الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى رحيل شارل بيرو.. كتب مجموعة حكائية للمساعدة في تربية الأبناء

صدى البلد

استطاع الكاتب الفرنسي الشهير شارل بيرو الذي تحل اليوم، السبت، ذكرى رحيله، الوصول لقلوب أكثر من عشرات ملايين من البشر منذ نحو أربعمائة سنة، إثر وضعه لمجموعة حكائية كتبها من أجل المساعدة في تربية الأبناء لكي تخدم أهدافا سامية كان يرى من الضرورة طرحها لأطفال المجتمع الفرنسي الذي كان يعيش بين ظهراينهم.


ولد شارل بيرو في عائلة فرنسية برجوازية تنتمي إلى طبقة الأغنياء، وكان الابن الأصغر في عائلته المتكونة من سبع أبناء، جان الابن البكر كان محاميا مثل أبيه ومات في تاريخ 1669، وأخهه الثاني بيير كان مستقبلا عاما في الاقتصاد ومات في سنة 1680، وأخوه كلود كان طبيبًا ومات بتاريخ 1680، بينما أخوه نيكولا كان يهوى الرياضات ومات بتاريخ 1668، أما ماري البنت الوحيدة في العائلة فتموت صغيرة وهي في السن 13، كان لشارل أيضا شقيق توأم لكنه مات في سن الرضاعة وعمره 6 أشهر، في تاريخ 13 يناير 1626 تم تعميد شارل شأنه شأن كل العائلات المسيحية في وقته، وكان ذلك في كنيسة سانت تي تيان الواقعة بباريس.


عرف أن شارل كان أديبا براقًا يهوى الكتابة كما أنه كان ميالًا للفلسفة، يترك دراسته إثر شجاره مع أحد أساتذته وكان معه زميل أيضًا، ومنذ ذلك الحين يقرران عدم العودة إلى مقاعد الدراسة من جديد فيتوجه إذا لقراءة الكتاب المقدس ويتمعن في قراءة تاريخ فرنسا وبعض الكتب والمختطفات التي تفيده كثيرًا كدراسة مجانية، تنمي ثقافته وتعوضه غيابه عن الدراسة ونتيجة كل المزيج الذي استعمله في دراسته يتمكن من إنشاء كتبه مثل كتاب له يدعى الكتاب السادس من اينييد وكتاب أسوار طروادة.


كان شارل بيرو الأكثر شعبية وشهرة في عالم القصص، وقد أنتجت لقصصه أعمال عالمية منها ما كان في الأوبرا والباليه؛ وألف على أثرها موسيقيون عالميون مثل تشايكوفسكي في مقطوعة الجمال النائم، وكذلك أنتج العالم على قصصه المسرحيات، والمسرحيات الموسيقية، والأفلام، التي تنوعت بين الأداء التمثيلي والرسوم المتحركة.


أدار بيرو مع الشاعر الفرنسي جان شابيلان قسم الدعاية الملكية الذي يعد اللبنة الأساسية في النظام الملكي، مما مكَّنه من تشجيع الأعمال الفنية واجتذاب القصائد التي تمدح الملك، وتوزيع الجوائز على الأدباء والفنانين، كما قام بتأليف شعارات باللغة اللاتينية أشادت بانتصارات لويس الرابع عشر وإنجازاته، وأشرف على تشييد القصور والمباني التي تبرز عظمة الملكية.


وفي قصيدة عنوانها "عصر لويس العظيم"، ألقاها بيرّو في الأكاديمية الفرنسية التي كان عضوًا فيها، أشاد بعصر لويس الرابع عشر، غير أن الشاعر والناقد بوالو عدَّ القصيدة مهينة للشعراء القدامى، لأن ناظمها أثْنى على أدباء عصره وأكد تفوقهم على الأدباء القدامى، مما حمل بوالو على هجائه في قصيدة تهكمية.


وفي محاورته التي تعرف باسم "موازنة بين القدامى والمحْدثين" أجاب بيرو عما أثاره بوالو، وسخر فيها من التزمت العلمي الذي اصطُبغ به أنصار التراث القديم، وأكد أن التطور ممكن في الفنون كما في العلوم، وقد أثار هذا النقاش الحاد ما عرف بـ "النزاع بين القدامى والمحدَثين" الذي ظل محتدمًا في أواخر القرن السابع عشر، وصرف بيرو جل همه له، إلى أن خفت حدته سنة 1700، كتب بوالو خطابًا مفتوحًا لبيرو اعترف فيه إلى حد ما بمساواة أدب القرن السابع عشر بالأدب القديم، وتخلّى بيرّو إثر ذلك عن التشبث برأيه وعدل من لهجته الهجومية في كتابه "الرجال المشاهير الذين برزوا في فرنسة في القرن السابع عشر"، وقد اشتمل الكتاب على تراجم ونقد لأهم شخصيات فرنسا في ذلك القرن.


وسخَر بيرو موهبته في أواخر حياته لكتابة القصص الشعبية وقصص الأطفال، إذ شهدت السنوات الأخيرة من القرن السابع عشر افتتانًا كبيرًا بكل ما هو خارق ومثير للإعجاب، ودرجت "قصص الجن" والقصص الخرافية في المنتديات الأدبية، وكانت النساء التي ترتادها تتنافس في رواية القصص الخارقة لكي تجتذب الكبار كما الأطفال، وغدا الرواة والقاصون ينهلون من معين المتخيل الشعبي والتراث المتناقل بين الناس وخاصة روايات العجائز والمربيات.