الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عزل نفسه بالمنزل.. كواليس الساعات الأخيرة في حياة طبيب بورسعيد المتوفي بـ فيروس كورونا

 كواليس الساعات الأخيرة
كواليس الساعات الأخيرة في حياة طبيب بورسعيد المتوفى

كثيرًا ما يبحث المريض عن الطبيب ليداوى آلامه ويحصل على الدواء ليقضي به على الداء ولكن مع ظهور فيروس كورونا المستجد الذي يهدّد العالم بأسره ويضع كافة جنس البشر في بوتقة واحدة دبّ الشك في نفوس بني البشر وساد الذعر والهلع بينهم واهتزت ثقتهم في الآخرين وبدأ الأغلبية يتعاملون مع ذويهم كأغراب، فحاملو الفيروس اللعين يبتعدون عنهم حتي لا يصابون .

ومع انتشار الفيروس ووصوله إلي مصر المحروسة حفظ الله شعبها ظهر الجيش الابيض المصرى بكافة مقوماته وفصائله مقدمون أرواحهم للذود و الدفاع عن أبناء وطنهم غير مبالين بذلك الفيروس اللعين.

وتأتي حالة وفاة أول أطباء الجيش الأبيض متأثرًا بالفيروس المغفور له بإذن الله ابن بورسعيد الدكتور أحمد اللواح أستاذ التحاليل بجامعة الأزهر لتجسد تلك الحقيقة الكاملة لتفاني جنود الجيش الأبيض في الدفاع عن أبناء وطنهم حتي لو فقدوا حياتهم. 

فالدكتور الراحل أحمد اللواح صاحب 50 عاماً أب ورب أسرة بورسعيدية مُلتزمة مكونة من زوجة وابن وابنة يقطن معهم في منطقة العرب بمنزل تسكنه الأسرة كاملة مع الأب والشقيق والذين يتمتعون جميعا بحسن الخلق وطيبة وسيرتهم العطرة بين الناس.

حرص الراحل على مدار حياته العملية منذ تخرجه وفتح مركز تحاليله الخاص على خدمة أبناء محافظته ومحافظات الجوار فكان دائمًا ملبياً النداء لكل من يطلبه حتي أنه خصص مساعدين للانتقال إلي كبار السن بمنازلهم كى يرفع عنهم عبء النزول والوصول للعيادة لإجراء التحاليل. 

والمفارقة وبرغم تحذيرات الطبيب الراحل لجموع الشعب وأهالي بورسعيد بضرورة توخي الحذر والالتزام بالمكوث في المنازل حرصًا على حياتهم من التعرض للإصابة بالفيروس إلا أنه كان على موعد مع القدر فذهب له الفيروس إلى عقر داره عندما أصيب «المدير الهندى» أول حالات الإصابة في بورسعيد كونه يسكن معه في نفس العقار والشارع والمؤكد أنه طلب مساعدته ولم يتأخر الراحل عن تقديم الخدمة -كما اعتاد- وفق رواية السكان له بالشارع والعقار. 

ولم يكتف الفيروس اللعين بذلك والذي ظل يلاحق الطبيب حتى اكتشف إصابة أحد المرضى أثناء وجوده معه في العيادة لإجراء تحاليل فطلب منه سرعة التوجه لإجراء أشعة على الصدر وكانت النتيجة إيجابية ليسجل الحالة الثالثة في بورسعيد والتي أصيبت منذ 11 يومًا وقتها علم الطبيب الراحل أنه أصيب أيضًا بالفيروس. 

عقب تملك الإحساس من الراحل أجرى لنفسه مجموعة من التحاليل فجاءت النتيجة إيجابية ليقرّر عزل نفسه بالمنزل ويمنع أسرته من الاختلاط به ليظل متواجدًا بحجرته طوال 9 أيام مُتصلة موجهًا نصائحه إلى أهالي بورسعيد بالعنوان بالتواجد في منازلهم وهو المصاب بالمرض. 

لم يجد الراحل سبيلاً عقب اشتداد المرض عليه إلا أن يرسل لزملائه الأطباء يخطرهم بأنه أصيب وأنه تأكد من الإصابة من خلال التحاليل والإشاعات التي أجراها ويطلب نقله إلى العزل بأي مستشفي حتى ولو مدفوعة الأجر. 

وعقب وصول الرسائل لزملائه والتي كانت بمثابة الصدمة لم يتوانوا عن التواصل مع الدكتور عادل تعيلب مدير عام الرعاية الصحية للعمل علي نقل زميلهم المصاب ومحاولة إنقاذه حتى تمكنوا من إيجاد مكان له بعزل مستشفي أبو خليفة في الإسماعيلية فأصروا علي مرافقته إلى المستشفى والتي وصل إليه في حالة متأخرة صحيًا صباح أمس الأحد. 

