الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عزلة مؤلمة وكلفة باهظة.. موقع تركي: أنقرة بحاجة إلى صداقة القاهرة لا عداوتها.. أردوغان باع كل شيء ليشتري التحالف مع الإخوان.. وجبهة عربية أوروبية موحدة ضد أطماع السلطان

الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

خصومة تركيا مع الجوارين العربي والأوروبي عبثية وبلا جدوى
تركيا أصبحت طرفا في الأزمة الخليجية نتيجة تحالفها مع قطر
فشل المشروع الإخواني في العالم العربي جعل من تركيا حاضنته الرئيسية


خلال سنوات ما بعد موجة الربيع العربي، أصبح المحدد الرئيسي للسياسة الخارجية التركية دعم جماعة الإخوان ومشروعها للهيمنة على المنطقة، وليس المصالح الوطنية التركية الحقيقية، وهو ما أفضى إلى مواجهات فادحة الكلفة مع العالم العربي.


وبحسب موقع "أحوال" التركي، قادت هذه السياسة تركيا إلى خصومة عبثية مع مصر والسعودية والإمارات وسوريا، فضلًا عن خصومات لأسباب أخرى مع اليونان وقبرص تتعلق بالتعدي على ثروات البلدين في شرق البحر المتوسط، الأمر الذي شكل جبهة موحدة طبيعية من هذه الدول مجتمعة للتصدي للمخطط الإخواني التركي التوسعي.


وتابع الموقع أنه في أعقاب ثورة 30 يونيو التي أطاحت بحكم الإخوان في مصر، تبنت حكومة العدالة والتنمية سياسة عدوانية سافرة تجاه مصر، وتحولت إلى أداة الإخوان الرئيسية في مخططات زعزعة استقرار البلاد.


وعلّق الموقع على النقطة الأخيرة، مؤكدًا أن مصر هي البلد الأكبر في الشرق الأوسط، ولم يكن يجدر بتركيا الدخول في عداوة معها من أجل التحالف مع الإخوان، فلم يحقق ذلك أي مصلحة للسياسة الخارجية التركية، وكان الأنفع والأفضل للأخيرة أن تدرك مدى حاجتها إلى مصر كصديق لا كعدو.


وأضاف الموقع أن المؤلفات الرئيسية لجماعة الإخوان بدأت تُترجم على اللغة التركية بدءًا من عقد الستينيات، بما فيها مؤلفات مؤسس الجماعة حسن البنا، ومنظريها العقائديين سيد قطب ومحمد قطب، وأثرت بشكل كبير على رواد وحركات الإسلام السياسي في تركيا، والتي انبثق عنها لاحقًا حزب الحرية والعدالة الحاكم بزعامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.


وأوضح الموقع أن إسلاميو تركيا لم يكن لديهم إسهام كبير أو معتبر في مؤلفات وخطاب الإسلام السياسي، وبجانب ذلك فإن قيادات ودوائر حزب العدالة والتنمية لا تتمتع باطلاع واسع حتى على الخطاب السياسي الحالي الذي تتبناه جماعة الإخوان وتوابعها في العالم العربي، وقد كشفت زيارة إلى مصر قام بها قيادات من الحزب عام 2011 أنهم لا يدركون بدقة المعاني الكامنة وراء مصطلحات متداولة في الخطاب الإخواني آنذاك مثل "العلمانية" و"الدولة المدنية".


وأدى فشل المشروع الإخواني في العالم العربي إلى أن أصبحت تركيا الحاضن الرئيسي له، حيث تقاطعت الخطوط الرئيسية لهذا المشروع مع طموح أردوغان لإحياء الهيمنة العثمانية على العالم الإسلامي.


وكان من نتائج التحالف بين أردوغان والإخوان أيضًا أن وجدت أنقرة نفسها طرفًا في أزمة قطر مع دول الرباعي العربي الداعية إلى مكافحة الإرهاب، مصر والسعودية والإمارات والبحرين، والتي يُفترض أن حقائق الجغرافيا والمصالح الوطنية التركية الحقيقية كانت تقتضي أن تنأى أنقرة بنفسها عن تلك الأزمة، غير أن التحالف مع الإخوان جر تركيا بشكل طبيعي إلى تحالف مع قطر، بما يفاقم الخصومة العبثية غير المجدية مع العالم العربي.


وأضاف الموقع أن المصلحة الوطنية الحقيقية لتركيا كانت تقتضي إقامة علاقات جوار حسن وتعاون بناء مع جيرانها، عوضًا عن الدخول في عداوات ومشاحنات لا طائل من ورائها، وفي سياق كهذا كان يمكن لأنقرة لعب دور وسيط المصالحة في الأزمة الخليجية، لكن بدلًا من ذلك فضّل أردوغان حشر تركيا في خلاف لا ناقة لها ولا جمل فيه، فقط من أجل تحالفه مع جماعة الإخوان.


الأمر نفسه ينسحب على ليبيا، فأردوغان اختار الانحياز لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج في طرابلس، كونها أحد توابع جماعة الإخوان، ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وزج بأنقرة في حرب أهلية كان يمكن في سياق آخر أن تكون هي وسيط المصالحة فيها أيضًا، لكن مرة أخرى جر التحالف مع الإخوان أردوغان ومن ورائه تركيا إلى خصومة شائكة أخرى مع العالم العربي، بالطبع دون إغفال الأهداف المتعلقة بمطامع الرئيس التركي في ثروات ليبيا وشرق المتوسط، وسعيه لتنصيب نظام حكم حليف له في ليبيا لتأمينها.


وانتهت كل تلك العداوات غير المجدية مع الجوارين العربي والأوروبي إلى عزلة تامة وغير مسبوقة غرقت فيها تركيا، ولا يجد أردوغان مخرجًا منها سوى بالبحث المحموم عن أي فرصة للتقارب مع القوتين العظميين، الولايات المتحدة وروسيا، دون حتى أن يتخلى عن سياساته الاستفزازية تجاه هاتين الأخيرتين بدورهما.


وختم الموقع بالقول إنه عاجلًا أم آجلًا سيرتب التحالف مع الإخوان على كاهل تركيا كلفة باهظة تعجز عن تحملها، وعليها إذا ما أرادت تفادي المزيد من الغرق في مستنقع العزلة الإقليمية البدء بمراجعة سياستها تجاه الجوار العربي والعودة إلى رشدها وإيلاء الأولوية لمصالحها الوطني الحقيقية، لا التضحية بكل شيء من أجل الإخوان.