الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد النجار يكتب: المؤامرة الكبرى والشيطان

صدى البلد

سوء الظن من حسن الفطن: هذه حكمة عربية قديمة، لا تعني أن يكون الإنسان سيء الظن دائمًا، لكنْ حذرًا للوهلة الأولى، مُقدمًا احتمال الأسوأ حتى يفتدي نفسه من الوقوع فيه، ولذلك يقول عمر رضي الله عنه: لست بالخب ولا الخب يخدعني، والخب هو المخادع الغادر، وقد جاء في الحكمة الصينية: إذا نظرت إلى شيء مرة أولى تبين لك جماله، فإذا نظرت إليه ثانية تبين لك حقيقته، وهذا هو سبيل العقل وديدان العقلاء فإن الله قال: {فتبينوا}، لأن الأمور لا تبدو لنا واضحة بجلاء منذ الوهلة الأولى، إنما يحتاج الأمر إلى روية وأناة. 


نظرية المؤامرة: منذ أن ظهر وباء كورونا في منطقتنا العربية، ونحن جميعًا في حالة ارتياب وتشكك، في أن هذا الوباء ربما بشكل أو بآخر، هو أحد الوسائل التي يراد منها النيل من الإسلام، إن هذا الأسلوب في التفكير له ما يبرره فنحن أمة مستهدفة عالميًا منذ غزوة مؤتة وإلى الآن، والقضاء على الإسلام غاية معلنة لدى عديد من الأعداء التاريخيين الذين تتنوع وتتعدد أساليبهم لتحقيق لذلك الهدف. 

والشعور بالمؤامرة أمر تميل إليه النفوس التي تشعر بالاضطهاد أو الاستهداف على المستوى الشخصي أو الأممي، فالناس كل الناس يميلون عادة إلى افتراض وجود المؤامرة مع كل كارثة تقع، وهذا لا يخص العرب وحدهم، إنما كل الناس على هذا الحال، حتى الغرب، فهذا هو رئيس أمريكا ترامب يرفع الإنجيل من أمام كنيسة سانت جون عندما تعرضت لحريق أثناء الاحتجاجات الشعبية على مقتل جورج فلويد، وكأنه يوجه رسالة ما مدلولها الشعور بالمؤامرة، وكأنه يقول إن وراء هذا الفعل وفي ظل جائحة كورونا التي حصدت من أرواح الأمريكيين ما لم تحصده كارثة أخرى منذ الحرب العالمية الثانية، مؤامرة ما تستهدف أمريكا وربما مبادئها الدينية أيضًا على وجه الخصوص. لكن إذا كان لسان حال رئيس أمريكا يدل على ذلك فكيف بالمسلمين. 

خيوط المؤامرة بين الغرب والصين: لقد كانت أصابع الاتهام في البدء تشير بعفوية إلى أعدائنا التاريخيين، فإذا لم يكن الغرب وحلفاؤه هم الذين يعملون على الخلاص منا فمن؟!، لكن عدالة السماء أبت إلا أن يتجرعوا جميعًا من كأس كورونا حتى رُسابته، لقد بدى جليًا مدى ما لحق بهم من خسائر بشرية، وما لحقهم من اضطراب وعدم سيطرة على الموقف، وعجز كبير في مواجهة ذلك الكائن المتناهي في الصغر، لقد فضح كورونا ذلك العالم الغربي الذي لطالما جهد في إلحاق الهزيمة النفسية بنا، على مدى عقود من الزمن، ذلك العالم الذي ما فتئ يؤكد في كل مناسبة على تفوقه في صلف وتعال، حتى قال قائلهم يوما أن الذي بيننا وبين أمريكا لا يقل عن مائة وخمسين عامًا من التقدم التقني!، وربما كان ذلك صحيحا في بعض الجوانب التي منعونا من اللحاق بهم فيها، إلا أن الأمر بشكل العام ينطوي بلا شك على كثير من المبالغات والأضاليل، التي صنعها الإعلام البارع، والتصوير الفني المتقن، لقد صدَّقُوا أنفسهم من فرط إتقانهم حرفة التزييف، وصدقناهم أيضًا، لأننا لم نكن نملك مع الانبهار بما تقدموا فيه فعلًا من صناعة القنابل وأدوات التجسس وأسلحة الدمار الشامل وناطحات السحاب وبراعة التنظيم وجودة المخرجات التجارية، مع كف أيدينا عن صنع شيء مما يصنعون، أو زراعة شيء مما يُصَدِّرُون، لقد تَمَلَّكَنا مع هذا وذاك رضوخ وإعجاب وانبهار، لكن ها هو كورونا ذلك المخلوق الحقير الصغيرُ غاية الصغر، يُعَرِّيهم، ويظهر للعيان حقيقة حجمهم، مهما حاولوا من إخفاء ذلك أو التعمية عليه. 

