الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منجم ثروات واستثمارات.. موارد ليبيا لا تروي جشع أردوغان للنهب.. السلطان يتعجل جني مكاسب حملته الاستعمارية.. والمعركة تستنزف الاقتصاد التركي المتردي

صدى البلد

وفد من كبار السياسيين والمستثمرين الأتراك المقربين لأردوغان يزور ليبيا
استثمارات تركية بعشرات المليارات في قطاعات الكهرباء والنفط والعقارات بليبيا
الصراع المسلح في ليبيا يعطل نمو المشروعات التركية ويدمر مكاسبها
خلل هائل في الميزان التجاري بين أنقرة وحكومة السراج لصالح تركيا


لا ينظر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى ليبيا باعتبارها مجالا حيويا للنفوذ الإقليمي التركي فحسب، وإنما تمثل بالنسبة له منجم ثروات وفرصا واعدة لاستثمارات تحقق فوائض ضخمة، ولذا لا يدخر أردوغان جهدًا لدعم حكومة الوفاق وميليشياتها الموالية له في معركتها ضد الجيش الوطني الليبي.


ويعتزم أردوغان إرسال وفد من كبار السياسيين ورجال الأعمال الأتراك المقربين منه إلى ليبيا لاستكشاف فرص الاستثمار في البلد العربي الغني بالثروات.


وبحسب صحيفة "عرب نيوز" السعودية الناطقة بالإنجليزية، فمن المتوقع أن يصل الوفد التركي إلى ليبيا في غضون الأسبوعين المقبلين، وأن يبحث عقد صفقات مع حكومة الوفاق في طرابلس برئاسة فايز السراج في مجالات النفط ومقاولات البناء والبنوك والصناعة.


وأضافت الصحيفة أن تركيا لطالما سعت إلى تأجيج الصراع في ليبيا من خلال دعم حكومة الوفاق في طرابلس ضد الجيش الوطني الليبي ومساعيه لتحرير العاصمة من سيطرة الميليشيات الموالية لأنقرة والمهيمنة على قرارات وتحركات حكومة السراج.


وبإسناد من مرتزقة سوريين وأجانب تولت تركيا نقلهم إلى ليبيا، تتمسك ميليشيات حكومة الوفاق حتى الآن بمواقعها في طرابلس ومحيطها، وتحاول التقدم باتجاه سرت في منتصف الساحل الليبي، ولكن بينما تحتدم المعارك بين الميليشيات والجيش الوطني يكشف أردوغان بصورة أكثر سفورًا ووضوحًا عن نهمه وتعجله لجني ثمار تدخله في ليبيا والهيمنة على أكبر قدر ممكن من مواردها وثرواتها.


ونقلت الصحيفة عن مصادر في أنقرة أن الوفد التركي المنتظر وصوله قريبًا إلى ليبيا سيركز بشكل رئيسي على صفقات إمداد حكومة الوفاق باحتياجاتها من الطاقة ومشروعات البنية التحتية، كما تخطط بنوك تركية للانخراط في إعادة بناء النظام المصرفي الليبي.


ولطالما مثلت ليبيا استثمارًا يولد ارباحًا وفيرة للشركات التركية، التي انخرطت في مشروعات ضخمة لتأسيس شبكات الكهرباء والتطوير العقاري منذ ما قبل الثورة الليبية عام 2011، ويُقدر حجم الاستثمارات التركية في قطاع مقاولات البناء وحده بـ 16 مليار دولار. 


غير أن العديد من تلك المشروعات والاستثمارات تعطلت أو تضررت بسبب الحرب الأهلية المستمرة منذ تسع سنوات، والتي يسعى أردوغان حثيثًا لحسمها لصالح حكومة الوفاق الموالية له كي يتفرغ لجني مكاسب المعركة ومضاعفة الاستثمارات التركية في البلد العربي الغني.


ومع انقطاعات في الكهرباء تبلغ 10 ساعات يوميًا بسبب تدهور حالة شبكة الكهرباء وإهمال صيانتها، تتفاوض شركة كارادينيز القابضة التركية مع حكومة الوفاق لتصدير 1000 ميجاوات من الكهرباء إليها.


وبشكل عام، يبغ حجم صادرات تركيا إلى ليبيا حاليًا ملياري دولار سنويًا، فيما يبلغ حجم الصادرات الليبية إلى تركيا 350 مليون دولار، ما يكشف الخلل الهائل في الميزان التجاري بين البلدين لصالح تركيا.


ونقلت الصحيفة عن الباحث بمعهد ستراتفور الأمريكي للدراسات الأمنية والاستراتيجية رايان بول أن الاستثمارات التركية في ليبيا ومساعدات أنقرة لحكومة الوفاق لا تعود بالنفع المادي والاقتصادي على النظام التركي فحسب، وإنما تلعب دورًا أساسيًا في تعزيز نفوذ أردوغان على السياسة والاقتصاد الليبيين.


لكن بول أضاف أن مثل هذه المساعدات وتكاليف التدخل التركي في ليبيا تستنزف الاقتصاد التركي على نحو مؤلم، وعاجلًا أم آجلًا ستجد أنقرة نفسها مجبرة على تقليص استثماراتها ومساعداتها لحكومة الوفاق، وتوجيه الجزء الأكبر من اهتمامها ومواردها لترميم الاقتصاد التركي المتردي نتيجة أزمات داخلية وخارجية متتالية مستمرة منذ سنوات.


وتابع بول "الاستثمارات بحاجة إلى الاستقرار كي تمد جذورها في الأرض وتبدأ بجني المكاسب، أما الاستثمار في ليبيا بوضعها الراهن فينطوي على مخاطرة جسيمة لأن الاقتتال والصراع المسلح يهدد بتعطيل أي مشروعات وتدمير أي مكاسب".

وختم بول بالقول "إنها لعبة طويلة الأمد. تركيا تأمل في بناء قوة ناعمة تؤسس لوجودها في ليبيا لسنوات مقبلة، لكن استثماراتها في ليبيا معرضة لخطر ضياع ثمارها لسنوات أيضًا قبل أن تلوح فرصة للاستقرار في البلاد وتبدأ الاستثمارات بتوليد الأرباح".