الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل جاء فيروس كورونا ليبقى؟.. علماء: اللقاح المضاد قد لا يظهر قبل سنوات ونتائجه غير مضمونة.. والتعايش الواعي هو طوق النجاة الوحيد

صدى البلد

  • بعض اللقاحات تستغرق عشرات السنين للتوصل إليها
  • أي لقاح محتمل لفيروس كورونا لا يضمن مناعة دائمة ضده
  • الطفرات الوراثية قد تجعل الفيروس أكثر توحشًا وفتكًا
  • شكوك حول قدرة الدول الفقيرة على توفير أي لقاح محتمل لجميع السكان


حتى الآن، لا يعرف العالم أجمع طريقة للقضاء على فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" سوى عن طريق تطوير لقاح مضاد له، والسؤال الذي صار يشغل بال الجميع الآن هو: متى يظهر اللقاح المضاد لفيروس كورونا؟

لكن صحيفة "الجارديان" البريطانية طرحت سؤالًا آخر مخيفًا: ماذا لو لم يتم التوصل أبدًا – أو لعشرات السنين على الأقل - إلى لقاح مضاد لفيروس كورونا؟ وقبل التسرع بالاندهاش من السؤال توضح الصحيفة أن هناك سوابق في تاريخ الطب تؤشر لهذا الاحتمال المرعب، فحتى الآن وبعد أكثر من 30 عامًا على اكتشاف وعزل فيروس HIV المسبب لمرض الإيدز لم يتوصل العلماء إلى لقاح مضاد له، ولم يتم اعتماد اللقاح المضاد لحمى الضنك المكتشفة عام 1943 سوى العام الماضي، وحتى بعد اعتماده لم تزل هناك مخاوف بشأن فعاليته، وقد كان أسرع اللقاحات اكتشافًا هو اللقاح المضاد لمرض النكاف، واستغرق 4 سنوات من البحث للتوصل إليه.

وأضافت الصحيفة أن العلماء سعوا من قبل لتطوير لقاحات مضادة لفيروسات من عائلة كورونا، وقد حصد اثنان من هذه الفيروسات، هما سارس وميرس، أرواحًا عديدة، وحتى الآن لم يتم اعتماد أي لقاحات مضادة لهما، لكن على كل حال فقد انحسر وباء سارس من تلقاء ذاته ولم ينتشر وباء ميرس خارج الشرق الأوسط، ومن المؤكد أن أبحاث تطوير اللقاحات المضادة لهذين الفيروسين ستساعد العلماء في تطوير لقاح مضاد لفيروس كوفيد-19، لكن لا يزال هناك الكثير مما نجهله عن الأخير.


ومما يثير المخاوف في هذا الصدد أن الجسم البشري لا يستطيع الاحتفاظ بالمناعة ضد الفيروسات التاجية لفترة طويلة، فربع المصابين بنزلات البرد العادية حول العالم سنويًا يصابون بها بسبب التقاطهم عدوى فيروس تاجي من عائلة كورونا، لكن أجسامهم تطور مناعة مؤقتة ضدها لا تمنع معاودة الإصابة بها مرة أخرى بعد فترة.

وكشف فريق علماء بجامعة روكفلر الأمريكية الأسبوع الماضي أن معظم أولئك الذين تعافوا من فيروس كورونا دون أن يتلقوا علاجًا في المشافي لم تطور أجهزتهم المناعية أجسامًا مضادة للفيروس، ومن ثم لا يوجد ما يضمن ألا تعود إليهم العدوى.

الأمر الآخر المثير للقلق هو مدى الاستقرار الوراثي لفيروس كورونا، فبعض الفيروسات مثل الإنفلونزا تتحور تركيبتها الجينية بسرعة فائقة، بحيث لا تستطيع جهود البحث عن لقاحات مضادة مجاراتها، وحتى الآن يبدو فيروس كوفيد-19 مستقر جينيًا نوعًا ما، لكن عاجلًا أم آجلًا قد تحدث طفرة في تركيبته الوراثية تجعله أكثر توحشًا وفتكًا.

لكن حتى إن تم التوصل في وقت ما إلى لقاح مضاد لفيروس كورونا، فما الذي يضمن أن يكون هذا اللقاح آمنًا؟ هناك بعض اللقاحات التي تسبب آثارًا جانبية شديدة الخطورة قد تؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة، وبالنظر إلى الانتشار العالمي لفيروس كورونا والسهولة الشديدة للإصابة به فسيكون من الضروري تلقيح البشر جميعًا، أو معظمهم على الأقل، بأي لقاح مضاد لفيروس كورونا يتم التوصل إليه، وما لم يكن هذا اللقاح آمنًا فستكون هناك معضلة صعبة: هل يتم اعتماد لقاح خطر أم يُترك الفيروس ليحصد الأرواح؟

ويعتقد علماء أن أي لقاح مضاد لفيروس كورونا لا يوفر مناعة ضد عودة الإصابة به لفترة تزيد عن العام لن يكون مجديًا في مكافحة الفيروس، الذي سيتحول عندئذ إلى مرض متوطن وسيكون على البشر التكيف مع وجوده.

وهناك أيضًا السؤال الملح: هل تستطيع كل دول العالم بلا استثناء توفير اللقاح المنتظر لكل السكان بلا استثناء؟ إن دولة تعاني من ظروف اقتصادية متعثرة قد لا تستطيع توفير اللقاح بكميات كافية لعلاج المصابين وتحصين الأصحاء، وبالتالي فإن عددًا قليلًا من الإصابات الجديدة كفيلة بإعادة المأساة مرة أخرى.

ومما يزيد من خطورة فيروس كورونا إلى حد بعيد أن أعراضه قد لا تظهر على الكثير من حاملي العدوى به، وهم يتجولون بحرية ويخالطون آخرين ينقلون العدوى إليهم دون دراية.

ويلخص مدير إدارة الطب الوقائي السابق بوزارة الصحة البريطانية ديفيد سالزبوري خطورة الموقف بالقول " ما لم يكن لدينا لقاح متاح بكميات هائلة يمكن إعطاؤه بسرعة استثنائية في جميع المجتمعات في العالم، فستكون لدينا ثغرات في دفاعاتنا يمكن للفيروس أن يستمر في الانتشار عبرها". 

وخلصت "الجارديان" إلى أنه عاجلًا أم آجلًا فسيتعين على البشر التأقلم مع وجود فيروس كورونا، وسيكون الحل الوحيد هو أن يتحول الحذر والعادات الاحترازية إلى ممارسة طبيعية بديهية، وسيكون للوعي والالتزام الدور الحاسم في الوقاية من التقاط العدوى، وربما يفيد استخدام بروتوكولات علاج مؤلفة من أدوية تعالج أمراضًا أخرى وتكون قد أثبتت بعض الفعالية في تخفيف آثار ومضاعفات فيروس كورونا لدى المصابين به، أما الأمل الوحيد لاختفائه نهائيًا فقد يكون تحوره وراثيًا إلى نسخ أضعف غير قاتلة.