أما الصين: فها هي الصين رغم أنها موطن الداء، وما ترك منها كورونا مقاطعة إلا وله فيها أوفر النصيب، إلا أنها سارت مع الجائحة على خطى أستاذتها أمريكا، لقد تعلمت منها صناعة الزيف، وتعظيم الأوهام، وأدركت أن أسهل وسيلة لتحقيق النفوذ والسيطرة، وبسط الهيمنة، وفرض التبعية، وتغيير القناعات، إنما هو صناعة الانبهار، لقد انتشر الوباء في مقاطعاتها الثلاثين، وأكل عليها وشرب وثمل، لكنها تكتمت على ذلك، شهورًا، وحين أظهرته للعالم، لم تُظْهِر من الحقيقة سوى ذلك السوق البئيس الذي تُباع فيه لحوم الكلاب والخفافيش في مقاطعة وهان، أظهرت ذلك مع بروباجندا Propaganda أو دعاية شديدة التأثير تُظهر مدى ما وصلت إليه الصين من تقدم ورقي حتى قال قائلهم (كوكب الصين)!، لكن الحقيقة لم تلبث أن تكشفت مع الأيام، الأمر الذي حدى بصحيفة بيلد الألمانية واسعة الانتشار في 12 مارس 2020 أن تقول في افتتاحيتها في لهجة بالغة السخرية: (تشمل أعظم إنجازات الحضارة الصينية صناعة الخزف والورق والخداع). 

إن كورونا عندي رغم كل الفواجع هو هدية سماوية، للمسلمين والعرب، على المستوى العام، هدية رغم الألم والموت وفقد الأعمال، لقد تجلى للعيان، حجم هؤلاء وهؤلاء، ومقدار ما يمارسون من الكذب، وبقي علينا فقط أن نتعامل مع ذلك بما يليق من الوعي والحذر. 

بيل جيتس وحكومة العالم الخفية: يحاول البعض أن يكرس لنظرية المؤامرة بكل قوة وفي أي اتجاه، ولكي يخدم هذه الفكرة فإنه يسير ويجول ويصول ويكتب وينشر ويردد ما يسعه من الأقوال ويستشهد بما تقع عليه يده مما يخدم فكرته ويعزز شكوكه ولو من بعيد، على هذا النحو ومع افتضاح الحكومات الغربية والصين وهزيمتها في مواجهة الوباء، ألحت على البعض في الغرب وعندنا من بعدهم فكرة أن بيل جيتس وثلاثة عشر رجلا آخر معه هم الذين يديرون شؤون العالم من خلف الستار، يريدون السيطرة على البشر من خلال: (1) زرع شرائح الكترونية بحجم حبة الأرز في جسم كل إنسان، في الظاهر لتشخيص المرض أول ظهوره وفي الباطن لتعقب الناس ومعرفة كل شيء عنهم. (2) إلغاء النقود الورقية واستبدالها بالنقود الإلكترونية كالبتكويين وأخواته. والحقيقة أن أصحاب هذه النظرية في هذا الشق منها لم يقدموا شيئًا ذا بال يمكن البناء عليه أو حتى مجرد التعاطي معه، فلكأنهم عندي يرفضون في قرارة أنفسهم افتراض أن يكون هذا الوباء عقوبة من الله للبشرية، إن معظم القائلين بهذا القول هم من المتدينين المسلمين وغير المسلمين، الذين أفجعهم غلق المساجد والكنائس، ثم إنهم ما قدَّموا إلا تخمينات واتهامات وادعاءات يشبوها كثير من التضخيم، ومحاولة صناعة أبطال من ورق، فلعل هذا أيضًا جزء مقصود من حرب نفسية يراد منها تحقيق مكاسب لفئة ما في اتجاه معين، وسوف أوضح ذلك وأعرية بعد قليل. أما أرباب المال الثلاثة عشر، والعملات الإلكترونية، فهم أحد أبرز ضحايا عبد الله (كورونا)، فما أن ظهر كورونا حتى تهاوت قيمة العملات الإلكترونية وفقد المتعاملون فيها ثقتهم، فها هي صحيفة الإندبندنت العربية في 1/3 الماضي تقول: (خسرت سوق العملات الرقمية المشفرة حتى صباح ذلك اليوم 44.1 مليار دولار بنسبة انخفاض بلغت 15.25%). 

