الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إثيوبيا تتبع مبدأ مفاوضات لا تنتهي.. أيمن سلامة: من حق مجلس الأمن وقف بناء سد النهضة.. وخبير إماراتي يؤكد مصر تتصرف كقوة إقليمية كبرى

سد النهضة
سد النهضة

أزمة سد النهضة:
نادر نور الدين: العمل فى السد لا يتوقف
أيمن سلامة: من حق مجلس الأمن وقف بناء سد النهضة
 خبير إماراتي لـ صدى البلد: مصر تتصرف كقوة إقليمية كبيرة فى أزمة سد النهضة

أعلنت مصر ، منذ أيام، أنها تقدمت بطلب إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة، حول سد النهضة الإثيوبي، تدعو فيه المجلس إلى التدخل من أجل تأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان التفاوض بحسن نية، تنفيذًا لالتزاماتها وفق قواعد القانون الدولي، من أجل التوصل إلى حل عادل ومتوازن لقضية سد النهضة الإثيوبي، وعدم اتخاذ أية إجراءات أحادية قد يكون من شأنها التأثير على فرص التوصل إلى اتفاق.

واستند خطاب مصر إلى مجلس الأمن، إلى المادة ٣٥ من ميثاق الأمم المتحدة، التي تجيز للدول الأعضاء، أن تنبه المجلس إلى أي أزمة، من شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين. 

واتخذت مصر هذا القرار على ضوء تعثر المفاوضات التي جرت مؤخرًا حول سد النهضة نتيجة للمواقف الأثيوبية غير الإيجابية والتي تأتي في إطار النهج المستمر في هذا الصدد على مدار عقد من المفاوضات المضنية، مرورًا بالعديد من جولات التفاوض الثلاثية وكذلك المفاوضات التي عقدت في واشنطن برعاية الولايات المتحدة ومشاركة البنك الدولي، والتي أسفرت عن التوصل إلى اتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث والذي قوبل بالرفض من إثيوبيا، ووصولًا إلى جولة المفاوضات الأخيرة التي دعا إليها السودان وبذل خلالها جهودًا مقدرة من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يراعي مصالح جميع الأطراف.

إلا أن جميع تلك الجهود قد تعثرت بسبب عدم توفر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا، وإصرارها على المضي في ملء سد النهضة بشكل أحادي بالمخالفة لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في ٢٣ مارس ٢٠١٥ والذي ينص على ضرورة اتفاق الدول الثلاث حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، ويلزم إثيوبيا بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب.

وتعليقا على تطورات ذلك، يقول الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي العام، أن المواد الأولية الجوهرية، لتناول اختصاصات وسطات مجلس الأمن، في حفظ السلم والأمن الدوليين، أعادتهما لنصابها إذا حدث إخلال بهما، موضحا المواد التي أعتمدت على ذلك وهي:

المادة  24 من ميثاق الأمم المتحدة:
= رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به الأمم المتحدة سريعا فعالا، يعهد أعضاء المنظمة إلي مجلس الأمن، بالتباعات الرئيسية، في أمر حفظ السلم والأممن الدوليين، ويوافقون على أن هذا المجلس يعمل نائبا عنهم، في قيامه بوجباته التي تفرضها عليه هذه التباعات.

المادة 39:
= يقرر مجلس الأمن، ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلالا به، أو كان ما وقع عملا من أعمال العدوان ، ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير، طبقا لأحكام المادتين و41 و 42  لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعارته إلي نصابه.

وأضاف أستاذ القانون الدولي العام  في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد" أن مصر قدمت مشروع قرارلمجلس الأمن يتخذ تأسيسيا على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويطالب مشروع القرارا مجلس الأمن، بأن يأمر إثيوبيا بوقف بناء السد، لحين التوصل لإبرام التفاق نهائي لتشغيل سد النهضة بين الدول الثلاثة، فضلا عن عودة الدول الثلاثة المتنازعة الي طاولة المفاوضات.

