الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عقاب التحرش في الإسلام.. الأزهر: تبرير الجريمة بسلوك أو ملابس الفتاة يعبر عن فهم مغلوط.. ودار الإفتاء: جريمة لا تصدر إلا عن ذوي نفوس مريضة

التحرش
التحرش

  • التحرش في الإسلام
  • الأزهر: تبرير التحرش بسلوك أو ملابس الفتاة يعبر عن فهم مغلوط
  • دار الإفتاء: جريمة لا تصدر إلا عن ذوي النفوس المريضة
  • شوقي علام: على أولي الأمر أن يتصدوا لِمَظَاهِرِهِ المُشينة بكل حزم وحسم
  • التحرش أشد من الزنا الذي يمارسه الطرفان برضاهما


حكم التحرش في الإسلام.. لا يصدر التحرش إلا عن ذوي النفوس المريضة والأهواء الدنيئة التي تَتَوجَّه همَّتها إلى التلطُّخ والتدنُّس بأوحال الشهوات بطريقةٍ بهيميةٍ وبلا ضابط عقليٍّ أو إنسانيّ.


نرصد فى هذا التقرير موقف المؤسسات الدينية من التحرش وكيف واجهوه.


التحرش الجنسي
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن التحرش الجنسي حرامٌ شرعًا، وكبيرةٌ من كبائر الذنوب، وجريمةٌ يعاقب عليها القانون.


وأضاف المفتي، في فتوى له، أن التحرش لا يصدر إلا عن ذوي النفوس المريضة والأهواء الدنيئة التي تَتَوجَّه همَّتها إلى التلطُّخ والتدنُّس بأوحال الشهوات بطريقةٍ بهيميةٍ وبلا ضابط عقليٍّ أو إنسانيّ.


وشدد على أن التحرش الجنسي جريمةٌ وكبيرةٌ من كبائر الذنوب وفعلٌ من أفعال المنافقين، وقد أعلن الإسلام عليه الحرب، وتوعد فاعليه بالعقاب الشديد في الدنيا والآخرة، وأوجب على أولي الأمر أن يتصدوا لِمَظَاهِرِهِ المُشينة بكل حزم وحسم، وأن يأخذوا بقوة على يد كل من تُسَوِّل له نفسُه التلطخَ بعاره.


ونبه على أنه الشرع الشريف عظّم من انتهاك الحرمات والأعراض، وقبَّح ذلك ونفَّر منه، وتوعد فاعلي ذلك بالعقاب الشديد في الدنيا والآخرة، كما أوجب على أولي الأمر أن يتصدوا لمظاهر هذه الانتهاكات المُشينة بكل حزم وحسم، وأن يأخذوا بقوة على يد كل من تُسَوِّل له نفسُه التلطخَ بعاره.


حكم التحرش في الإسلام
وأشار إلى أن الشرع جاء بتحريم جريمة الزنا، وأنها من الكبائر، وهذا صادق على ما كان بالتراضي، غير أنه إذا كان من غير رضًا فإنه أشد جرمًا وأعظم إثمًا وبغيًا؛ حتى جعلت الشريعة هذا الفعل الدنيء أشد من الزنا الذي يمارسه الطرفان برضاهما؛ فوصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأحاديث النبوية الشريفة بأنه "أربى الربا".


وأكد أنه من المقرر شرعًا أن الربا كبيرة من كبائر الذنوب وأنها من "السبع الموبقات" التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقَرَنها بالشرك والقتل والزنا والقذف؛ فقال فيما أخرجه الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ»، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ».


وتابع: "وقد جاءت الأحاديث الشريفة بوصف التحرش الجنسي بالربا، بل بأنه "أربى الربا"، وهذا يقتضي أنه أشد جرمًا من الزنا الذي لا تحرش فيه: فأخرج الإمام أحمد في "مسنده"، وأبو داود في "سننه"، عن سعيد بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الِاسْتِطَالَةَ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ».


واستطرد: "وأخرج أبو داود في "سننه" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، اسْتِطَالَةَ الْمَرْءِ فِي عِرْضِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ»، وأخرج الحاكم في "المستدرك" عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الرِّبَا ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا، أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ، وَإِنَّ أَرْبَى الرِّبَا عِرْضُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ»، قال الحاكم: [هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه]، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ العراقي في "تخريج أحاديث إحياء علوم الدين" (5/ 2002، ط. دار العاصمة): [إسناده صحيح]".


أسباب التحرش
بدوره، تابع الأزهر الشريف ما تداولته وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة من حوادث تحرش، وصل الأمر في بعضها إلى حد اعتداء المتحرش على من يتصدى له أو يحاول حماية المرأة المتحرش بها، فيما سعى البعض لجعل ملابس الفتاة أو سلوكها مبررًا يُسوغ للمتحرش جريمته النكراء، أو يجعل الفتاة شريكة له في الإثم.


وفي هذا السياق، شدد الأزهر الشريف على أن التحرش - إشارة أو لفظًا أو فعلًا- هو تصرف محرم وسلوك منحرف، يأثم فاعله شرعًا، كما أنه فعلٌ تأنف منه النفوس السويّة وتترفع عنه، وتنبذ فاعله، وتجرمه كل القوانين والشرائع، يقول تعالى: «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا» (الأحزاب: 58).


وأكد الأزهر الشريف أن تجريم التحرش والمتحرِش يجب أن يكون مطلقًا ومجردًا من أي شرط أو سياق، فتبرير التحرش بسلوك أو ملابس الفتاة يعبر عن فهم مغلوط؛ لما في التحرش من اعتداء على خصوصية المرأة وحريتها وكرامتها، فضلًا عما تؤدي إليه انتشار هذه الظاهرة المنكرة من فقدان الإحساس بالأمن، والاعتداء على الأعراض والحرمات.


ولفت الأزهر الشريف إلى أن تحضر المتجمعات ورقيها إنما يقاس بما تحظى به المرأة من احترام وتأدب في المعاملة، وبما تتمتع به من أمان واستقرار وتقدير، فعندما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم التدليل على علو شأن الإسلام واستقرار أركانه، اتخذ من شعور النساء بالأمن مؤشرًا على ذلك، فجاء في الحديث الصحيح: "لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ (المرأة المسافرة) تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ (موضع قرب الكوفة)، حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ".




مواجهة التحرش
ودعا الأزهر الشريف إلى تفعيل القوانين التي تجرم التحرش وتعاقبه على فعله، كما يدعو المؤسسات المعنية إلى رفع الوعي المجتمعي بأشكال التحرش وخطورته، والتنفير من آثاره المدمرة على الأخلاق والحياء، خاصة التحرش بالأطفال، وتكثيف البرامج الإعلامية لتعريف المواطنين بما يجب عليهم من تصرُّفٍ حال وقوع حادثة تحرش، وبما يردع المتحرش ويوفر الحماية للمرأة أو الفتاة المتحرش بها، كما يطالب وسائل الإعلام بتجنب بث أي مواد تروج للتحرش أو تظهر المتحرش بأي شكل يشجع الآخرين على تقليده.