وعلى هذا النحو نجد أيضًا أن بيل جيتس وغيره من أثرياء العالم لم يسلموا من وطأة الجائحة على الاقتصاد، لقد خسر بيل جيتس وحده نحو 10 مليارات دولارا من ثروته، وخسر غيره نحو ذلك أو أقل بقليل بحسب الصحيفة سالفة الذكر. 
وهكذا وفي ظل هذه الخسائر ومع عدم وجود دليل على تورط أحد من هؤلاء في نشر ذلك الوباء، مع ما لحق بدولهم من خسائر بشرية واقتصادية، ومع ذلك لم نجد من يُجري معهم تحقيقًا بهذا الخصوص، مما يدل على أنها مجرد شكوك وأوهام لا يمكن لعاقل أن يسير معصوب العينين في ركاب من يروج لها. 

الأمر أعقد من ذلك:  يقول أصحاب نظرية المؤامرة إن من السذاجة أن نعتقد أن بيل جيتس ومن معه لهم أهداف مالية بحتة، إنما هم مجرد أدوات في أيدي أناس آخرين يسعون للسيطرة على العالم تمهيدًا لحكم المسيح الدجال، وهم في سبيل ذلك يسعون إلى توحيد العالم دينيًا واقتصاديًا وسياسيًا عن طريق تدمير جميع الأديان والحكومات والسيطرة على أجهزة الإعلام. 

المؤامرة وعقيدة الشيطان: وليام جاي كار هو باحث كندي وضابط بالبحرية البريطانية عمل في وزارة الإعلام والاستخبارات والمكتب الإعلامي الصهيوني، وكان مؤمنا إيمانًا شديدًا بالقضية الفلسطينية، في عام 1952 رحل إلى أمريكا وكتب هناك كتابا مهما اسمه (سرقة أمة) أثبت فيه بطلان الحق التاريخي لليهود في فلسطين، وكان مؤمنًا بشدة بنظرية المؤامرة، وروج لها في عديد من كتبه التي من أهمها كتاب: (أحجار على رقعة الشطرنج) ألفه عام 1955م، وذكر فيه أن هناك حكومة خفية وجماعة سرية تسيطر على العالم، ويقال لهم (المتنورون أو النورانيون) ويستخدمون التنظيمات السرية الأخرى مثل الماسونية لتحقيق أهدافهم، وتتلخص عقيدة النورانيين في أنهم يعبدون الشيطان، ينقل عنهم: (وليام جاي كار) في: "أحجار على رقعة الشطرنج" ص19: (يجب أن نقول للجماهير إننا نؤمن بالله ونعبده، ولكن الإله الذي نعبده لا تفصلنا عنه الأوهام والخرافات، ونحن الذين وصلنا إلى مراتب الاضطلاع العليا يجب أن نحتفظ بنقاء العقيدة الشيطانية، نعم إن الشيطان هو الإله ولكن للأسف فإن أدوناي ــ هذا الاسم الذي يطلقه الشيطانيون على الله عز وجل ــ هو كذلك إله، فالمطلق لا يمكن أن يوجد إلا كإلهين، وهكذا فإن الاعتقاد في وجود إبليس وحده هو كفر وهرطقة وأما الديانة الحقيقية والفلسفة الصافية فهي الإيمان بالشيطان كإله مساو لأدوناي، ولكن الشيطان وهو إله النور وإله الخير يكافح من أجل النور ومن أجل الإنسانية ضد أدوناي إله الظلام والشر)، ويظهر لنا أن هؤلاء الذين يعبدون الشيطان هم الذين يوجهون العالم فيقول: (إن أتباع الكنيس الشيطاني هم الذين يوجهون في عصرنا الحاضر حكوماتنا ويجبرونها على الاشتراك في الحروب والثورات)، وهو يقول بأن هؤلاء هم الذين خططوا للحرب العالمية الأولى لأجل الإطاحة بحكم القياصرة في روسيا وإتاحة المجال للإلحاد، وخططوا للحرب العالمية الثانية من أجل تمكين اليهود من إقامة دولتهم في فلسطين، ويخططون أيضًا لحرب ثالثة بين الصهيونية السياسية والعالم الإسلامي بحيث يقوم الإسلام والصهيونية بتدمير بعضهما البعض وفي الوقت ذاته تقوم الشعوب الأخرى بقتال بعضها البعض حتى تصل إلى حالة من الإعياء المطلق الجسماني والعقلي والروحي والاقتصادي، ثم هو ينقل عن بابك الرئيس الثاني لهذه الطائفة الشيطانية، أن بعد الحرب العالمية الثالثة سيتعرض العالم لكارثة إنسانية عامة يكتشف العالم معها بشاعة الإلحاد المطلق وأنه منبع الوحشية، كما ستهتز ثقة الجماهير المسيحية في فكرتها اللاهوتية، عند ذلك سيأتي النور الحقيقي من عقيدة الشيطان الصافية التي ستصبح ظاهرة عالمية نتيجة لتدمير الإلحاد والمسيحية معًا وفي وقت واحد. 