واختتم الدكتور أيمن سلامة ، أستاذ القانون الدولي في تصريحاته لـ "صدى البلد" حيث أكد أن الأمر كلهُ، متوقف على التكيف الحصري لمجلس الأمن، الذي يختلف من حالة إلى حالة ومن ظرف إلى ظرف، في تحديد أن نزاع ما يهدد السلم والامن الدوليين.


من جانبة قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الأراضى والمياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة، إن مصر مستمرة فى المفاوضات منذ توقيع إعلان مبادئ الخرطوم عام 2015 ومن وقتها نتفاوض وإثيوبيا مبدأها استنزاف الوقت، وتتبع مبدأ مفاوضات لا تنتهى أبدا وعمل فى السد لا يتوقف، وليس فى نيتها الوصول لحلول تخدم التنمية فى إثيوبيا مع عدم الإضرار بدولتى المصب مصر والسودان.

وأضاف "نور الدين" فى تصريحات خاصة ل "صدى البلد" أنه من البداية إثيوبيا أعلنت مبدأ السيادة المطلقة على الموارد الطبيعية التى تمر فى أراضيها حتى لو كانت موارد مشتركة مثل الأنهار الدولية العابرة للحدود، التى تمر عبر الحدود الإثيوبية، مما أدى لفشل المفاوضات مع مصر والسودان لأنها تعتقد أنها مسيطرة على كل الأنهار الدولية وتريد فرض كامل الهيمنة عليها تأخذ منها ما تشاء وتترك ما تشاء.


وأشار إلى أن هذه القناعات الإثيوبية كاذبة وغير قانونية ولا تتبع القانون الدولى للأنهار العابرة للحدود، التى تعلن أن هذه الأنهار ملكية مشتركة وأن على إثيوبيا أن تراعى مصالح دولتى المصب.



وأكد أستاذ الأراضى والمياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة" أنه لم يعد أمام مصر غير حلين العسكرى أو السلمى ومصر دائما تختار الحل السلمى والحل الوحيد الذى بات متاحا للمفاوض المصرى، هو اللجوء لمجلس الأمن للتحكيم بين مصر والسودان وأثيوبيا حول الوصول لحل عادل لمشكلة سد النهضة وعدم البدء فى ملء السد بدون الاتفاق مع دولتى المصب.


ولفت إلى أن مصر تطالب بانتداب خبراء دوليين من البنك الدولى أو منظمة الأمم المتحدة للمياه للتحكيم ووضع أسس لنظام تشغيل وملء السد الأول، بما يضمن حقوق مصر والسودان المائية قبل أن يشتعل الصراع فى قلب القارة الأفريقية وهو جزء مهم جدا للعالم.


فيما اعتبر د. سالم الكتبي الخبير الإماراتي المتخصص فى العلاقات الدولية أن القيادة المصرية تتصرف في ملف سد النهضة بشكل هادىء تغلب عليه الحكمة والعقلانية بعيدًا عن الانفعالات والتشنج السياسي والاعلامي.

وقال الكتبي لـ صدى البلد إن مصر دولة كبيرة وعريقة وقائدة لأمتها العربية وتمتلك ثقلًا اقليميًا ودوليًا كبيرًا يحتم عليها التصرف بمسؤولية والالتزام بميثاق الأمم المتحدة ومبادئها، فضلًا عن أن مصر قد خاضت حروبًا عديدة في العصر الحديث وتستطيع بناء رؤية استراتيجية واعية حول قرار الحرب والسلام، وهو ماينعكس في موقف قيادتها الرشيد بشأن أزمة السد رغم خطورة وحساسية الموضوع وارتباطه الوثيق للغاية بالأمن القومي المصري باعتبار مياه النيل مسألة حياة أو موت بالنسبة للشعب المصري الشقيق.


وأشار الخبير الإماراتي إلى ان لجوء مصر إلى مجلس الأمن الدولي في مواجهة التكتيك التفاوضي الأثيوبي يمثل نهجا متدرجًا في إدارة هذه الأزمة المعقدة، لافتا انه يأتي مباشرة بعد وساطة أمريكية فشلت في التوصل إلى تفاهم بين أطراف الأزمة الثلاث بسبب تهرب الجانب الاثيوبي من التوقيع على الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال المفاوضات التي جرت في الولايات المتحدة الأشهر الماضية. 

