الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فيروس كورونا صديق البيئة.. كيف تسبب الوباء في تنقية الهواء من الملوثات القاتلة.. المراكز الصناعية العالمية الأكثر تضررا من المرض هي الأنظف حاليا.. والأقمار الصناعية تكشف تغيرات عجيبة

صدى البلد

  • انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين وأول أكسيد الكربون بسبب إجراءات الحظر 
  • مدينة ووهان الصينية بؤرة فيروس كورونا من اكبر المناطق الصناعية في الصين 
  • العلماء يحذرون من ارتفاع نسب التلوث مع عودة الحياة إلى طبيعتها بعد انحسار الوباء 
  • تلوث الهواء يقتل 400 ألف ضحية في أوروبا وحدها سنويًا  

أدت إجراءات إغلاق المدن وتقييد الحركة للحد من انتشار فيروس كورونا إلى أثر جانبي غير منظور، يتمثل في انخفاض معدلات تلوث الهواء في المناطق الحضرية والصناعية الكبرى حول العالم.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية انخفاض ملحوظ في نسبة ثاني أكسيد النيتروجين في أجواء مدن صناعية كبيرة في أوروبا مثل بروكسل وباريس ومدريد وميلانو وفرانكفورت، خلال الفترة بين 5 و25 مارس مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حسبما ذكرت قناة "سكاي نيوز".

وأظهرت صور نشرتها وكالة الفضاء الأوروبية مدى انخفاض غاز ثاني أكسيد النيتروجين الضار المنبعث من احتراق الوقود الأحفوري، خاصة من محطات الكهرباء والمركبات التي تسير بالوقود المحترق.

وفي العاصمة الإسبانية مدريد، انخفض معدل كثافة غاز ثاني أكسيد النيتروجين في الجو بنسبة 56% بعد أسبوع من إعلان الحكومة الإسبانية حظر حركة السفر غير الضرورية في 14 مارس.

ويمكن ملاحظة التغير في نسب تلوث الهواء بصورة أوضح في شمال إيطاليا، المنطقة الأكثر تضررًا من الوباء على مستوى العالم، والتي يتصادف كونها واحدة من أهم المناطق الصناعية في إيطاليا وأوروبا كلها، وقد جعلتها الانبعاثات الضارة من مصانعها واحدة من أكبر مراكز التلوث في القارة.

ومنذ فرضت الحكومة الإيطالية الحظر الصحي العام في 9 مارس، انخفضت نسبة ثاني أكسيد النيتروجين في أجواء ميلانو وشمال إيطاليا بوجه عام بنسبة 40%. 

مع ذلك، حذر خبراء من زيادة انبعاثات الوقود المحترق الضارة في الهواء في بعض المناطق والمدن، ربما بسبب اتجاه الناس للاعتماد أكثر على التنقل بالسيارات الخاصة تجنبًا لمخالطة الآخرين في وسائل المواصلات العامة.

وفي الصين التي تُعد أكبر مصدر للانبعاثات الملوثة للهواء في العالم، سُجل انخفاضًا ملحوظًا في انبعاث ثاني أكسيد النيتروجين في المناطق الحضرية، بعدما فرضت الحكومة الصينية حظرًا صحيًا عامًا للحد من انتشار فيروس كورونا.

وكشفت وزارة البيئة الصينية أن جودة الهواء قد تحسنت بنسبة 21.5% خلال شهر فبراير مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وقالت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا إن مستوى كثافة ثاني أكسيد النيتروجين قد تراجع بنسبة 10-30% في وسط وشرق الصين، المنطقة التي تضم مدينة ووهان في مقاطعة هوبي، بؤرة انتشار فيروس كورونا، والتي خضعت لأكثر إجراءات الإغلاق وتقييد الحركة تشددًا.

ويبلغ عدد سكان مدينة ووهان الصينية 11 مليون نسمة، وتُعد مركزًا عالميًا للنقل، كما تضم المئات من مصانع أجزاء السيارات ومعدات أخرى.

وفي الوقت ذاته، انخفضت انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 30% على الأقل في الصين خلال الفترة بين 3 فبراير و1 مارس، ويقدر مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف أن هذه النسبة تعادل 200 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.

يذكر أن الصين هي أكبر منتج ومستخدم للفحم، وهو مصدر 59% من طاقتها. ويستخدم الفحم في معامل الكهرباء والمصانع وفي المنازل الريفية بهدف التدفئة.

وانخفض استخدام الفحم بنسة 36% بين 3 فبراير و1 مارس مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي.

لكن العلماء يحذرون من أن عودة الحياة في الصين لطبيعتها بعد القضاء على وباء كورونا قد يؤدي لارتفاع نسب التلوث إلى مستوى أعلى من ما كانت عليه من قبل، وذلك بسبب سعي بكين المتوقع لتعويض الخسائر التي راكمتها بسبب الإغلاق.

وفي هونج كونج، انخفضت ملوثات الهواء بنسبة الثلث بين شهري يناير وفبراير، وفقًا لبيانات مدرسة الصحة العامة التابعة لجامعة هونج كونج.

وحتى في كوريا الجنوبية انخفضت نسبة ثاني أكسيد النيتروجين في الجو، بالرغم من تجنب حكومة البلاد فرض الحظر الصحي العام الكامل على مناطق بأكملها.

وقال باحثون من نيويورك إن مؤشرات أولية تكشف انخفاض مستوى أول أكسيد الكربون في أجواء المدينة بنسبة النصف تقريبًا مقارنة بالفترة ذاتها نم العام الماضي، ويقدر علماء من جامعة كولومبيا بنيويورك أن كثافة الحركة المرورية بالمدينة تراجعت بنسبة 35%.

ويسبب تلوث الهواء أو يفاقم سرطان الرئة والأمراض الرئوية والسكتات الدماغية، ويُقدر أن 400 ألف شخص في أوروبا وحدها يموتون سنويًا بسبب تلوث الهواء.

وبحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية"، يعتقد الأستاذ المتخصص بدراسات تلوث الهواء بجامعة ليستر البريطانية بول مونكس أن انخفاض معدلات الغازات والمواد الملوثة للهواء بفعل إجراءات الحظر وتقييد الحركة في المدن الصناعية الكبرى قد ينقذ عشرات الآلاف من الأرواح التي تُفقد سنويًا بسبب التلوث، وإن كان من المستبعد بالطبع أن أن ينقذ انخفاض التلوث عددًا من الأرواح أكبر من تلك التي سيحصدها وباء كورونا.