وتأتي علاقة بيل جيتس بالنورانيين من أنه أحد أبرز رجال الأعمال الذين نشر موقع: (رانكر) الأمريكي أنهم منخرطون في التنظيم، فبحسب موقع بوابة فيتو في 6/9/2015م نشر الموقع الأمريكي قائمة تضم عددا كبيرا من القادة والزعماء السياسيين ورجال الأعمال والاقتصاديين، وقال إنهم أعضاء "نافذون" في جمعية "النورانيين" السرية أحد أشهر التنظيمات الماسونية التي يقال إنها تحكم العالم من خلال "حكومة سرية". حيث تضم قائمة النورانيين عددا كبيرا من رجال المال والاقتصاد في العالم من بينهم الملياردير الأمريكي "جورج سورس" ومؤسس مايكروسوفت "بيل جيتس"، والرئيس السابق للبنك الدولي جيمس ويلفنسون الحائز على جائزة "ترومان" الإسرائيلية.
رؤية أخرى لمؤلف آخر: يرى الكونت الروسي شيريب سبيريدوفيتش في كتابه: "حكومة العالم الخفية" أن اليهود وراء مائة حدث تاريخي غامض، فهو ينطلق في كتابه من قناعة كاملة بوجود هيئة يهودية لها صفة عالمية قُدِّر عدد أفرادها مع بداية القرن العشرين بثلاثمائة رجل يهودي يعملون وفق خطة قديمة مرسومة للسيطرة على العالم، فهم حكومة خفية تحكم العالم من خلال عملائها ولا تتوانى عن قتل أو تحطيم أي مسؤول يخرج عن طاعتهم أو يقف حجر عثرة في وجه مخططاتهم. وما ينسبه سبيريدوفيتش للماسونية من أعمال في كتابه (حكومة العالم الخفية) هو نفسه ما ينسبه وليام جاي كار للنورانيين. 

الحقيقة الضائعة: بين الحقيقة والأوهام، والواقع والخيال، خيط رفيع، إذا لم يحافظ عليه الباحثون عن الحقيقة، أزلقتهم أهوال الواقع وفظاعاته، وغموضه في كثير من الأحيان إلى مهاوي الضلال، فوجود منظمة سرية للشيطانيين واقع، ولا يستبعد أن تكون لليهود حكومة خفية لا تتقيد بمكان، ولا يمكن إنكار وجود الماسونية ومحافلها ولا الشيطانيين ومحافلهم، في أمريكا وإنجلترا وغيرهما من بلدان العالم، لكن السؤال هل هذه المحافل التي تطمح للسيطرة على العالم من غير شك، هل هي وراء وباء كورونا؟!!

