الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى ميلاده.. كيف أثرت البيئة القاسية على شخصية نجيب سرور وأعماله

صدى البلد

برز الشاعر نجيب سرور، الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده في عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وألف بعض المسرحيات والدواوين الشعرية، ولكن جرأته الشديدة وصراحته في انتقاد السلبيات تسبب في دخوله المعتقل، وتم إدخاله غصبًا مستشفى الأمراض العقلية عدة مرات، وتمتع بحس نقدي رفيع، فقد أنجز عددًا من الشروحات النقدية المهمة مثل "رحلة في ثلاثية نجيب محفوظ" التي تعرض فيها لروايات الكاتب الشهير. 



واشتهر نجيب سرور، ابن قرية إخطاب بمركز أجا في محافظة الدقهلية، بين الناس بقصيدته اللاذعة "الأميّات"، والتي جاءت كلماتها الجارحة وألفاظها الخارجة تعبيرًا عن حالته النفسية، بعدما تعرض له خلال حياته من تنكيل وتضييق واعتقال، وكانت هذه القصيدة أشبه بصرخة يطلقها سرور في وجه جميع الناس استياءً من أوضاع مصر في تلك الفترة. 

نجيب سرور ولع بالأدب والفلسفة وشغفه بالقراءة وكتابته للشعر بالعربية الفصحى، ولم يكبت رغبته الدائمة بمخاطبة الناس عبر المسرح، وكان التمثيل في نظره أداة التعبير الأكثر نجاعة، ويقول اصدقاؤه بأنه لم يلق عليهم قصائده بل قام بتمثيلها، وكان له من المهارة في الأداء والتحكم بتعابير الوجه وحركة اليدين ما يشد الناس إليه فينشدوا بكليتهم إلى موضوع القصيدة أو الحديث مثيرا عواطفهم ومشاعر الحب أو الكراهية والضحك أو العبوس وتدفق الدموع حسب الموقف.

لعبت البيئة القاسية والفقيرة التي عاش فيها سرور، وسط في الزراعة والأرض على غرار سائر الفلاحين في القرية، دور كبير في تأسيس شخصيته، فشبّ على رفض الاستغلال والإقطاع، والمناداة بتحقيق الحرية والعدالة في المجتمع، حيث كانت الأسر تحصل على قوت يومها من الزراعة وتربية المواشي، وكان تلك الأموال تستخدم في إرسال الأطفال للتعلم في المدارس الحكومية. 


أحب نجيب سرور منذ صغره المسرح والتمثيل، فالتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، بعدما ترك كلية الحقوق، وتخرج منه ليعمل في مجالي التمثيل والإخراج.

بدأ عهد سرور مع الشعر بكتابته قصيدة "الحذاء" سنة 1956، والتي صور فيها ما عاناه والده من ظلم وقهر على يد عمدة القرية، وانتمى سرور خلال شبابه إلى الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني، وفي عام 1958، سافر سرور في بعثة دراسية إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الإخراج المسرحي هناك.

وعانى سرور خلال تلك الفترة من بعض المشكلات، وتم سحب المنحة منه، وبقي سرور في الاتحاد السوفييتي، وبعدها قرر الذهاب إلى المجر، ومنها عاد إلى مصر سنة 1964.

وعلى الرغم من تعرض نجيب سرور للعديد من الأزمات، سواء سياسية أو نفسية إلى أن ذلك لم يقف حائلًا أما نشاطه الإبداعي، فألف مسرحية "بهية وياسين" عام 1965، وبعدها بعامين أنهى كتابة مسرحيته الثانية "يا بهية وخبريني"، وفي عام 1969، كتب مسرحية "الكلمات المتقاطعة"، وفي ذات العام أصدر مسرحية نثرية بعنوان "الحكم قبل المداولة"، وتابع سرور مسيرته مع المسرح، فقدم مسرحية "ملك الشحاتين" عام 1970، ولكن العام التالي كان حافلًا بالمعاناة؛ فقد انتقد سرور بشدة بعض الأحداث في الأردن، وهاجم طريقة معاملة الفلسطينيين في مسرحيته "الذباب الأزرق"، مما أثار غضب بعض الأجهزة التي منعت عرض المسرحية وصادرت النسخ المطبوعة منها.

وساهمت الضغوط التي تعرض لها نجيب سرور من اعتقال، ووضعه في مستشفى الأمراض العقلية، ومنع من النشر في خروج قصيدة سرور الشهيرة "الأميات" التي تميزت بقسوتها الشديدة وبألفاظها الجارحة والخادشة للحياء.

وأصدر نجيب سرور طوال حياته عدة دواوين شعرية منها: "لزوم ما لا يلزم" التي كتبها في المجر وصدرت عام 1975، وديوان "الأميات"، و"بروتوكولات حكماء ريش"، و"رباعيات نجيب سرور"، وديوانا "الطوفان" و"فارس آخر زمن".

ونشر أيضًا عددًا من المقالات النقدية في بعض الدوريات الأدبية، ولعل أبرزها: تحت عباءة أبي العلاء، وهموم في الأدب والفن، وحوار في المسرح.

واستمر إنتاج نجيب سرور حتى وفاته فقد كتب ديوان الطوفان الكبير وديوان فارس آخر زمن عام 1978 ولكنهما لم ينشرا حتى صدرت أعماله الكاملة في العام 1997.