الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإنسان أم المال.. حرب فيروس كورونا تجبر العالم على تغيير خارطة الاقتصاد

المال ام العمال
المال ام العمال

تسبب انتشار فيروس كورونا المستجد بجميع دول العالم في تعطيل شامل لأغلب مناحي الحياة، وأزمات اقتصادية لا حصر لها، وهو الأمر الذي إذا طال سيكون مردوده سلبيا جدا.


ووضع فيروس كورونا العالم أمام تساؤل: "الإنسان أم المال؟"، والذي يعكس اهتمام الدول باقتصادها أم بمواطنيها فيما بعد.

 

وحول التأثير الاقتصادي لـ فيروس كورونا حال استمر الفيروس في الانتشار لمدة كبيرة، يستعرض "صدى البلد أهم تأثير ذلك الفيروس اللعين على الاقتصاد العالمي، والذي يكاد يكون حربا عالمية جديدة بروح العصر بعيدا عن الرصاص والبارود.

 

في بادئ الأمر، فإنه في حالة انتهاء فيروس كورونا في أسرع وقت وهو ما نأمله، لن يكون الأمر لطيفا على الشق الاقتصادي، فما بالك إذا استمر الوضع لمدة أطول.


وخلال التقرير التالي نبرز ثلاثة جوانب، أولها الوضع الحالي خلال كورونا، والقطاعات الرابحة والخاسرة، وثانيها، ما بعد كورونا وتوقعات شكل الواقع الاقتصادي، وأخيرا ما قبل كورونا، والأزمات التي قد تعود مجددا حال الانتهاء من الفيروس وتداعياته.

 

أزمات ما قبل فيروس كورونا

كان الاقتصاد العالمي في مشكلات كبيرة قبل تفشي فيروس كورونا، ولكن نحى الفيروس كل تلك الأزمالت وأرجأها جانبا، ولكن قد يكون لها عودة عقب السيطرة على فيروس كورونا، وفيما يلي نستعرض أهم الأزمات العالمية قبل انتشار فيروس كورونا:

 

أزمة حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين

قبل فيروس كورونا كانت الأزمة المالية العالمية في طريقها إلى ذروتها في العام 2020، وذلك بسبب عدة عوامل أهمها التوقعات السلبية حول مستقبل الاقتصاد الأمريكي والصيني "الدولتان الأولى والثانية عالميا"، ودخولهما في حرب تجارية، وتوقعات دخول الاقتصاد في سنتين من الركود في العامين 2020 و2021، كذلك تراجع اقتصاديات الدول الكبرى، ومحاولات خفض الفائدة بها، لتنشيط الاقتصادات التي تعاني من انخفاض على الطلب، ومن مشكلات أخرى تتعلق بانخفاض كبير في العائد الاستثماري لأسواق السندات بصورة عامة.

 

أزمة الاتحاد الأوربي وبريطانيا 

كما تراجع النمو في معظم دول العالم، وزاد سوء الأحوال المشكلات السياسية في الاتحاد الأوروبي، وبينه وبين بريطانيا، التي واجهت أضعف نمو اقتصادي في 10 سنوات خلال العام 2019، الأمر الذي خفض مؤشرات الاقتصاد الأوروبي كسوق استهلاكية كبرى يعتمد عليها جزئيا الطلب العالمي، وبالتالي مؤشرات الاقتصاد العالمي الأخرى.

 

حروب وعقوبات دولية

كما أن الكساد وغلاء الأسعار والحرب العالمية الجديدة، التي اتخذت أشكالا عديدة مختلفة، من المواجهة بالعقوبات، إلى الضغط السياسي والدبلوماسي، إلى مواجهات عسكرية غير مباشرة في الأزمات الدولية، كل هذه العوامل جعلت ظروف الاقتصاد العالمي أكثر تعقيدا، وأرخت بظلالها على مستقبله، في ظل تشابك شديد بين كل اقتصادات العالم والتداولات المالية المرتبطة بها، ليكون العام 2020 أكثر الأعوام صعوبة منذ زمن طويل.