لا يمكن إنكار سعي الماسونية والشيطانية للقضاء على الأديان، وقد جاء في مجلة القوات المسلحة المصرية العدد 421 لسنة 1964م قول منقول عن حاخام إسرائيلي بمناسبة افتتاح أكبر محفل ماسوني بالعالم وفيه: (إننا جميعًا نعمل من أجل هدف واحد هو العودة بكل الشعوب إلى أول دين محترم أنزله الله على هذه الأرض وما عدا ذلك فهي أديان باطلة .. إلى أن قال: ونتيجة لمجهوداتكم سيأتي يوم يتحطم فيه الدين المسيحي والدين الإسلامي ويتخلص المسلمون والمسيحيون من معتقداتهم الباطلة المتعفنة ويصل جميع البشر إلى نور الحق والحقيقة). كما أنه من الثابت تاريخيًا أن آدم وايزهاوبت أستاذ القانون الكنسي في جامعة (انغولد شتات) الألمانية قد ارتد عن المسيحية واعتنق الديانة الشيطانية وقد أجَّرَهُ المرابون اليهود القائمون على مؤسسة روتشيلد في ذلك الوقت 1770م لمراجعة وإعادة تنظيم البروتوكولات على أسس حديثة والهدف من هذه البروتوكولات التمهيد لكنيس الشيطان للسيطرة على العالم. عن طريق تقسيم الشعوب إلى معسكرات متنابذة تتصارع إلى الأبد.

 هذه حقائق معروفة تدل أن هذه كيانات موجودة، لكنها لا تدل على شيء أبعد من ذلك. والربط بينها وبين الكوارث التي لا تفسير لها، والحوادث التي لم يُستدل على فاعلها يحتاج إلى دليل آخر، فلا ينبغي أن يجعلنا الشعور بأننا مستهدفون أن ننساق وراء كل موتور هنا أو هناك مولع بحب الظهور أو موهوب في الكتابة.

لا تقولوا تعس الشيطان: في حديث جميل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يرويه أحمد والنسائي والطبراني بإسناد صححه الهيثمي في مجمع الزوائد عن أبي المليح بن أسامة، عن أبيه قال: «كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعثر بعيرنا فقلت: تعس الشيطان، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لا تقل: تعس الشيطان، فإنه يعظم حتى يصير مثل البيت، ويقول: بقوتي، ولكن قل: بسم الله، فإنه يصير مثل الذباب»، فهذا توجيه نبوي ثمين، بالغ الأهمية، فإن هذه التنظيمات المعادية للدين والتي تعمل على تخريب الأوطان، وهدم القيم، إنما تلجأ في تحقيق مخططاتها إلى المؤامرات والدسائس وشراء الذمم والقتل، لكن هل هذا دليل قوة أم دليل ضعف؟، إنهم لو كانوا من القوة التي تمكنهم من تحقيق أهدافهم في العلن لفعلوا، لكنهم يمارسون ألاعيبهم في الخفاء لأنهم لا يمتلكون القوة الكافية للسيطرة الفعلية على العالم كما يطمحون، نعم قد يكون لهم نفوذ لدى بعض الدول، لكن لهم أعداء كثر في دول أخرى، ولذلك يقول أحمد راتب عرموش في مقدمة الترجمة العربية لكتاب: (حكومة العالم الخفية)، يقول عن هذه التنظيمات: "إن قوتها الفعلية أمر فيه نظر والذي نعتقده أن ما يُكتب ويذاع فيه الكثير من التهويل والمبالغة وذلك مما يُرضي قادة تلك المنظمات ويجعلهم يضحكون في سرهم مما يُكتب ويُذاع وهم أعرف بأنفسهم بل ربما ساعدوا على زيادة التهويل والتشويش ضمن مخطط مدروس بأساليب نفسية مركزة".


وهكذا حينما تتعثر الإنسانية أو تصيبها نائبة أو تلم بها جائحة، لا ينبغي لها أن تلجأ لتفسير غموض أسباب ذلك، باتهام الشيطان وأولياءه ومن يروجون لدينه ويعبدونه ويطمحون إلى التمكين له، لأن في ذلك الاتهام تعظيما لشأن الشيطان، وهو أحقر من ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين تقول (تعس الشيطان) يتعاظم ويقول بقوتي، سبحان الله، إنه لم يفعل شيئًا أصلًا، لكنه يقول: بقوتي، ويصير مثل البيت، يعني من شدة غروره يتعاظم فيكون كأنه مثل البيت في علوه وارتفاعه وضخامته، فلذلك يوجهنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيقول: قل: (بسم الله) فإنه: أي الشيطان، يصير مثل الذباب.