلعات طهران الأكبر للقيادة الإقليمية وإعادة الاندماج في المجتمع الدولي.


 لكن الأحداث الأخيرة دفعت طهران إلى إعادة تقييم تلك الطموحات، لأنها تبدو بعيدة المنال بشكل متزايد (الاندماج مع المجتمع الدولي وفق الأطماع الإيرانية)، خاصة بعد اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري، والرجل الأهم للمرشد الإيراني علي خامنئي.


في العام الماضي، تحول احتمال الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي من فكرة هامشية بين المتشددين في إيران إلى خيار سياسي حقيقي، يتم طرحه الآن.


لا تزال إيران تصر على أنها لا تسعى للحصول على أسلحة نووية، ولكن كما كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 3 مارس، فإن إيران قد ضاعفت تقريبًا بثلاثة أضعاف، مخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب إلى 1021 كجم (1.1 طن) منذ نوفمبر 2019.


 واذا استمر الأمر على هذا المعدل، فسيكون الأمر كافيًا لقنبلة نووية إذا قررت إيران تجاوز الخط الأحمر، تكون أول قنبلة نووية من دولة إقليمية في منطقة الشرق الأوسط.


وفي 5 يناير تراجعت إيران عن التزاماتها، حيث أعلنت أنها لن تلتزم بعد الآن بالقيود التشغيلية على مخزون اليورانيوم المنخفض التخصيب، والقدرة على التخصيب، ونسبة التخصيب.


وردًا على ذلك، قامت ثلاثة من الأطراف المتبقية في الاتفاقية - فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة (المعروفة باسم E3) - بدفع آلية تسوية المنازعات في الصفقة.


 وتحاول دول E3 والاتحاد الأوروبي، بنجاح متوسط​​، إقناع روسيا والصين إلى دفع إيران للاستجابة لهم.


لأنه  إذا تم استنفاد جميع الخطوات، فيمكن أن يحيل عدم امتثال إيران في نهاية المطاف إلى مجلس الأمن الدولي ويؤدي إلى عقوبات أكبر عليها من الأمم المتحدة في غضون أسابيع.


ومع ذلك، طالما لم يعلن أي طرف أن إيران لم تتخذ المزيد من الخطوات الاستفزازية، مثل التخصيب إلى 20 في المائة، فيبدو أن الأطراف الأخرى ستكتفي مؤقتًا بما هو حادث على الأرض.


وسبق أن ذكر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأنه إذا أعيدت العقوبات من مجلس الأمن الدولي، فإن إيران ربما تخرج ليس فقط من مجرد الاتفاق النووي، ولكن أيضا معاهدة حظر الانتشار النووي.


وليس فقط احتمال العقوبات الاقتصادية التي قد تفرضها الأمم المتحدة على إيران هو ما يزعج الإيرانيين، ولكن فكرة الوقوع مرة أخرى بموجب أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة هو مايزعجهم أكثر، حيث يقول الفصل السابع إنه يسمح لمجلس الأمن باتخاذ إجراءات عسكرية وغير عسكرية من أجل "استعادة السلام والأمن الدوليين"، وهو ما يعني إمكانية القيام بعمل عسكري ضد إيران.


ووفق مجلة "فورين بوليسي"، فإن فكرة الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ليست جديدة، ولكن تجري مناقشتها الآن على نطاق واسع في الدوائر المعتدلة، بما في ذلك، رئيس البرلمان علي لاريجاني.


ويرجع هذا التحول في التفكير الاستراتيجي إلى تكثيف العقوبات الأمريكية، خاصة على مبيعات النفط وما تراه إيران على أنه فشل أطراف أخرى أوروبية في تخفيف العقوبات الأمريكية بموجب الاتفاق لعام2015، وليس معنى هذا رفع العقوبات كلية عن إيران، وإنما المساومة بها، فكلما التزمت إيران، تم رفع عقوبات من عليها، وإذا لم تلتزم زادت العقوبات عليها.


 في ظل هذه الظروف، يعتقد الإيرانيون بشكل أنه ليس لديهم ما يكسبونه من الصفقة وليس الكثير ليخسروه ، في ضوء أنه يتم التعامل معهم بالفعل على أنهم يمثلون نظاما منبوذا.


بالنسبة للحكومة الإيرانية، يمكن أن يصبح الضغط الأمريكي تهديدًا وجوديًا لبقائها، لذلك تحتاج الحكومة إلى تغيير قواعد اللعبة، حيث تشعر إيران بأن الضغط الواقع عليها كبير، وهو ما قد يجعلها تفكر في الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي كخيار وحيد متبقي لضمان الحفاظ على النظام.


مع الشك في مستقبل الاتفاق النووي، من الضروري للأوروبيين والصين وروسيا اتخاذ إجراءات حازمة بشأن تخفيف العقوبات، وكذلك إعادة الاندماج الدبلوماسي والاقتصادي المشروط لإيران، لإن مثل هذه الإجراءات والتأكيدات من شأنها أن تؤدي إلى تهدئة الوضع، وتقليل احتمال وقوع هجوم عسكري وإبطاء التحول في سياسة إيران، وذلك لمنع تطرف نظام إيران والسيطرة على أفعاله نسبيا.


كما أن خطورة كوفيد-19  في إيران تمنح الأطراف المتبقية في الاتفاق سببًا قويًا لتقديم تخفيف العقوبات والمساعدة في المجالات الإنسانية مثل إرسال الإمدادات الطبية.


من شأن ذلك أن يُظهر حسن نية ويشير للإيرانيين إلى فوائد المجتمع الدولي، ويمكنه أيضًا وضع أساس أكثر إيجابية للدبلوماسية وتشجيع ضبط النفس من جانب إيران على عدم تجاوز خط أحمر بشأن أنشطتها النووية.