الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عزير نبي الله.. قصة البعث بعد الموت في القرآن الكريم

عزير نبي الله.. قصة
عزير نبي الله.. قصة البعث بعد الموت في القرآن الكريم

يعود  نسب عزير إلى لاوي بن يعقول بن اسحاق بن ابراهيم عليهم السلام، ويقال أنه نبي من أنبياء الله انزله الله على بني اسرائيل وهناك رأي آخر يقول انه رجل صالح وهو حبر من أحبار بني اسرائيل .


قال تعالى في كتابه الكريم: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وقد ورد ذكره في القرا، في موضع آخر حيث قال الله تعالى  وقالت اليهود عزير ابن الله)

الحاكم بختنصر

لما تكاثر فساد بنى إسرائيل وطغيانهم و قتلوا نبيين هما سيدنا زكريا وولده سيدنا يحيى (عليهما السلام)، سلط الله المنتقم عليهم حاكما كافرا هو بختنصر، بجيشه إلى البيت المقدس في فلسطين فغزا بني إسرائيل وقتل منهم الكثير وأسر الباقين وهرب القليلون، ثم أمر جنده بجلب كميات كبيرة من الأتربة ووضعها على المدينة حتى صارت كالجبل العظيم إمعانا في إذاقتهم الذل.


وأخذ بختنصر الأسرى معه إلى بابل وكان بينهم بعض علماء بني إسرائيل، وقد دفنوا التوراة الأصلية قبل خروجهم من بيت المقدس في مكان عرفوا موضعه وحدهم، وكان منهم عزير الذي استطاع العودة إلى بيت المقدس بعد فترة، لكنه وجده على حالته البالية.

الجثث الممزقة

ودمر ما تبقى من بيوت ودور وحولها الجثث الممزقة والأطراف المتفرقة والعظام المقطعة، فمر بينهم متعجبا من حالهم وكان يجر وراءه حماره، ولما وصل إلى بساتين هذه المدينة رءاها عامرة بالفاكهة النضرة الطرية فزادت دهشته إذ الأشجار مثمرة والناس ميتون، فقال وقد أثرت فيه العبرة: "سبحان الله القادر على إحياء هذه المدينة وأهلها بعدما أصبحواعلى هذه الحال".

ثم تناول من تلك الأشجار عنبا وتينا وملأ منهما سلة له ثم عصر عنبا في وعاء وشرب منه قليلا وقعد يستريح تحت ظل شجرة وما هي إلا لحظات حتى أماته الله وحجبه عن عيون الناس والسباع والطيور.


وبعد سبعين سنة من موت عزير أرسل الله ملكا إلى ملك من ملوك فارس يقال له "لوسك" فقال له: "إن الله يأمرك أن تنهض بقومك فتقصد بيت المقدس لتعمره وما حوله من الأراضي حتى يعود أحسن مما كان"، فأمر الملك "لوسك" عشرات الألوف من مملكته بالخروج لتعمير المدينة، وعاد من بقي من بني إسرائيل إليها، فعمروها في ثلاثين سنة وكثروا حتى كانوا كأحسن حال من رخاء عيش.

100 عام على موته

وبعد اكتمال مائة عام على موت عزير أحياه الله تعالى بقدرته العظيمة، وكان قد أماته صباحا ثم بعثه قبل الغروب بعد مرور هذه الفترة الطويلة، فأحيا منه أول ما أحيا قلبه ليدرك به وعينيه ليرى بهما كيفية بعث الأجساد فيقوى يقينه، ثم رأى عزير سائر جسده كيف يركب من جديد، ثم أتاه ملك كريم من الملائكة فقال له: "كم لبثت؟" فأجابه عزير على حسب ماتوقعه "لبثت يوما" ثم رأى أن الشمس لم تغرب كلها بعد فقال: "أو بعض يوم" فأوضح له الملك الكريم قائلا: "بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك" فنظر إلى سلة التين والعنب ما زالت كما قطفها طازجة نضرة، وإلى الشراب في الوعاء لم يتعفن.


