الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عائشة عمرو عبد اللطيف تكتب: نساء في تاريخ الاسلام

صدى البلد

             
 
يزخر التاريخ الإسلامي بالعديد من الشخصيات النسائية اللاتي لهن دور بارز ومؤثر في الحضارة الإسلامية، فكانت بحق سيدات استطعن أن يحفرن أسماءهن على صفحات التاريخ إنها:
(رفيدة الأسلمية) أو (رفيدة بنت سعد الأنصارية)
كانت من أوائل أهل المدينة دخولًا في الإسلام، وُلدت رُفيدة في قبيلة بني الأسلم من اتحاد قبائل الخزرج  في المدينة المنورة، نالت شهرتها في البداية بمساهمتها مع نساء الأنصار في الترحيب بوصول النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
وكانت أول ممرضة مسلمة بالرغم من أن هناك اختلاف بسيط على من هي صاحبة لقب "أول طبيبة وممرضة" في التاريخ، إلا أن بعض الشعوب العربية الإسلامية تنسب اللقب إلى رُفيدة كأول طبيبة وممرضة مسلمة.
في كل عام تمنح الكلية الملكية للجراحين في إيرلندا وجامعة البحرين جائزة رُفيدة الأسلمية للطالب المميز. 
ويحدد الفائز بالجائزة فريق من كبار الأطباء، تمنح جائزة رُفيدة الأسلمية في التمريض للطالب البارع في تقديم أفضل رعاية وتمريض للمرضى.

تعد رفيدة الأسلمية هي صاحبة الخيمة المشهورة بأنها مستوصف طبي وقيل اسمها كعيبة كما ذكر ابن سعد في طبقاته الكبرى، كانت تداوي الجرحى في الغزوات، وفقا لما جاء في كتاب (نساء صنعن التاريخ في العهد النبوي) لكريمة عبود، وقد نشأت رُفيدة في عائلة لها صِلَة قوية بالطب، فوالدها “سعد الأسلمي” كان طبيبًا، اكتسبت رُفيدة منه خبرتها الطبية وتعلَّمت على يديهِ، وقد كرَّست نفسها للتمريض وممارسة الطب ورعاية المرضى، وأصبحت طبيبة متخصصة.
خيمة رُفيدة
كانت في المدينة قرب المسجد النبوي خيمة، هي في الحقيقة مستشفى يعالج فيه المرضى والجرحى باستمرار، وكانت رُفيدة تعمل فيه كطبيبة حيث تعتبر أول طبيبة وممرضة قامت بتأسيس مستشفى صحراوي متنقل في تاريخ الطب الإسلامي، وقد سُميت هذه الخيمة بـ "خيمة رُفيدة "
وقد ظهرت "خيمة رُفيدة" منذ يوم أحد، "فهي كانت تستضيف الجرحى وتقوم بمداواتهم وإسعافهم، وكانت تخرج في كل الغزاوت وتنقل معها خيمتها بكل متطلباتها وأدواتها واحتياجاتها فوق ظهور الجمال، وتقيمها بإزاء معسكر المسلمين لتكون عونًا لهم، ومسعفة تداوي الجرحى، لذلك تعتبر خيمتها هي أول مستشفى ميداني"، وفقا لما جاء في (صور من حياة الصحابيات) لمحمد حامد محمد‎.
لقد قامت رُفيدة بتدريب مجموعات من النساء للعمل كممرضات، فعندما كان يستعد جيش المسلمين لغزوة خيبر، ذهبت رُفيدة مع مجموعة من الممرضات المتطوعات للرسول ليطلبن منه الأذن في المشاركة في الغزوة بقولهم: "يا رسول الله، نحن نريد الذهاب معكم والمشاركة في المعركة بعلاج الجرحى ومساعدة المسلمين بقدر إمكاننا"، وقد أعطاهم الرسول الإذن بالذهاب، وقد أدت الممرضات المتطوعات عملهم على أكمل وجه
 وكانت تنفق على عملها من مالها الخاص، وقد خصص الرسول جزء من الغنيمة لرُفيدة، حيث كان دورها يعادل دور الجنود المقاتلين،  فقد ذكر أبو عمر عن الواقدي أنها شهدت خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسهم لها سهم رج. وهذا عرفان بدورها الطبي.

دورها في مداوة سعد بن معاذ – رضي الله عنه -
ورد أنه حينما أصيب سيدنا سعد بن معاذ – – خلال غزوة الخندق نتيجة سهم أطلقه أبو أسامة الجشمي حليف "بني مخزوم"، أمر النبي – – أن يتم نقله إلى "خيمة رفيدة"؛ لمداواته حتى لا يفقد الكثير من الدماء، يقول ابن إسحاق في كتابه السيرة النبوية: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسلم ، يقال لها رفيدة ، في مسجده ، كانت تداوي الجرحى ، وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق: اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب)، كما يقال أنها شاركت النبي – صلى الله عليه وسلم – في فتح خيبر، حيث أنها قامت بعلاج ومداوة الجرحى وفازت بنصيب من الغنائم.
وقد ذكر الإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه (الإصابة في تمييز الصحابة) كيف تصرفت رُفيدة الأسلمية بحكمة عندما رأت انغراس السهم في صدر سعد، أسرعت بإيقاف النزيف، ولكنها أبقت السهم في صدره لأنها كانت تعلم إنها إذا سحبته أو أخرجته سيحدث نزيفًا لا يتوقف من مكان الإصابة.
المسماة بـ (الفدائية)
ومجمل القول في رفيدة: أنها كانت من كريمات النساء وفضليات الصحابيات المجاهدات، بايعت الرسول – صلى الله عليه وسلم – بعد الهجرة، واشتركت في غزوة الخندق وخيبر، وكانت – رضي الله عنها – قارئة، كاتبة، وصاحبة ثروة واسعة، وقد استهوتها حرفة التمريض، ومهنة التطبيب والمداوة، حتى تفوقت فيها، و اشتهرت بين الناس، وكان يطلق عليها (الفدائية)؛ لأنها كانت تسعف المصابين وتشجع المجاهدين. 
وخلال فترات السلام، استمرت رُفيدة الأسلمية في جهودها الإنسانية بتوفير المساعدات للمحتاجين من المسلمين.