 

تراجع معدلات النمو عالميا بنهاية 2019

تراجع معدل النمو في الاقتصاد العالمي إلى نحو 3% في العام 2019، متراجعًا عن 3.7% في العام 2018، و3.8% في العام 2017. وكان لتراجع معدل نمو الاقتصاد العالمي وزيادة حدة الحواجز التجارية الأثر الأكبر في تراجع معدل نمو التجارة الدولية، ليصل إلى 1% خلال النصف الأول من العام 2019، وهو أبطأ معدل تشهده التجارة الدولية منذ العام 2012، وذلك بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي في تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمي في نهاية العام 2019.

 

المديونية العالمية والناتج المحلي العالمي

وعلى الرغم من محاولات الاتفاق الصيني الأمريكي لإنهاء أزمة الرسوم التجارية بين البلدين، فإن شبح الأزمة المالية العالمية لا يزال يخيّم على الاقتصاد العالمي هذا العام، في ظل التداعيات السلبية لارتفاع أزمة المديونية العالمية، التي توقع لها معهد التمويل الدولي أن تقفز إلى 255 تريليون دولار في نهاية العام 2019، بما يزيد على نسبة 3 أضعاف الناتج المحلي العالمي، وهذه المديونية تشمل مديونية الحكومات والشركات والأسر، لقد وقع العالم في شرك المديونية، دولا وشركات وأفرادا.

 

أزمات بسبب فيروس كورونا

تضخمت الأزمات الاقتصادية بشكل مبالغ فيه عقب انتشار فيروس كورونا، وتكبدت الحكومات والشركات والأشخاص خسائر رهيبة، ومن المتوقع أن تتغير خارطة الاقتصاد سواء عالمي أو أقليمي أو محلي، تأثرا بما سيتكبده خلال أزمة فيروس كورونا.

 

الحكومات تواجه كورونا

لم تستطع أي دولة طالها الفيروس تغيير خارطتها الاقتصادية، وكلفها الأمر مبالغ طائلة، أولا لمواجهة الفيروس صحيا، وثانيا لمواجهة تداعياته وتأثيره الاقتصادي، ووجهت أغلب الدول حقيبة مالية كبرى لمواجهة الفيروس وانتشاره، وأصيب معدل إنتاجها نتيجة الاحترازات وتقليل التجمعات وغلق المجال الجوي، بالإضافة لتغيير السياسات النقدية من أجل مواجهة تغيير الاستراتيجيات المالية بسبب الفيروس.

 

القطاعات تواجه فيروس كورونا

كان للقطاعات رد فعل متنافض جدا، فهناك من ربح وبات الفيروس له فرصة، وهناك من يبكي وحيدا شريدا لا يعلم ماذا يخبئ له الغد، وعلى سبيل المثال لا الحصر، نسرد خلال السطور التالية، قطاعات استفادت من فيروس كورونا وقطاعات تضررت بسبب فيروس كورونا والتي كانت كالآتي:

 

- قطاعات استفادت من فيروس كورونا

شركات الاتصالات

شركات الأدوية

تطبيقات توصيل الطعام

شركات بيع وتصنيع الذهب

المتاجر الإلكترونية

تطبيقات الألعاب والأفلام

تطبيقات التعليم والتدريب الإلكتروني

شركات تصنيع المعقمات

شركات تصنيع الأقنعة والقفازات

 

قطاعات تضررت من فيروس كورونا

المقاهي والكافيتريات

المطاعم والموردون لها

السياحة والدول التي تعتمد عليها

الطيران وشركاته

الفنادق ودور الإقامة

قطاع النقل "تاكسي، شركات تطبيقات"

مدن الألعاب

 

أزمات ما بعد فيروس كورونا

أما دخول أزمة فيروس كورونا على خط أزمات الاقتصاد العالمي فزاد من حدتها ومخاطرها، وأدخل العالم في أجواء قاتمة، لكنها لا تزال غير ملموسة الأثر بشكل حقيقي، بسبب تركيز الجميع على مواجهة المرض وحالات الوفاة الناجمة عنه، ولكن خطر الأزمة الاقتصادية الهائلة المنتظرة مع انتهاء أزمة كورونا لا يزال مؤجلا.

