الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصطفى الشيمى يكتب: الكمامة و حزام الأمان

صدى البلد

في الوقت الحالي التاريخ يعلمنا درسًا عظيمًا فى التواضع ، فمن الممكن أن ننقرض تمامًا ولا يبقى لجنسنا أثر ، أو نستبدل  بآخرين ، وتتطور وتسود الحياة أجناس أخرى يخرج لها نسل  آخر ، الإنسان الذى أنطلق  عبر الفضاء عجز أن يفك شفرات هذا الفيروس المستجد ، ظن أنه  يسيطر على الكون ولكنه مازال عاجزًا عن السيطرة على نفسه ، تحالف العالم بأمواله حتى يجد مصلًا مضادًا للفيروس ، ولكن كما يبدوأنها حرب شاقة تبدو أمامها مهمة الصعود للقمر عملية بسيطة وسهلة  ، وغدا نهار الإنسان ليلًا .و أصبح خائفًا من ما هو قادم وأن ما يشعر به الآن من آلام في رأسه تجعله يحتاج فترة حجر بعيدًا عن أسرته و أحبابه . و حقيقة الأمر أننا لوثنا الهواء والبحار والأخضر واليابس  بأيدينا ، وأن  الأرض كانت فى استجمام خلال الحظر بعد أن أرتدت كمامتها وتدفق الكحول في أوردتها .

        فلم يحدث فى التاريخ أن جاء عصر بمثل هذة الوفرة فى التكنولوجيا والعلم وكل الطرق التى تسهل على الانسان يومه . ولكنه يقف الآن أمام شيء لايُرى  ولا يستطيع التصرف و يهرب منه كهروب الحمر المستنفرة من الوحوش ،  وانقلب التقدم العلمى الذى  بين أيدينا إلى حجر متجمد  ولفتت  الأجواء النظر  إلى ما يُنفَق من مليارات علي التسليح و أدوات القتل ، واتجهت أنظار العالم جميعها نحو الأطباء والممرضين الذين كانوا دائمًا بعيدين عن الأضواء ولا نتذكر أهميتهم إلا عندما يتعرض أحدنا لأزمة قلبية أو لحادثة مروعه تقتضي المكوث في المستشفى  ،  و الآن وصلنا إلى نتيجة حتمية وهى إخراج الطب والبحث العلمى  من  كل الحسابات التجارية الجارية  لأنهم لا يصنعون الرفاهية  بل يصنعون الحياة ، وأن  العالم عليه ان يتصافح بيد واليد الأخرى تصنع الدواء بدل الضغط على الزناد  و إشعال المؤامرات والفتن، وبحسب المجلس الدولي للممرضين والممرضات، إن ما لا يقل عن 90 ألفًا من العاملين في مجال الرعاية الصحية في شتى أنحاء العالم أصيبوا بـفيروس كورونا ، وربما ضِعف هذا العدد وسط تقارير عن استمرار النقص في أدوات الحماية ، و بذلك المصيرالمعلق بعقولنا نكون مجبرين على غزل خيوط النجاة للتعايُش في  الأجواء الحالية وحل لغزها ، وأننا لازلنا فى مرحلة التجريب ، إنه لا مفر حاليًا  من فك قيود الحظر تدريجيًا ، فبعد شهرين من تحمل مؤسسات الدولة لأعباء الحظر، أصبح  الخروج من إطار الحظر الشامل أو الجزئى  أمرًا ملحًا لجميع البشر ، حتى لو كانت المؤشرات لا تشجع ، ولكن التكلفة التي تكبدها العالم مرتفعة  جدًا وما أنفق على  متطلبات القطاع الصحي وطرق الوقاية كان له أثر السلب على الاقتصاد العالمى ، وما قامت به الدول من محاولات تعويضية مقابل التزام الحظر الشامل في مقاومة  كورونا كانت محاولات رمزية  غير مؤثرة ، و القضاء على الفيروس يتطلب فترة طويلة  لذلك علينا التعايش مع هذه الوضعية مع مراعات كافة الإجراءات الاحترازية وتوسيع دائرة الفحص وعزل الفئات الأكثر عرضة وزيادة قدرات النظام الصحي ونشر الوعي بين الناس لطرق الوقاية وإرشادت العزل ، وخصوصًا أن أسرع لقاح استغرقت البشرية إنتاجه  بعد 11 عامًا من أنتشار المرض  حسب جريدة نيويورك تايمز ، وأن   الغرض الرئيسى من الحظر سواء الشامل أو الجزئى هو رفع طاقة النظام الصحى حتى أن يستطيع صلب طوله أمام الوباء ، وأنه لا يمكن العودة إلى الحظر  الشامل إلا بكارثة حقيقية، تجد فيها الدولة أن الحظر  أفضل وأقل تكلفة من تخفيفه أو إلغائه.

 وكما نعلم اختلاف  الوعى لدى الجميع، إضافة الى ملايين المواطنين الذين يعانون من الفقر ولا يرون الفيروس  أكثر خطورة من الجوع  كما أننا لا نعرف مدى احتمال تعرضنا لموجة ثانية من الإصابة و تكون أسوأ، على غرار ما حدث مع انتشار الإنفلونزا الإسبانية التي بدت وكأنها تنحسر في صيف 1918 لتعود بشكل أعنف في موجة ثانية في الشتاء واستمرت حتى  1919 والخبراء والمختصون في العالم لا يعلمون أيضًا  متى ينتهى  تفشى الفيروس  ولكن علينا تجنب الإصابة  مع   فك قيود الحظرالتدريجي و  تعميم ارتداء الكمامات مثل  أمريكا والصين  والأردن  وألمانيا والنمسا وغيرها ، ، ومن حسن الحظ أن الكارثة لم تبدأ بعد برغم زيادة اعداد المصابين والوفيات  وأنه يمكن تدارك الأمر بترك التراخى  وخلع رداء التساهل  والسعى إلى الوقاية  بنية صادقة ، ونحن مضطرون إلى التعايش مع الفيروس لشهور عديدة  ، وأن تعميم ارتداء  الكمامات أهم حل متوفر حاليًا لتفادي إصابات جديدة ، و شخصیًا أرجو أن تصبح الكمامة كحزام الأمان في السیارة، ومن لا يضعها تُفرض عليه غرامة ، وان ربط القرار بتغليظ العقوبة هو أسلم طريقة لتنفيذه ولنا عبره في منظومة مترو الأنفاق ، فعلينا التعايش مع الأزمة حتى نصل الى إشراقة شمس ذات يومًا تدفئ العالم وتذيب الجليد فى عقبة  تزاد غرابتها كلما توغلنا فيها ،  وأنا على يقين بأن هذه الأزمة ستغيرالكثير من المفاهيم .