كما أن للأزمة أبعاد فنية وسياسية وقانونية معقدة تحتاج فيها الأطراف الثلاثة إلى طاقات وبدائل تفاوضية هائلة ربما لا تتوافر في الظروف السابقة، ما يعني أهمية وجود خبرات دولية في المجالات ذات الصلة من أجل طرح رؤى وتصورات وحلول وبدائل مستمدة من خبرات المجتمع الدولي والدول الأخرى في تسوية مثل هذه الصراعات المعقدة.

وأكد إن إحالة مصر ملف الأزمة إلى مجلس الأمن تمثل خطوة دبلوماسية جيدة تستهدف نزع فتيل التوتر وإبعاد شبح الحرب خصوصا أن الجانب الاثيوبي يرفض أي وساطة أو دور دولي في حل هذه الأزمة، لافتا أنه لم يكن أمام مصر كخطوة سياسية لتفادي سيناريو لا يصب في مصلحة أطراف الأزمة ولا الأمن والاستقرار الاقليمي والدولي، سوى اللجوء إلى المؤسسة الدولية المعنية بتسوية الخلافات وانهاء التوترات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، حيث يعد حفظ السلم والأمن أحد أبرز مهام مجلس الأمن الدولي، المنوط به الاضطلاع بدور الوساطة وبحث اي شكاوى تتعلق بتهديد السلم الدولي والعمل على التوصل إلى حلول لها بالطرف السلمية، من خلال آليات عدة للتدخل السياسي في الأزمات، حيث يفترض أن قراراته ملزمة لجميع الدول الأعضاء، حيث ينفرد المجلس بسلطة اتخاذ ‏قرارات تُلزم الدول الأعضاء بتنفيذها بموجب الميثاق.

واعتبر  أن مصر بلجوئها إلى مجلس الأمن الدولي تتصرف كقوة اقليمية كبيرة تدرج حجم مسؤولياتها وتضطلع بدورها باعتبارها أحد أركان الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وباعتبارها أحد الدول المؤسسة للأمم المتحدة، وإحدى الدول الأكثر مشاركة في حفظ الأمن والسلم من خلال قوات حفظ السلام، فضلًا عن اختيارها عضوًا منتخبًا في مجلس الأمن خمسة مرات، ما يعكس حجم مسؤولياتها كعضو فاعل في الأسرة الدولية، وبما يفرض عليها التزامات كبيرة حيال حفظ السلام ومنع التوترات في قارة افريقيا والعالم.

وحول تأثير هذه الخطوة وردة فعل الجانب الاثيوبي، قأعرب الخبير الإماراتي عن امنياته أن تغلب الحكمة والعقلانية والمصالح والتاريخ والروابط المشتركة بين شعوب وادي النيل على فكر القيادة الاثيوبية وأن تفكر وفق استراتيجية بعيدة المدى وليس من خلال منظور تكتيكي لأن في الصدام خسارة لجميع الأطراف وللمنطقة برمتها، داعيا أن يتم تجاوز التوتر الراهن وأن تطغي الحكمة على سخونة الموقف الراهن، وأن يعود الجميع إلى طاولة التفاوض وفق إطار زمني وأهداف محددة.

ولفت الكتبي إلى أنه يعتقد أن هناك سوء فهم يطغي على أجواء التفاوض ويحتاج إلى جهود كبيرة للتغلب على ذلك من أجل مصالح الشعب المصري والسوداني والاثيوبي، فالمنطقة تحتاج إلى التوافق والتعاون وتبادل المصالح أكبر بكثير مما تحتاج إلى الصراع والمواجهة والتوترات العسكرية، خصوصًا أن الواقع الجيوسياسي للأزمة يفرض ضرورة التعاون والحوار ويجعل من الصراع السيناريو الأسوأ الذي يعود بالخسائر على الجميع.