 

عجز الدخل العالمي

أوضحت دراسة تحليلية صادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، أن الصدمة التي تتسبب بها فيروس كورونا ستؤدي إلى ركود في بعض الدول، وستخفض النمو السنوي العالمي هذا العام إلى أقل من 2.5%، وفي أسوأ السيناريوهات، قد نشهد عجزا في الدخل العالمي بقيمة تريليوني دولار.

 

ودعت الدراسة إلى وضع سياسات منسقة بين دول العالم لتجنب انهيار الاقتصاد العالمي، مع توقع تكلفة بنحو تريليون دولار كنتيجة للتباطؤ الاقتصادي الذي ساهم فيروس كورونا في إثقاله وزيادة بطئه.

 

قيود مادية لم يسبق لها مثيل في التاريخ

فيما توقع بنك "غولدمان ساكس" الأمريكي، انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي على مستوى العالم حوالى 1% في العام 2020، وهو ما يفوق معدل التراجع الاقتصادي الذي تسببت به الأزمة المالية العالمية في العام 2008، وأنه يجب أن تضع سبل مواجهة أزمة كورونا قيودا مادية على النشاط الاقتصادي بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية.



لقد تأثر الاقتصاد العالمي بحالة الإقفال شبه التام في الكثير من دول العالم، وتحديدا ما أظهرته بيانات تراجع النشاط الصناعي في الصين بأكبر وتيرة في نحو 3 عقود خلال أول شهرين من العام الحالي، بعد الشلل الذي سببه فيروس كورونا المستجد لثاني أكبر اقتصاد عالميا.


الانكماش سيكون حادا

توقعات أكثر سوداوية للمجلو العالمية "فورين بوليسي"، التي تقول إن الاقتصاد العالمي دخل في حالة من الركود الشديد، وإن الانكماش سيكون مفاجئا وحادا بسبب تفشي كورونا، متوقعة أن تكون الآثار مؤثرة لعقود قادمة.

 

وتضيف إلى هذه التوقعات، أن لا يكون من السهل إعادة تشغيل اقتصاد عالمي حديث مترابط بعد انتهاء الأزمة، وأن تعافي الاقتصاد سيبدأ عندما يستطيع مسئولو الصحة أن يؤكدوا للناس أنه تم احتواء الفيروس، وأن الحصانة من المرض الذي يسببه ازدادت، مؤكدة أن التعافي لن يكون فوريا، بل سيكون سريعا.

 

تغيير الاقتصاد العالمي

اللافت في توقعات "فورين بوليسي"، كان حديثها عن تغيير "تضاريس الاقتصاد العالمي" بعد أزمة فيروس كورونا، وأنها سوف "تسرع عملية إزالة العولمة، وإلغاء التقارب، وإعادة تعريف الإنتاج والاستهلاك في جميع أنحاء العالم"، وتقود هذه التوقعات إلى ترقب تغيرات نظامية تدخل إلى منظومة الاقتصاد العالمي، وليس مجرد تغيرات سلمية في مراتب القوى الكبرى في المنظومة القديمة نفسها.

 

الأنظمة الصحية تستفيد

واحدا من أكبر الدروس المستفادة من أزمة فيروس كورونا سيتعلق بالأنظمة الصحية في دول العالم، مع ثبوت تفوق الأنظمة الصحية التي تؤدي الدول فيها دورا أساسيا في القطاع الصحي لناحية الملكية أو الإدارة، على الأنظمة التي سلمت صحة مواطنيها للشركات الكبرى من القطاع الخاص، والتي خافت في ظل الأزمة الحالية على أرباحها، لتنهار النظم، ويلقى الناس في ممرات المستشفيات.