الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى رحيلها.. فتحية العسال حُرمت من التعليم فتحدت التقاليد ولمع نجمها في الكتابة الأدبية

صدى البلد

ساهمت العديد من الأحداث في تكوين شخصية الكاتبة فتحية العسال التي تحل اليوم ذكرى رحيلها، وتأثرت الراحلة بتلك الأحداث في نشأتها مثل: ختانها ورؤيتها لخيانة أبيها لأمها وحرمانها من التعليم، الأمر الذي دفعها إلى الاهتمام بالقضايا الاجتماعية وقضايا المرأة بشكل خاص في كتابتها الأدبية. 

فتحية العسال من مواليد 26 ديسمبر 1933، وحُرمت من التعليم وتعلمت الكتابة فى سن كبيرة، حيث قررت العسال تعليم نفسها بنفسها، وتعلمت كيف تقرأ وتكتب اسمها، فخضع لها والدها، وأصبح يعلمها الكتابة الصحيحة، ولم تذهب إلى المدرسة، حيث كانت ممنوعة من الخروح، لذلك كانت تجلس إلى عمتها وخالتها وجدتها وأختها، وتزوجت من الكاتب عبد الله الطوخي، والذي انفصلت عنه في فترة من حياتها، وإبنتها هي الفنانة صفاء الطوخي. 

تعلّمت فتحية العسال الكتابة القراءة بصعوبة، وحينما كتبت أول جواب لزوجها، وأحس بما يعتمل من حب فى صدرها، وقال: "البنت دى مش معقولة، إزاي مادخلتش مدرسة وقادرة تكتب كدة؟".

وتقول العسال في حوار سابق عن تلك الفترة: "لما جاء وخطبنى الأستاذ عبد الله الطوخى الكاتب الكبير.. بدأنا نجلس معا للقراءة، وبدأنا بقراءة سلامة موسى، وجبران وكل الكبار.. وقد صنع الحب منا توأمة روحية تسمح لنا أن نقرأ معا.. وبدأ هو يكتب، وعندما يكتب لم يكن يبعث نصوصه للنشر إلا بعد أن أقرأها وأبدى رأيى فيها.. وحين يقتنع برأى لى فهو يعيد الكتابة، وكان يقول لى «يا معذبتي»، ضاحكة «لأنك تفرضى على إعادة الكتابة من جديد».. ولهذا أخذت الكتابة عندى أشكالا متعددة، وبعد أن كتبت للإذاعة، بدا أمرا غريبا أن أكتب للمسرح، وقد كتبت أول مسرحية سنة (1969)".

ورغم قصة الحب الذي كان بين الراحلين إلا أن الكاتبة فتحية العسال انفصلت، مبررة ذلك بأنها طلبت هذا عندما شعرت بأنه يحجم حركتها ويحاول فرض آرائه عليها، وكتب زوجها الكاتب عبدالله الطوخى عن هذا الموقف قائلًا: "فتحية طلبت الطلاق لإحساسها أننى أتملكها وهى لا تصلح لأن تكون مملوكة".

تناول الجزء الأول من كتاب السيرة الذاتية الخاص بالراحلة الفترة من 1933 «تاريخ ميلاد الكاتبة» وحتى عام 1953 «عندما اعتقل زوجها عبد الله الطوخي»، وتحكي الكاتبة عن تكوينها النفسي وتكثف الاحداث التي وقعت لها بوصفها طفلة ومراهقة منتمية لجنس النساء، فقد مورس عليها مختلف اشكال القهر تارة باسم التقاليد وتارة باسم الشرع وتارة باسم المفروض، فبرغم ان العسال كانت تنتمي الى عائلة متوسطة إلا إنها حرمت من التعليم في المرحلة الابتدائية ووضعت تحت رقابة شديدة من قبل اخيها حسني، الذي قام بقص خصلة من شعرها ذات يوم عقابا لها على الوقوف امام النافذة، كما انها لم تفلت من قبضة يده عندما شاهدها ذات يوم تسير في احدى المظاهرات المناهضة للاستعمار الانجليزي.

وتتحدث العسال في الكتاب عن قوتها عندما صممت على تعليم نفسها وتبدأ في كتابة قصص بتشجيع من والدها ـ وهو ما يجعل الأمر مفارقا، ينتهي الجزء الاول باعتقال عبد الله الطوخي عام 1953 بوصفه منتميا ـ مناضلا بالاحرى ـ الى الحزب الشيوعي.

ويموج الجزء الثاني بأحداث عامة، شاركت فيها العسال وبأحداث خاصة مثل علاقتها بأسرتها وبوالدة زوجها، كما يموج بأسماء مناضلين ومناضلات مثل عبد الرحمن الخميسي، فوزي حبشي، ثريا حبشي، زكي مراد، سعد زهران وغيرهم الكثير، وبرغم اعتقال الطوخي لم تتمكن العسال من رؤيته وتبادل الرسائل معه الا عبر المعلمة "جمالات كنكن" التي كان زوجها المعلم كنكن مسجونا على ذمة قضية مخدرات،  وساعدت المعلمة جمالات العسال خارج السجن وساعد المعلم كنكن الطوخي داخل السجن عبر تسهيل تبادل الرسائل.

كتبت العسال 57 مسلسلًا  منهم مسلسل رمانة الميزان وسيناريو مسلسل شمس منتصف الليل ، وحبال من حرير، وبدر البدور، وهى والمستحيل، وحتى لا يختنق الحب، وحبنا الكبير، ولحظة اختيار، ولحظة صدق الحاصل على جائزة أفضل مسلسل مصري لعام 1975، كما كتبت عشر مسرحيات  وهي المرجيحة والبسبور والبين بين ونساء بلا أقنعة وسجن النسا وليلة الحنة ومن غير كلام.