الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وكان القرار من صنع الطبيعة وليس البشر.. هذا ما فعلته جائحة كورونا بعد إنفاق المليارات في صناعة الطائرات لتقليل الانبعاثات

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

تقليل الانبعاثات:
سبب انخفاض انبعاثات الكربون نتيجة للاجراءات الجبرية التي فرضت على العالم للتصدي لفيروس كورونا
انخفاض معدلات الانبعاثات الكربونية بسبب كورونا تعد أكبر معدل انخفاض لها منذ الحرب العالمية الثانية 
يمكننا الحفاظ على المستويات المتدنية للانبعاثات في المستقبل من خلال تعزيز الاعتماد على حلول الطاقة المتجددة

نحو أكثر من عشر سنوات من السعي قضاها قطاع الطيران المدني، ما بين الدراسات والمشاورات الحكومية من أجل الحد من انبعاثات الكربون ووضع سقف لمعدلاته، وفق خطط مدروسة كان ينتوي تطبيقها خلال العام الجاري 2020، بعد موافقة بالإجماع لأول مرة من قبل جميع أعضاء منظمة الطيران المدني الدولي "إيكاو" خلال اجتماعها الأخير نهاية العام المنقضي لتفعيلها، بهدف خفض صافي انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون  بحلول 2050 إلى نصف ما كانت عليه معدلاته في عام 2005.

وفي الوقت الذي كانت فيه الإيكاو ترتب مع حكومات الدول تنفيذ خطة التعويض عن الكربون وخفضه في مجال الطيران الدولي، وفق أول خطة عالمية لتعويض الانبعاثات "كورسيا"، كانت الطبيعة تجهز لخطة أخرى أكثر فاعلية وتأثيرًا أسرع مما كان في الحسبان الوصول إليه في هذه المدة القصيرة.

جائحة كورونا الوبائية، التي ضربت بلدان العالم دون سابق إنذار، وأركعت اقتصاد دول عظمى أمامها وأحنت عنق قطاع الطيران المدني حول العالم بعد أن كبدته خسائر فادحة لم تستطع العديد من الشركات الصمود أمامه، تلك هي خطة الطبيعة التي كان لكارثيتها، فائدة بيئية يرتب للوصول إليها على مدار سنوات بعيدة بصورة تدريجية، حتى ظهر الفيروس وغير الحسابات واختزل تلك السنوات واختصر الجهود المرتبة، وتسبب في انخفاض مفاجئ للانبعاثات الكربونية بنسبة 5% خلال عام 2020، فق ما قدره الخبراء، نتيجة لتوقف الحركة الجوية وانخفاض معدلات الانتاج الاقتصادي على مستوى دول العالم، وهو ما يمثل جانبا إيجابيا وسط  الانبعاثات السلبية التي تفرضها الجائحة.

رأى الخبراء، أن نسب انخفاض انبعاثات الكربون خلال هذه العام، جاء نتيجة للاجراءات الجبرية التي فرضت على العالم للتصدي لفيروس كورونا، وهو ما سيؤدي إلى تحسين مرحلي في نوعية الهواء وانبعاث غازات الدفينة إلا أن ذلك لن ينعكس إلى تغيير مستدام ما لم يتم ترجمته إلى التزامات وسياسات طويلة الأمد للتحول إلى نمو منخفض الكربون.

واعتبر الخبراء، أن انخفاض معدلات الانبعاثات الكربونية التي نتجت عن جائحة كورونا، تعد أكبر معدل انخفاض لها منذ الحرب العالمية الثانية لكن هذا الانخفاض قد يكون قصير الأجل إذا لم نتبنَ سياسة مناخية عالمية طويلة الأمد تهدف إلى الحد من انبعاثات الكربون، ومع ذلك تشير التقديرات إلى أن هذا الانخفاض الكبير لا يمثل سوى جزء صغير من الأهداف العالمية الخاصة بالحد من الانبعاثات، ومتوقع أن يعود ذلك إلى المستويات العالية للانبعاثات التي شهدناها خلال العقد الماضي كما شاهدنا سابقا بمجرد مرور الأزمة.

واعتبر الخبراء، أنه فقط يمكننا الحفاظ على المستويات المتدنية للانبعاثات في المستقبل من خلال تعزيز الاعتماد على حلول الطاقة المتجددة، وهو ما دعت إليه جهود الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا" دول الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة دعم التحول في قطاع طاقة الطيران إلى استخدام وقود الطيران المستدام (SAF) بما ينسجم مع الصفقة الخضراء الخاصة.

وخلال مشاركة "اياتا"، في "منتدى الابتكار المستدام"، الذي عقد على هامش الدورة الخامسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ في العاصمة الإسبانية مدريد، أواخر العام المنقضي، قال أليكساندر دو جونياك المدير العام والرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للنقل الجوي، إن الطيران يعلق آمالًا كبيرة على الاتفاقية الخضراء الخاصة بالمفوضية الأوروبية، ونحن نرغب بمشاركة أوروبا في بناء اقتصاد جديد للطاقة، وسنبذل أقصى جهدنا في جعل وقود الطيران المستدام أولوية بالنسبة للطيران في أوروبا والعالم على حد سواء.

ويعتبر وقود الطيران المستدام عنصرًا مهمًا في الجهود طويلة الأمد التي تبذلها شركات الطيران بهدف تخفيض الانبعاثات بحلول عام 2050 إلى النصف، مقارنة بعام 2005، كما تتضمن استراتيجية القطاع لتخفيض الانبعاثات استثمارات كبيرة في الطائرات ذات التقنيات الحديثة وأبحاث متقدمة حول أنظمة الدفع الكهربائية والهجينة وبرامج لتحسين الكفاءة التشغيلية، بالإضافة إلى خطة التعويض عن الكربون وخفضه في مجال الطيران الدولي "كورسيا"، الخطة العالمية الأولى من نوعها.

وأشار الاتحاد الدولي للنقل الجوية، إلى أنه منذ العام 2009، استثمرت شركات الطيران ما يقارب تريليون دولار أمريكي في شراء طائرات جديدة، كما وقعت اتفاقيات شراء آجلة لوقود الطيران المستدام بقيمة تقارب 6 مليارات دولار أمريكي. وفضلًا عن ذلك، ستحرص خطة التعويض عن الكربون وخفضه في مجال الطيران الدولي "كورسيا" على تعزيز الحياد الكربوني في الرحلات الدولية وستجمع ما يقارب 40 مليار دولار أمريكي من التمويل للأنشطة المتعلقة بالمناخ.

وفي آخر تقرير صادر عن الاياتا، حول الانبعاثات الكربونية قبل جائحة كورونا، كشف الاتحاد الدولي أن انبعاثات الكربون انخفضت للراكب الواحد بنسبة تزيد عن 50% منذ عام 1992، مشيرا إلى أن هذا التقدم، جاء  بفضل تعزيز الكفاءة السنوية لاستهلاك الوقود بنسبة 2.3% خلال الفترة الممتدة منذ عام 2009، لتتجاوز الهدف المحدد بحوالي 0.8%.

ويأتي هذا التحسن نتيجة للجمع بين الاستثمارات في الطائرات الأكثر كفاءة والكفاءات التشغيلية.