ظلت أسرة الطبيب الراحل خاضعة للعزل المنزلي بناء على طلب والدهم لا حول لهم ولا قوة إلا المطالبة له بالدعاء من خلال صفحات التواصل الاجتماعي. 

لم تفلح كل التدخلات الطبية لإنقاذ الراحل نتاج تمكن الفيروس اللعين منه، فما كان إلا أن فاضت روحه إلي خالقها مساء أمس الأحد بعد أقل من 24 ساعة من وصوله للعزل ليعلن خبر وفاة فتهتز بورسعيد بأكملها لما تجمعهم بالراحة من أواصر وعلاقات طيبة وسط ثبات وإيمان بالله من أسرته. 

وخضعت أسرة الراحل بالرغم من مصابهم الجلل إلى الفحوصات الكاملة وسحب العينات من الزوجة والأبناء والأب والشقيق وزوجته للتأكد من سلامتهم. 

وخرجت الابنة تطلب من الأهالي الدعاء لوالدها بالرحمة وأداء صلاة الجنازة غائب على روحه ظهر اليوم الإثنين.


كان "صدى البلد" قد نشرت نص وصية الطبيب الأخيرة والتي جاءت  للتأكيد علي ضرورة  المكوث في المنزل في تلك الفترة وكانت تحت عنوان  "ليه تخليك في البيت".

جاء في الوصية علي لسان الدكتور الراحل " الناس بتسأل بعد الأسبوعين من الحظر دول هيحصل إيه يعني؟، ما احنا هنرجع لحياتنا والفيروس هيرجع ينتشر تاني".

واستكمل موضحا سبب الجلوس في المنزل قائلا  " الناس دلوقتي أربعة أنواع ، أولا ناس لم يصلها لها الفيروس ، ودول هيستفيدوا  لانه مش هيوصل ليهم العدوي ، والنوع الثاني ناس حملة للفيروس من غير أي أعراض  ودول قعادهم  في البيت مش هيكونوا سبب العدوي لأي شخص ومع الوقت المناعة في جسمهم هتقضي علي الفيروس".  

وتابع فى وصيته الأخيرة " النوع  الثالث من المواطنين حاملين للفيروس ، ولديهم أعراض خقيقة ، ودول قعدتهم في البيت مش هتخيلهم يتسببوا في العدوي لأي شخص ، والفيروس مع مرور الوقت هيموت في جسمهم بعد أسبوعين لأن الجسم هيكون اكتسب مناعة طبيعية".

وأردف " النوع الرابع ناس حاملة للفيروس وعندها أعراض شديدة ، ودول محتاجين يروحوا المستشفي ويتعالجوا فيها".

وعلي جانب متصل شدد  الدكتور أحمد اللواح رحمه الله عليه في المنشور  قائلا " أهم شئ  الفيروسات التي انتشرت علي الأسطح والأرض، أو في الهواء، ستموت بعد أسبوعين في حالة أنها لا تجد جسم إنسان تتكاثر فيه".

وتابع مؤكدا ثلاثة مرات " المهم ,...المهم... المهم... خلال الأسبوعين الإلتزام في المنازل ، لأن ممكن الفيروس يموت لو ملقاش جسم إنسان يتكاقر فيه .....ودي فكرة أهمية المكوث في المنزل".

وكانت مديرية الصحة بمحافظة بورسعيد قد أعلنت مساء أمس الأحد وفاة طبيب تحاليل من أبناء المحافظة بمستشفي العزل بابوخليفة في محافظة الإسماعيلية و التي نقل إليها صباح أمس الأحد. 

وقال عادل تعيلب مدير الرعاية الصحية ببورسعيد رحم الله الدكتور أحمد اللواح أستاذ التحاليل بجامعة الأزهر والذي وافته المنية مساء الأحد عن عمر يناهز  50 عامًا  بمستشفى العزل في الإسماعيلية.

وأوضح تعيلب أنه تم اتخاذ كافة الإجراءات مع المتوفي قبل نقله الي العزل بالإسماعيلية غير أن حالته شهدت تدهور سريع.

وأشار تعيلب الي أن الطبيب المتوفي يعد من شهداء الواجب حيث أن العدوى نقلت إليه من إحدى الحالات المرضية المصابة أثناء اجراءه تحاليل له قبل اكتشاف اصابة الحالة وانتقال الفيرس للطبيب. 

هذا وتؤكد المصادر الي أن الفيروس انتقل الي الطبيب المتوفي الي رحمة مولاه من أولي الحالات التي اكتشفت لشخص هندي يعمل بأحد المصانع في بورسعيد والتي توفي متاثر بمرضه بالفيروس مسجل اول حالات الإصابة بالباسلة. 


وتعد حالة وفاة طبيب بورسعيد هي أول حالة وفاة لطبيب من الجيش الأبيض الساهر على مقاومة ومواجهة الفيروس اللعين في ربوع مصر المحروسة وثالث حالات الوفاة ببورسعيد كانت أولها الهندى وثانيها لمصرى من أبناء الباسلة.