ثم قال له الملك: "وانظر إلى حمارك" فنظر إليه حيث ربطه بالشجرة، فوجده ميتا وعظامه قد تفرقت أطرافه وبليت، وسمع صوت ملك من السماء يقول: "أيتها العظام البالية تجمعي بإذن الله"، فانضمت أجزاء العظام إلى بعضها، ثم التصق كل عضو بما يليق به، الضلع إلى الضلعِ، والذراع إلى مكانه، ثم جاء الرأس إلى موضعه، وركبت الأعصاب والعروق ثم أنبت الله اللحم الطري على الهيكل العظمي، وكساه بالجلد الذي انبسط على اللحم، ثم خرج الشعر من الجلد.


وعندها جاء ملك فنفخ الروح بإذن الله في منخري الحمار فقام ينهق، فهبط عزير إلى الأرض ساجدا لله بعد أن شاهد آية من آيات الله تعالى العجيبة الباهرة وهي إحياء الموتى وقال: "أعلم أن الله على كل شئ قدير".

عودة عزير

وركب عزير حماره وأتى محلته حيث كان يسكن فلم يعرفه أحد من أهله ولم يعرفهم وقصد منزله فوجد عجوزا عمياء مقعدة كانت خادمة عندهم وهي بنت عشرين عاما، فقال لها: "أهذا منزل عزير؟" قالت: "نعم"، وبكت بكاء غزيرا وأكملت قائلة: "لقد ذهب عزير منذ عشرات السنين ونسيه الناس، وما رأيت أحدا منذ زمن بعيد جدا ذكر عزير إلا الآن.


قال: "أنا عزير أماتني الله مائة عام وها قد بعثني"، فاضطرب أمر هذه العجوز، ثم قالت: "إن عزيرا كان رجلا صالحا، مستجاب الدعوة لا يدعو لمريض أو صاحب بلاء إلا تعافى بإذن الله، فادع الله أن يعافي جسدي ويرد بصري"، فدعا الله تعالى، فإذا هي ذات بصر حاد، ووجه مشرق قد قامت واقفة على رجليها كأنه ما أصابها ضر قائلة: "أشهد أنك عزير".


ثم انطلقت به إلى بني إسرائيل، وصاحت: "إن عزيرا الذي فقدتموه منذ مائة عام قد رده الله تعالى رجلا قويا يمشي مشية الشباب الكاملين، وظهر لهم عزير شديد العضلات أسود الشعر، فلم يعرفوه ولكنهم أرادوا أن يمتحنوه، فأتى ابنه وقال له: "لقد كانت أمي تخبرني أنه كان لأبي شامة سوداء مثل الهلال بين كتفيه، فأرنا إياها، فكشف عزير عن ظهره فظهرت الشامة.


ثم أرادوا أن يتيقنوا أكثر فقال رجل كبير بينهم أخبرنا أجدادنا أن بختنصر لما هاجم بيت المقدس أحرق التوارة ولم يبق ممن حفظه غيبا إلا القليل ومنهم عزير، فإن كنت هو فاتل علينا ماكنت تحفظ"، فقام ولحقوا به إلى الموضع الذي دفن فيه التوارة عند هجوم بختنصر، فأخرجها وكانت ملفوفة بخرقة فتعفن بعض ورقها، وجلس في ظل شجرة وبنو إسرائيل حوله، فأمسكوا بالتوراة يتابعون ما سيتلو، وتلا التوراة لم يترك ءاية منها، ولم يحرف جزءا، ولم ينقص حرفا.


عند ذلك صافحوه مصدقين، وأقبلوا عليه يتبركون به، ولكنهم لجهلهم لم يزدادوا إيمانا، بل كفروا وقالوا: "عزير ابن الله" والعياذ بالله تعالى.